هل آن الأوان أن يصبح المجلس الوطني الكردي حزبا سياسيا؟

41
التقاط
أكرم حسين

” لأن من هو اليوم داخل المجلس ينتمي  إلى ” نهج البارزاني” لذلك أدعو ها من هذا المنبر إلى ضرورة التوحد التنظيمي  تحت مسمى  ” حزب المجلس الوطني الكردي” فهل يستطيع الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا  ان يفعلها ويكون على قدر التحدي والمسؤولية؟ سؤال برسم قيادة الحزب المذكور وعلى رأسه السكرتير سعود الملا ؟!!  “

 

فاجأت الثورة السورية  أحزاب الحركة الوطنية الكردية الكلاسيكية، والتي كان نضالها منحصرا  في  إطار إصدار بعض البيانات والنشرات الدورية وعقد الاجتماعات الحزبية وإحياء بعض المناسبات الثقافية والاجتماعية، باستثناء أحزاب لجنة التنسيق الكردية “يكيتي-آزادي-تيار المستقبل” التي خرجت في عدد من الاعتصامات وتعرض أعضاؤها للسجن والاعتقال بينما انخرطت بعض الأحزاب الأخرى في إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي الذي طالب بالتغيير التدرجي السلمي، وتم على إثرها اعتقال بعض قادته ( فداء حوراني ورياض سيف ) وكانت ردة فعل السلطة عنيفة تجاه بعض النشاطات، وفي عام 2008 تم اعتقال “مشعل التمو ” وأودع السجن بعد أن خضع لمحاكمة صورية، أصدرت حكمها باعتقاله لمدة ثلاثة سنوات يضاف إلى كل ذلك اصدار المرسوم 49 في العام ذاته، القاضي بمنع التملك في المناطق الحدودية والذي جاء أساسا  لاستهداف الكرد،  ودفعهم للهجرة وترك المنطقة؟ وقبل  الثورة كانت أغلبية الأحزاب الكردية منخرطة في إطار ما سمي آنذاك بالمجلس السياسي الكردي، ولاحقا أحزاب الحركة الوطنية الكردية، واتفقت فيما بينها على بعض الأسس في نضالها، للحفاظ على كينونتها، ووقف النزيف المستمر في جسدها، وتعزيز قدراتها، وتوسيع مشاركتها في الساحة السياسية الكردية والوطنية.
عندما انطلقت الثورة السورية في درعا عام 2011 خرج بعض الشباب الكرد والمثقفين والنساء في تظاهرات في مدينة قامشلو، سرعان ما توسعت وعمت المدن الكردية الأخرى، وكان موقف معظم الأحزاب الكردية آنذاك سلبيا تجاه  التظاهرات، حيث تصدى لها البعض بشكل مكشوف وعلني وسافر على رؤوس الأشهاد، وبدون خجل أو مواربة، وحاول التشكيك والتقليل من جدواها، وثني الشباب عن  الخروج في هذه التظاهرات، وفي أوائل أيّار 2011 اجتمعت معظم الأحزاب الكردية في مدينة قامشلو وأصدرت بياناً وضعت فيه تصورها لحل سياسي للأزمة، اتسم بالاعتدال ودعا إلى إجراء حوار بين السلطة والمعارضة لحقن الدماء ووضع مبادئ لإصلاحات ديموقراطية، من ضمنها تحقيق المطالب المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد، ونتيجة لرفض أحزاب الحركة الوطنية الكردية المشاركة بالتظاهرات اعلن “تيار المستقبل”  انحيازه إلى الثورة وإلى الشباب، وخرج من  صيغة أحزاب الحركة، التي كانت تضم معظم الأحزاب الكردية السورية تقريبا، وبعد خروج “مشعل التمو” من السجن تم عقد اللقاء التشاوري بالتنسيق مع فيصل يوسف و المرحوم عبدالرحمن آلوجي وبعض المثقفين الكرد ونشطاء المجتمع المدني في مدينة قامشلو 15/9/2011 بحضور أكثر من مائة شخصية من كافة شرائح المجتمع الكردي وخرج اللقاء بتوصيات مهمة، مما دفع بقية الأحزاب للاستنفار والتحرك بغية قطع الطريق على أي اطار محتمل قد ينشأ في المستقبل و يغير من قواعد اللعبة والاشتباك، لذلك سارعت إلى تأسيس المجلس الوطني الكردي في 26/10/2011 بدعم ومساندة من اقليم كردستان العراق، ونتيجة الاختلاف في توزيع الحصص والمقاعد تم استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)، الذي طالب بتمثيل أكبر لعدد من منظماته في المؤتمر كاتحاد ستار والشباب ومؤسسة عوائل الشهداء ..الخ وقام بتأسيس مجلس غرب كردستان الذي ضم بين دفتيه كل مؤسسات الحزب المذكور، ومع تقدم مسار الأحداث وتطور الثورة، واختلاف القراءات، حصلت بعض الاتفاقيات الكردية “هولير الاولى والثانية ودهوك وملحقها”، وتشكيل “المرجعية السياسية الكردية” التي ضمت أحزاب المجلس الوطني الكردي وأحزاب حركة المجتمع الديمقراطي (Tev-Dem) وبعض الأحزاب الأخرى، لكن ما جرى في جلسة اختيار اعضاء “المرجعية” كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير! مما أدى إلى طرد ثلاثة أحزاب من المجلس الوطني الكردي بحجة وقوفها إلى جانب مرشحي الطرف الآخر ، وتم تعطيل المرجعية والاتفاقية معا ولا زالت، ولا ننسى هنا بأن ثلاثة أحزاب أخرى كانت قد أعلنت انسحابها من المجلس وانضمت إلى الإدارة الذاتية القائمة، مما جعل المجلس يبدو وكانه يضم قوى وشخصيات وفعاليات تنتمي إلى لون واحد وفكر واحد رغم ان المجلس في بداية تأسيسه كان عبارة عن تحالف سياسي  يحتوي في ثناياه مجموعة  من الأحزاب الكردية ذات التوجه السياسي المختلف قوميا وفكريا، فالبعض كان قريبا من هولير والآخر محسوبا على السليمانية أو قنديل إضافة إلى وجود  أحزاب مرتبطة بدمشق وتعمل بعيدة عن الاجندة الكردستانية منذ وقت طويل.

