في مؤتمري “الرياض ـ ديرك”..؟

33

فنر أحمد
فنر أحمد

هل حقاً هي بداية النهاية للأزمة السورية؟ تلك التي أنهكت الشعب التواق بالتماسِ ولو بصيص حلٍّ ينهي معاناته، من هم في الداخل يقضون ساعات يومهم بالعيش في أتون القصف والبراميل المتفجرة التي لا تبقي ولا تذر، ومن هم في الخارج مشتتون في مخيمات اللجوء البائسة تحت رحمة الظروف الجوية في دول العالم منتظرين قوانينها التي يستيقظون كل صباح على لائحة جديدة من تلك القوانين “مترقبين” عسى أن تمنحهم إحداها بطاقة اللجوء.

إنّ محاولات “النظام الدولي” المتلكئة في إيجاد حل للكارثة السورية أوصلت البلاد إلى مرحلة خطيرة لقد باتت سوريا والمنطقة برمتها تفيض بالإرهاب، حتى أن شرَّه بدأ ينتشر في دول أوروبا والغرب, لقد غدت تلك الدول أمام محنة عصيبة فحريٌّ بها وضع حلولٍ للخطر المحدق بشعوبها، على الخصوص بعد تهديدات داعش المستمرة ووعيدها باكتساح القارة العجوز، وقد بدأت المحنة بالتصاعد بعد هجمات باريس الأخيرة فكانت ضربة موجعة أنذرت الغرب بسيلان الدم في “حرمها المصون” فبدأت تفكر ـ على ما يبدوـ بجديةٍ نحو إيجاد الحل للملف السوري، زد على ذلك أزمة اللاجئين المتدفقة نحوها والتي خلقت حجةً للمعارضة السياسية في تلك الدول ضد حكوماتها، فالحشود( الإسلامية ) المتوافدة أرعبت جميع الدول وقرعت ناقوس الخطر لديها لاسيما أن أصوات “اليمين المتطرف” باتت تعلو أكثر فأكثر وصارت تحصد نتائج إيجابية ملحوظة في الانتخابات النيابية كما حصل في سويسرا الشهر الفائت.

فبعد مؤتمر “فيينا ٢” الذي شاركت فيه إيران وروسيا وكان لهما أثر واضح في بيانه الختامي والذي لم ينص على رحيل الأسد، وتميز بهزالة المضمون مقارنة بعمق معاناة الشعب السوري طيلة سنوات الثورة ومخيبة لآماله، وبعد دعوة “كيري” للتوجه إلى “نيويورك” في المرحلة المقبلة لمواصلة المفاوضات الدولية لوضع حل لهذا الملف، أخذت “المملكة العربية السعودية” على عاتقها مهمة لم شمل المعارضة السورية وتوحيد خطابها السياسي لتكون مستعدة للبدء بمباحثات وحوار جاد مع النظام برعاية دولية لوضع أسس وخارطة طريق للحل السياسي بعيداً عن الانتقاد الروسي الدائم “بأن المعارضة مشتتة”، فحضَّرت السعودية لمؤتمر الرياض الذي انعقد في ٩/١٢/٢٠١٥، و وجهت الدعوات لمختلف أطياف المعارضة أهمها “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وشخصيات مستقلة مؤثرة و اثنا عشر فصيلاً مسلحاً تحت يافطة “الجيش السوري الحر” وأهمها “جيش الإسلام وحركة أحرار الشام الإسلامية” في ظل اتهامات بتواطؤ “سعودي تركي” لتغييب حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)و جيش سوريا الديمقراطي المتشكل حديثاً والمؤثر على الساحة السورية الأمر الذي دعا إلى امتناع “هيثم مناع” رئيس تيار (قمح ) عن تلبية الدعوة الموجهة له لحضور مؤتمر الرياض بحسب تصريح له، و بالتزامن مع مؤتمر الرياض قام حزب الاتحاد الديمقراطي بالدعوة لإقامة أول مؤتمر للمعارضة السورية في الداخل يومي ٨- ٩/١٢/٢٠١٥ في مدينة “ديرك” بحضور أحزاب ومنظمات “الإدارة الذاتية الديمقراطية” و كتلة أحزاب المرجعية السياسية الكردية وعدة كتل سياسية منها تيار(قمح)،علماً أن حزب الـ PYD وتيار (قمح) كلاهما عضوان في هيئة التنسيق التي بدورها تشكل جزءً هاماً من مؤتمر الرياض.! مايستدعي للتساؤل هل ستشهد هيئة التنسيق انسحاب هذه القوى منها ام إن التناقض في العمل هو سيد الموقف ؟، حيث تمخض عن مؤتمر ديرك تأسيس مجلس سوريا الديمقراطي الذي سيكون الواجهة السياسية لجيش سوريا الديمقراطي ودعا في بيانه الختامي إلى إنهاء النظام الاستبدادي وبناء دولة تعددية برلمانية لامركزية  ( دون الاشارة الى شكل اللامركزية ) ، و الإقرار بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي وكافة القوميات والأقليات في سوريا.

