روجآفا ومـسيرة المقاومة

43

لابد من التمعّن أكثر في إعادة النظر حول كل ما من شأنه تعزيز وترسيخ تجربتنا وتوجه خطنا ونهجنا المقاوم بحيث لا يمكن لأي حل أن يبصر النور في سورية دون أن يطلب إذن  المرور من بين سنابل وزيتون روجآفا”

آلدار خليل*

الدار خليل

 

تنهار يوماً بعد يوم طموحات تلك الأطراف التي راهنت على الذهاب بسورية نحو مأزق اللاحل وحصر الحلّ بأيديهم كما تركيا وغيرها عبر معارضات وقوى هشة لم تستطع الخروج من التبعية ومن كنف تلك الدول التي تدعي الدعوة إلى الديمقراطية في وقت لا يعطون أي معنى حقيقي للديمقراطية ليس في بلادهم فحسب وإنما حتى في القواميس التي يترجمونها، فتركيا التي عملت ومنذ البداية على تقديم الدعم السخي لمعارضات تآمرت أصلاً على الشعب السوري من خلال السكوت أمام السماح لتركيا بالعبث في الداخل السوري واستقدام مرتزقة ومأجورين مقابل طيب الإقامة وحسن الضيافة لتلك المعارضات عندها، ها هي تركيا اليوم وبعد محاولات كثيرة من تشويه قيم ثورة روجآفا ومعاداة المشروع الديمقراطي لمكوناتها ترقد إلى فراش العجز السياسي لتنهار كلياً أمام المقاومة التي دحرت الإرهاب وأبهرت العالم، فحالة الانتصار للنهج الديمقراطي المتبع في روجآفا دون الانحياز لأطراف تريد العبث بمستقبل الشعب السوري وكذلك حالة التنظيم الرائد في ثورة باكور كردستان التي كسرت الخطوط الأمامية لنظريات الحكم المركزي في تركيا كل هذا أدى إلى تخبط الذئب التركي والاستسلام أمام الدب الروسي وهذه المرة بثمن باهظ هو التخلي عن الائتلاف الإرهابي حسب الوصف الروسي والتخلي عن شعار سقوط الأسد وبالتالي تحولت السياسة التركية إلى نقيضة على ذاتها ليظهر ومن نتاج هذه السياسة التناقض مع كل من أمريكا والتحالف الدولي ولتعود تركيا من شعار “ضرورة الحل السوري بالموافقة التركية ورحيل الأسد وفرض الائتلاف” إلى دولة تبحث عن استرضاء الأطراف الرئيسية الراعية للملف السوري خاصة بعد أن ظهر الفشل التركي الواضح في ترقيع علاقتها مع الناتو بعد العراقيل التي عملت على إثارتها  لحماية داعش ومثيلاتها ناهيكم عن عودة تركيا دون ختم القبول ضمن معسكر الاتحاد الأوربي وطبع كلمة “تركيا لا تصلح أن تكون في الاتحاد” على جبين أردوغان بالحبر الاوربي الرخيص.