   أما اليوم  فإننا نكاد لا نرى أية اختلافات جوهرية بين أحزاب المجلس الوطني الكردي ومكوناته السياسية  والاجتماعية  لا بل تكاد تتطابق كلها في النهج والفكر أو الطرح السياسي وتعلن التزامها المطلق بنهج البارزاني بعد استبعاد  بعض الأحزاب والقوى التي كانت تنتمي إلى هذا اللون السياسي أو ذاك،  و المراقب والمتتبع لخط سير المجلس لا يجد اليوم سببا لبقاء هذه الأحزاب والفعاليات كمكونات تنظيمية مستقلة داخل المجلس، بعد توحيد أربعة أحزاب سابقا  تحت مسمى “الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا” وهي تجربة لا زالت قائمة حتى الان، ومن الخطأ بقاء مكونات المجلس من أحزاب وتنسيقيات ومستقلين دون أية وحدة تنظيمية في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية، لأن من هو اليوم داخل المجلس ينتمي  إلى ” نهج البارزاني” لذلك أدعو ها من هذا المنبر إلى ضرورة التوحد التنظيمي  تحت مسمى  ” حزب المجلس الوطني الكردي” فهل يستطيع الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا  أن يفعلها ويكون على قدر التحدي والمسؤولية؟ سؤال برسم قيادة الحزب المذكور وعلى رأسه السكرتير سعود الملا ؟!!  بعد ترحيب رئاسة إقليم كردستان باقتراح الدولة الفدرالية  في سوريا، وتصاعد الاصوات المطالبة بها كشكل من أشكال حق تقرير المصير للشعب الكردي في سوريا، في وقت ولى فيه  زمن التصريحات والتمنيات ،وحلّ محله زمن التضحيات الجسيمة والنتائج الملموسة ….؟؟!!!

*كاتب وسياسي مستقل

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 39 بتاريخ 2016/3/15  

33             

التعليقات مغلقة.