بورتريه فشة خلق ..من ديرك إلى الرياض هلت البشاير..
كأيّ سوريّ يحمل أعباء خمس سنوات متعاقبة من الحرب والموت والدمار والدم أنتظر بشغف وأمل أن يكون القادم أفضل وأن يكون هناك بصيص من النور في نهاية نفقنا السوري المظلم, من كوفي عنان مرورا بالأخضر الابراهيمي ووصولا إلى ديمستورا … من باريس وجنيف وفيينا وموسكو والرياض وبالنهاية ديرك المدينة التي أسكنها والتي تعاني من متلازمة الغلاء والحصار والنزيف البشري خارج الحدود.
لم يعد العقل البشري يستوعب حجم المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات التي عقدت على مدار السنوات الخمس لإنهاء مسيل الدماء السورية ولا كمية البيانات والتصريحات التي أطلقها قادة العالم ومدى التناقض والارتباك فيها.
لا مستقبل للأسد في سورية … لا يمكن القبول بأي دور للأسد في سورية الغد … يمكن اعتبار الاسد جزءا من الحل السوري … يمكن الوصول لاتفاق يوقف الدم دون رحيل الاسد …
العاصمة السعودية الرياض والتي احتضنت مؤتمر المعارضة السورية وجمعت الأطياف المتنوعة من الائتلاف والتنسيق والبناء وخبراء التجميل والقفز وبناء الأجسام وكل من لاقى الرضا من مقام المملكة من الساسة والعسكريين سواء كان معارضا أو مؤيدا أو من النخبة المبشرة بالريال.
لا أعلم كيف تم اختيار هؤلاء وما هي الميّزات التي توفرت فيهم ليقرروا مصير أمة ويحاوروا سفاح دمشق ويبيعوا الوطن والشعب والدم والحرية بأبخس ثمن وكيف تمكن جهابذة الكرد في المؤتمر من نزع هذا الحجم الهائل من التمثيل والاعتراف بالحقوق القومية والعامة للشعب الكردي لدرجة أذهلت الجميع ورضي عنها عموم الشعب السوري من عرب وتركمان ومسيحية ولم يسخط سوى الكرد
…وفي النهاية تشكلت لجنة لتحاور وتدخل حلبة الصراع مع النظام والمجتمع الدولي والمخلوقات الفضائية والمائية, وبالنهاية, ثقوا ستعلن فشلها وذلك بعد عشرات الاجتماعات الناجحة والمثمرة والتي كلفت المانحين الملايين من الدولارات وكلفت الشعب السوري المزيد من الموت والدمار
في المقابل ديرك مدينتي القابعة على ضفاف دجلة تحتضن مؤتمر سورية الديمقراطية وتهلّل للأبطال المعارضين من قيادات المجتمع الديمقراطي في الإدارة الذاتية الديمقراطية وكتلة المرجعية وشيوخ العشائر الديمقراطية من شمر وجبور وطي وشرابية ودقورية وكوجرية ويتباهى مطار قامشلو القابع تحت سلطة المخابرات السورية باستقبال الوفود وتوديعها دون أن يعلم المدعوون بأن مريض السرطان من أبناء المحافظة يحتاج للحصول على تذكرة إلى دمشق إلى تقبيل الأيادي ودفع ” كم ألف رشوة ” والانتظار في العراء القارس عشرات الساعات … غريب عجيب..!
المؤتمر كان ناجحا بامتياز وحقّق الآمال في ضمان الحل السوري عامة الكردي خاصة, لاسيما تثبيت الديمقراطية التي أصبحت العنوان الأهم فالمجتمعون كانت وجباتهم ديمقراطية وحديثهم ديمقراطي ولباسهم ديمقراطي ومكان إقامتهم ديمقراطي وبالنهاية عند سؤالهم؛ لمَ لمْ يتمّ اعتماد العلمانية كسِمة للدولة المعهودة؟ كان الجواب ديمقراطيا بأن الديمقراطية أشمل, وكأنهم يجهلون بأن العلمانية صفة للدولة والمجتمع والديمقراطية وسيلة وأداة … شي غريب عجيب هالديمقراطية لدرجة التخمة..!
كل ما أعلمه أن السوري مازال كرة تتقاذفها الأرجل, ولا يمكن لأحد أن يتكهّن في أي مرمى تنتهي هذه الكرة … أتمنى لكم مستقبل علماني ديمقراطي حقيقي.
نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 33 بتاريخ 2015/12/15
التعليقات مغلقة.