نه تشت إعلامي.. Ne Tişt
ومن ذرات هذا الزمن الأغبر ومبتليات هذا العصر الفاشل برق ظواهر كونية جديدة وتبرعم كائنات حية دقيقة متظاهرة بصفات كائنات حيّة راقية، والتأقلم البيولوجي مع مفرزات هذه الأزمة التي تقاسمهم هذه الغنائم، فكان لكل فرد في هذا المجتمع بحسب حركته ونشاطه وميوله العاطفي وقوته المادية الفرز الأوتوماتيكي للفرع المجتمعي الجديد المناسب فإذا كنت من ذوي الخبرة في حفظ بضع أسطر من أقوال وكلمات يسارية من بقايا جريدة أو كتاب عاف عليه الزمن في مكتبة أحد الأصدقاء وعندك القدرة في الدفاع عن المرأة بغيابها والرجل بحضوره فأنت عندئذ تستحق أن تكون “نه تشت حقوقي” بامتياز.
وعند هبوب رياح اللإنسانية وحروق الانسان من أنفاسك المختنقة من الأركيلة والسجائر الفاخرة في كافيهات برلين وبريمن ولوكسمبورغ والتي علبة منها كفيلة بمعيشة عائلتين من خمسة أفراد، فأنت أهل وعم وابن خال وخوارزي لتكون “نه تشت إنساني ومدني”، وعندما تستطيع التمويه والاختفاء أمام العامة كالحردون في زي الاستقلالية الحزبية وبنفس الوقت تدافع بشراسة الك…. عن سكرتير حزبك الذي جندك متمثلا أنك تركته وفي الخفاء تدعمه برونقك الجديد. عندئذ مبروك عليك تسمية ” نه تشت سياسي ومستقل” يابو قوربانو، وعندما تتقن نسخ ولصق الأخبار من على الصفحات المختصة وتبدع في سرقة أفكار البوستات أو حتى سرقتها كاملا وتذييلها باسمك، وتتفرغ طوال يومك في ضغط آلاف اللايكات كنوع من التعايش المشترك كما يحدث في مملكة الطفيليات وحيدة الخلية مع متعددات الخلايا، فوقتها من هذا الذي يستطيع منافستك قورمجيو في لقب “نه تشت إعلامي”، وعندما تملك القدرة في تطبيق الكلمات المقالية غير الهادفة للقراءة أكثر من سطر واحد والمراوغة ف إماهة المواضيع الأساسية والإبحار في الثانويات غير الضرورية، والاقتباس إلى درجة أحرف الجر والعطف من غيرك، والتقوقع مع من يشاركونك هذه الهواية وإطلاق هاشتاقات وعناوين ومواضيع وعلاقات عاطفية مشتركة كل لحظة وليس كل يوم، وإمكانية حفظ بضع كلمات والارتجالية في تغريدها أمام عدسات كاميرات معينة، وقتها مين قدّك يا عم وانت تستحق صفة “نه تشت صحفي” حتى لو لم تكن تحمل شهادة التاسع أو شهادة البكالوريا في الفنون النسوية حتى…
ليش الميكانيكي الخبير بتصليح السيارات مهندس شي؟ لا. والمطهر اللي يقطع جراحيا ك….. الولاد طبيب جراح شي؟، كذلك الإعلامي والحقوقي والشأشون العام والإنساني، رأسمال أصحاب هذه البسطات، لاب توب وعدد لا بأس به من الأصدقاء على الفيس بوك والالتحاق بإحدى دورات تقوية الحس الإعلامي والصحفي والإذاعي والإنساني، والافتخار بتواجده في أحد وسائل الاضطهاد الذي مورس عليه في زمن الأفيون السياسي والذي لم يسلم منه أي فرد من المجتمع! ولكن لك الحق وحدك أيها ال “نه تشت” بالمتاجرة به وقت الزنقة وبعد فشل محاولات السب والشتم في ردودك البى أدبية على من هم أعلى منك شهادة وعمرا وقدرا، ومن المستحب تواجد صاحبنا ال “نه تشت” في الخارج ويا حبّذا في أوربا وحبيبة قلبنا ألمانيا لكي يستطيع إبداء رأيه بكل حرية وصفاقة وجلاقة، وعن كل ما ذكر فإننا في الداخل نبارك ولادة “نه تشت إعلامي” أو “نه تشت حقوقي” أو نه تشت صحفي” كل يوم في أزقة وحواري أفروبا ونتمنى ل “نتاشتاتهم” الموفقية في توحيد صفوفهم في الغربة وجلوسهم على طاولة الحوار والابتعاد عن الحملات الإعلامية ضدّ أنفسهم هناك وتشكيل وفد موحد يمثلهم في الفعاليات العامة بحروق الإنسان وتسلخاته..
نشرت هذه المادة في العدد (58) من صحيفة “Buyerpress”
بتاريخ 1/2/2017
التعليقات مغلقة.