وجع المسافة

32

التقاط
د. أميرة عبدالعزيز

تَهاويتُ منْكَ

    أمْشِي هشَّةَ الخُطُوَات

    أرْضِي كلُّها عثَرَات

    أَنْبِشُ عنكَ في ذاتِي

    في شوقٍ صارَ ذَاكرَةً

    في همْسَةٍ صارتْ وديعَة

    تَحْمِلُنِي على أكْتَافِهَا

    وتعْبُرُ إليك

    بَداخِلِي وجعٌ …

    اخْتِصَار المَوْت

    ومازِلْت أبْحثُ

    عن سحرِ الطفًولَةِ

    فِي عيْنَيْك…

    هَاهيَ أوْراقِي تغْدو

    مُبعثَرةً.. تَتَرَنَّحُ العباراتْ

    مخمورَةَ الكلماتْ..

    لحْظةٌ نامتْ فِي جوْفِ القَمر

    وأخْبَرَتْنِي

    أنَّ أجْسادَنا أصبَحت أصْنام

    يَطْرُدُهَا الموْتُ.. والشَّياطِينُ

    خَجِلَةُ الِإغْوَاءْ..

    والصَّمْتُ

    الصمتُ كِيانٌ..يعيشُ في ذاتِي

    مُزْدحِمٌ به المَكَانْ.. ماعَادَ يَلينُ

    ولَا عادَ يَنْقُرَ دوائِرَ الأجْرَاس

    خَرْسَــاء و صمَّــاء هيَ

    اللحَظات

    جامِدَة الأحْضَانْ

    مِسكينَةٌ صَغِيرَتِي

    عقارب سَاعَتِي

    تَحْتَضِرُ ومَا زالتْ

    على قيْدِ الحياة

    وبَعْضِي يَتَأَمَّلُ بَعْضِي

    يَنْصَهِرُ في ذاكَ الهَمْسِ

    يَجتَازُ الحُدودَ

    ويُعيدُ الصَّمتَ للَّحَظَات

    إذنْ لِنَصْمُتْ.. قُبَيْل الفَجْرِ

    قبلَ أنْ.. نُسَافِرَ ونُودِّعَ

    ويَخْنُقُنَا الوَهْمُ

    لِنَصْمُتْ.. يَسْكُنُنَا الزَّمن

    وَهوِيَّةُ العمرِ ثَوانِي

    لحظَة

    تَشْتَرِي المَصِيرْ

    مَعْذِرَةً.. سقَطَتْ خرِيطَتِي

    وضَاعَتْ الحُدود

    أنكرَنَا الزَّمَانُ والمَكَان

    ومَا زِلْنَا نُجيدُ التَّصْفِيقَ

    والحقيقةُ تَذْكار

    يَعْجَزُ

    تُكَبِّلُهٌ المَسَافَاتْ

    وَبعْضُ الحُروفِ مَخْنَوقَةٌ

    وليتَ الدَّمْعَ يُغْتَال

    تَتَجَرَّعُه.. تحْتَسِيه

    أرواحٌ تشْتاق

    هيَ الأيَّامُ تأخذُ

    دقَائِقَ من جُنُوني

    بعِيداً

    سأُدفَنُ

    وأنْمو

    وأنْسِجُ ابتسامةً

    فوقَ بعْضِ وسَادَتِي

    وسأَمْشِي.. سَأَمْشِي

    في مدينَتِي في زُقَاقِي

    في صُراخِ أحشَائِي

    سأمْشِي فيكَ حوْلِي

    رونقُ كلِّ مكان

    تصحُو القصيدَةُ

    منْ جُرْحِ المعْزُوفَةِ

    وأنينِ النَّاي..

    وَعَرَفْتُ كيفَ

    عاشَ قيسٌ ليْلى.. وكيفَ ماتَهَا

    وكيفَ نسجْتَ أنْتَ

    منَ الحبِّ فَرَاشَات

    يا أنْتَ.. يا بيْتاً يأْوِي أحزَاني

    يا شِعْري وأحْلى الكلِمات

    يا أوْقَاتاً وهَبتْني دُروبِي

    وَطَوَّقَتْ ذَاتِي

    فِي عيْنَيْكَ سيِّدِي

    عِطْرٌ يُزَاحِمُ الأنْفاس

    وجْهُكَ المَلائِكِيُّ

    وسام على صدري

    يُنْشِدُ أحلى المُوَشَّحَات

    كَصَوْتٍ تحْلُمُ بهِ الدَّمْعَات

    كوجْهِ طفْلٍ.. كَضَمَّةِ جنِين

    كَلُجُوئِي لِذَاتي

    لابديلَ.. لا تكْفيكَ الحُروفُ

    لَا حُدودَ.. إلَّا صمتَ العِبَارَات

    أُعـانِـقُ فيكَ الأوْتار

    ويَا ليْتَهَا تدْري الأيَّام

    فَتَكُفَّ عنِّي الدَّهْرَ

    تَكُفُّ الأحْزان.. تَنْطِقٌ بالفَرَحِ

    رائحةُ قهوةِ صبَاح

    تَشْهَدُ عيْنَيْك

    حيثُ السَّماءُ في فؤادِكَ تعْلُو

    يا أنتَ يا كلَّ مشَاعِرِي

    لا تَسْأَلْني عنْك.. وعنِ المَوْقِدِ

    لا توقظْ الجِرَاح

    يا أنتَ يا أسرارَ أضلُعِي

    يا أنتَ يا وحْيَ قَلَمِي

    يا نُبُوءةً صدقتْ في الحبِّ

    فعَانَقَتْ توْحيدِي

    يا بحرَ هواجِسِي.. يا سذاجَةَ عمْرٍ يغْدُو

    يُحَطِّمُ قَوارِبِي

    ويَتذَوَّقُ طعْمَ الشَّوْقِ فِي أوْرِدَتِي

    فَيحْتَضِرُ الرَّحيلُ في عيْنَيْك

    عَليلاً يتَجَرَّعُ وجَعَ المسَافَاتْ

نشرت في صحيفة Bûyerpress في العدد 39 بتاريخ 2016/3/15

311

التعليقات مغلقة.