ربيــع أمريــــكا وخـريـف تـركــــيا…

23
121212
حميـــد خلـــف

حميـــد خلـــف 

 جاء ربيع أمريكا فور استلام الرئيس دونالد ترامب الحكم تحت شعار ”أمريكا أولا ” لاستعادة هيبة أمريكا، وبدأ يمهّد لطمر ربيع العرب في البحر الميت، فبعد سبع سنوات على ضرب المنطقة برياح خماسية هبّت عواصف التغيير، انطلاقاً من واشنطن ونيويوك ورصد موقفان يؤسّسان لتبديل قواعد الاشتباك لاسيّما بعد إعلام سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة ”نيكي هيلي” أن سياسة الولايات المتحدة في سوريا لم تعد تركّز على إزاحة الرئيس بشار الأسد عن السلطة وسألت هيلي.

هل نجلس هناك ونركز على إزاحته؟ بالطبع لا، لكن سؤال السفيرة قد أجاب عليه وزير خارجية أمريكا ريكس تيلرسون من أنقرة عندما قال إن وضع الأسد وعلى المدى الأبعد سيقرره الشعب السوري، وأبلغ تيلرسون الأتراك أن أمريكا تواجه خيارات صعبة في سوريا، وبحث مع المسؤولين هناك كيفية إنشاء مناطق لعودة اللاجئين إلى بلادهم، وهي تختلف عن تلك المناطق الآمنة التي حلمت بها تركيا على مدى سنوات الأزمة، وبتصريح واحد يكون وزير خارجية أمريكا قد أصاب أردوغان وأركان نظامه بجلطات سياسية وأمنية متتالية فهو أحاطه علماً بأن الأسد ”وعلى المدى الأبعد” سيختاره الشعب السوري أي أنه باق الآن وسيُنتخب في الدورة القادمة، في تخثر الدم المجلَط الأبعد الذي أصاب شرايين النظام التركي،فإن تيلرسون يؤكد لأنقرة أن لا مناطق آمنة لا اليوم ولا بعد حين، وعليه فإن تركيا لم تعد ترى أن عملية درع الفرات لازالت ذات جدوى، لذلك أعلنت انتهاءها لأنها حققت أهدافها ” حسب مجلس الأمن القومي التركي” .

لكن أيّاً من هذه الأهداف لم يكن قد تحقق بالأساس أو وصل إلى أول الطريق، فلا المنطقة الآمنة قامت ولا السيطرة التي كانت تنشدها تركيا قد فرضت من جرابلس إلى الباب ومنبج والرقة وصولاً إلى الطرق على أبواب دمشق، الذي كان يستهدف الرئيس الأسد قبل أسبوعين وأخفق في فتح بوابات العاصمة دمشق؛ إذاَ هو ربيع آخر في فصل الربيع الدامي ذات حرب أهلية طاحنة والتاريخ العربي أحبل بمثل هكذا حروب، والتاريخ يواصل استعاداته الماكرة.

 إن المتغيّرات تُحدث المفاجآت، فالطريق الدولي الإقليمي معبّد بالتسويات، والعرب و الترك ليسوا مخَيرين أبدا، بل مرغمين بالسير عليه ليس لأنه يعكس قناعتهم في رسم النهايات، بل لأن الرئيس الأمريكي ترامب قرر ذلك، وعندما تقرر أمريكا.. و ما أدراك ما أمريكا سيكون هناك ” كن فيكون “

التعليقات مغلقة.