من الطريف أن يفكر البعض وخاصة من يعتبر نفسه من الأعمدة السياسية الكردية تفسير موضوع تحرك قوات سورية الديمقراطية في محاربتها للإرهاب على إنها مجازفة ومهام ليس من واجبها، ما يحدث اليوم في منبج يجب أن يكون مصدر فخر لكل من يحرص حقاً على مصلحة الشعب في روجآفا وينادي بتحقيق مستقبله الديمقراطي حيث لا يمكن العمل على بناء نظام ديمقراطي دون وجود قاعدة أمنية وجوهر أساسي يكرس المعنى الحقيقي لحالة الأمن العام السائد في المجتمع، لا يمكن العمل على بناء نموذج تاريخي جديد لمجتمع بينه وبين ألدّ أعدائه مسافات يمكن قياسها بالإبرة ناهيكم عن حالة التشويه والهجمات المضادة من القوى المنادية بالسلطة ومؤيدوها من أصحاب تعزيز النظام المركزي، ففي منبج اليوم يتم بتر ذراع الإرهاب المستهدف لمجتمعنا عدا عن المقاومة البطولية التي تم من خلالها فعلاً تعزيز مفهوم الحماية الذاتية وتحويل المجتمع إلى ركيز هام للإنتاج الديمقراطي المتعدد بالنظر إلى حالة الاختلاف القومي والديني والعرقي الموجود في روجآفا هذا على الصعيد السياسي، ثم ماذا كردستانياً عن فك حصار عفرين وتشكيل مركز قوة في مناطق الشهباء وبالتالي تهيئة الأرضية الحقيقة للنموذج الفيدرالي والانتقال نحو تحقيق تطلعات شعبنا في بناء مستقبله وتفعيل دوره الهام والريادي في المستقبل السوري بالإضافة إلى تبنّي الخط المقاوم الداحر للإرهاب وتعميم النموذج الديمقراطي هذا على عموم الشرق الأوسط طبعاً ولا ننسى هنا حالة الراحة التي سيتم إحداثها في الشيخ مقصود من خلال تخفيف الضغط الموجود على شعبنا هناك من النظام وأعوانه من المتآمرين عن المشروع الديمقراطي لروجآفا .. والأجدر بالذكر هو إن تحرير منبج سيحدث تغيير جذري في استراتيجية داعش وتحقيق شلل حقيقي في قنوات اتصاله مع العالم الخارجي وهذه أكبر وأهم هزيمة للتنظيم المتطرف فقطع علاقته مع الخارج ومع تركيا على وجه الخصوص يعتبر بمثابة قطع جذور الشجرة من التربة وبالتالي سيؤدي إلى فقدان التوازن وإحداث خلل عضوي واضح ينذر بدنوّ أجل التنظيم وستسعف أولياء أمره الداعمون له مادياً إلى غرف العناية المركزة، ولا يمكن أن نتناسى إن مدينة منبج غنية بموزاييكها الرائع وتمثل خير نموذج للتعايش المشترك والحياة الحرة على المستوى السوري فحالة التآلف والتنوع فيها ترسخ المعنى الحقيقي للحياة المشتركة ومشروع أخوة الشعوب وحالة الالتفاف حول الهوية المشتركة من اعتبارات تاريخية ووطنية وكذلك حالة الانتصار للنهج المقاوم الداحر لإرهاب العصر سيلقي دون شك بظلاله عن معادلة الصراع السوري وبالتالي الانتصار في منبج سيعطي قيمة حقيقة لمدى إصرار القوى المتحدة داخل المشروع الديمقراطي في روجآفا على المشاركة في الحل السوري – السوري وهذا ما سيتبلور في جنيف القادم بعد أن حكمت القوى الساعية لاستمرار التمزق في الجسد السوري على كل من جنيف 1و2و3 بالإعدام دون سماع الوصية.

تتحول روج آفا اليوم وبفعل الاستراتيجية التي تبنتها إلى ضرورة أساسية من ضرورات الحل السوري ولا يمكن تجاهل أي رأي أو مقترح مطروح من مكونات روج آفا، وبالتالي سياسة الرفض لوجود المشروع الديمقراطي في روج آفا يعتبر بمثابة المشاركة وتعزيز نظرية اللاحل في سورية وكل محاولة يتم فيها إبعاد وإنكار النهج المقاوم ومنهج الخط الثالث تعتبر دق أسفين من الطراز الصلب في نعش جهود السلام الرامية إلى الحل والباحثة عن محاولات النجدة لهذا الشعب الذي عانى وعلى مدار خمس سنوات الويلات على أيادي تجار الدم، وما يتحتم علينا وبشكل أكبر هو الالتفاف حول مشروعنا والتماسك بمعنى إفشال محاولات الإجهاض والحلول المضادة على أساس الخداع فنحن نمر بمراحل تاريخية وهامة في تاريخنا النضالي وحالة الاتحاد ضمن الجسد الواحد باختلاف تعدد الأعضاء ومهامها ضرورية وعلى هذا لابد من التمعن أكثر في إعادة النظر حول كل ما من شأنه تعزيز وترسيخ تجربتنا وتوجه خطنا ونهجنا المقاوم بحيث لا يمكن لأي حل أن يبصر النور في سورية دون أن يطلب إذن المرور من بين سنابل وزيتون روجآفا..

عضو الهيئة التنفيذيّة في حركة المجتمع الديمقراطي (Tev-Dem)

نُشر هذا المقال في العدد (49) من صحيفة  buyerpress

15/8/2016

مقال1

التعليقات مغلقة.