لاشك إن خطوة كهذه باتت معتادة من طرف حزب الاتحاد الديمقراطي وذلك بإخلاق البديل أو الرديف لأي أمرٍ على الدوام، فتشكيل مجلس سوريا الديمقراطي في مرحلة حساسة كهذه يهدف إلى تشتيت المعارضة وخطابها وتقليصاً لدورها في الحوار القادم مع النظام . في حين أن البيان الختامي لمؤتمر الرياض تضمن مطالب ثورية جادة وظهرت فيها رغبة ملحّة لوضع حل للأزمة ووقف سيل الدماء السورية كما حظي بدعم ملحوظ من قبل القوى الدولية، وقد طالب المؤتمر بسوريا ديمقراطية مدنية لامركزية “إدارية ” ، تحترم حقوق جميع مكوناتها بالإضافة لمطالب أخرى لست بصدد سردها، و أيضاً تمخض عنه تشكيل هيئة مفاوضات مكونة من ٣٢ شخصاً، و ما يهمنا هنا هو مصير القضية الكردية في سوريا في ظل التشرذم الخطير الذي تعاني منه القوى السياسية الكردية و ارتباطاتها المتباينة بقوى المعارضة السورية والأطراف الدولية، فالمجلس الوطني الكردي حضر مؤتمر الرياض بتمثيل عددي بعيد جداً عن النسبة الحقيقية للكرد في سوريا وثقلهم على المشهد السوري ودورهم في الثورة، وطبعاً اختتم المؤتمر من دون التطرق إلى القضية العادلة للشعب الكردي في سوريا مطلقاً، لاسيما أن البيان الختامي للمؤتمر سيعتبر أهم وثيقة سياسية للمعارضة السورية وموقعة من أغلب أطيافها السياسية والعسكرية والمدنية في خطوة حاسمة غير مسبوقة، وسيتم الحوار مع النظام على أساسها للبدء بالحل السياسي للأزمة وإنهاء الصراع، وبالطبع هذه الهيئة ليست معنية بالاتفاق الموقع بين المجلس الوطني الكردي والائتلاف إبان انضمامه له، ما يعني أن كل مساعي المجلس الكردي ذهبت أدراج الرياح وهذا فشل ذريع من الناحية السياسية والدبلوماسية وعلاقاته الخارجية التي طالما امتدح نفسه بها, وفي الاتجاه الآخر الـ PYD الحاكم الفعلي للمناطق الكردية لايزال مستمر بسياسة التفرد بالحكم والتضييق على كل من ليس في مداره  كالذي شهدته مدينة عفرين من حملة الاعتقالات الأخيرة بحق النشطاء المدنيين وايضا واعتقال بعض الاعلاميين.! والسؤال الذي يحزُّ في نفس المواطن الكردي هو إلى متى سيكون على بينة من أمره ومصيره الذي يتأرجح بين يدي قطبا السياسة الكردية.!؟

التعليقات مغلقة.