المرأة الكردية في سوريا وقوانين مساواتها مع الرجل

88

مصطفى عبديساهمت النساء في سورية بدور مهم في الحراك الثوري على الأرض، تمثّل بداية في مواقع التواصل بمساندة المتظاهرين، وإدارة شبكاتٍ لتوصيل المواد الإغاثية إلى المناطق المحاصرة، وفي المشافي، ولكن رغم ذلك فإن مختلف أطياف المعارضة لم تعر لهن الاهتمام الكافي في مشاريعهن للفترة الانتقالية، باستثناء “مناطق الإدارة الذاتية” حيث تتمتع فيها المرأة بجانب كبير من حقوقها، كما وأنها شاركت الرجل في حمل السلاح، واستطاعت كسر الصورة النمطية وتجاوز احتكار الرجال لمختلف مناحي الحياة.

المرأة في مناطق الإدارة الذاتية:

إذا قارنا وضع المرأة الكردية، مع باقي المناطق في سورية نجد أنها قطعت أشواطا مهمة، للحصول على حقوقها، ونسب التمثيل في الادارة، والعمل السياسي والخدمي، فنسبة تمثيل النساء في الائتلاف السوري مثلا لم تصل إلى 20% فيما كانت تبلغ في المجلس الوطني السوري أقل من 7%، وكذلك هيئة التنسيق الوطنية.

عند متابعة المجالس المحلية على مستوى سوريا فإنّنا لن نجد امرأةً واحدةً ممثلةً في «مجلس محافظة حلب» ولن نجد أي تمثيلٍ في باقي مجالس المدن الاخرى، ومجالس النواحي، ويقول عبد الرحمن ددم/ الرئيس السابق لمجلس محافظة حلب الحرة: «إنّ غياب تمثيل المرأة جاء لاعتمادهم مبدأ الكتل الانتخابية، وكان من المفترض أن تقوم كل كتلة بترشيح عددٍ من النساء، وحدث انه كانت هنالك مرشحات لكن بفئة «مستقل» لم تنجح منهن أي واحدة في الانتخابات»

واقع المناطق الكردية مختلفة تماما، فالمرأة لها تمثيل يصل إلى 50% بحسب قوانين الإدارة الذاتية، والمجلس التشريعي، حيث تكون الرئاسة مشتركة، وكذلك فان إدارة مختلف المؤسسات أيضا مشتركة بين الرجل والمرأة، كما وتدارك المجلس الوطني الكردي ذلك بأن اقر مؤخرا منصب نائب رئيس المجلس للمرأة.

قانون المساواة بين المرأة والرجل:

شكل إصدار قانون المساواة بين الرجل والمرأة، وقانون منع تعدد الزوجات في مناطق الإدارة الذاتية حدثا مهما في سوريا، كونه جاء في وقت تتالى فيه تقارير تشير الى انتهاكات كبيرة تجريها مختلف فصائل المعارضة، والنظام ضد النساء في مناطق سيطرتهم، القانون جاء منصفا للمرأة، ومكملا لما صدر سابقا حول حقوق النساء في روجآفا، من خلال تشريعات خاصة سنتها جمعيات نسائية خاصة.

فعقد الزواج المدني، الذي بات اليوم يطلق عليه عقد الحياة المشتركة والذي تمّ اعتماده في الجزيرة، وعفرين، وكوباني، يتضمن منع تعدد الزوجات، ومنع زواج الأنثى قبل سن ال18 عاماً، وان يتحمّل تكاليف الزواج الطرفان، كما تمّ أيضاً إقرار توزيع الميراث بالتساوي بين الطرفين.

القانون الذي ناقش إقراره ” المجلس التشريعي” يحقق العدالة والمساواة للمرأة ويرفع عنها الاضطهاد والتمييز ويمنحها المرأة حقوقها الأساسية، كما تقول فوزية عبدي/ رئيسة المجلس التشريعي في كوباني, وأضافت “الغاية من القانون هي إنصاف المرأة التي أثبتت وتثبت أنها مساوية للرجل، فالمرأة الكردية نجدها مربية، معلمة، تشارك في حمل السلاح، وبالتالي فمن حقها أن يتم حمايتها بتشريعات خاصة تمنحها حقوقها، اسوة بالرجل، تستهدف ايضاً القضاء على العديد من العادات البالية التي تنتشر في المنطقة”؟

يتضمن القانونأفكار تركز على محاربة الذهنية السلطوية الرجعية في المجتمع، كما أعطى القانون للمرأة الحق بـ “الترشح والترشيح وتولي كافة المناصب”، والحق بـ “تشكيل التنظيمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”. كما أقرّ القانون “المساواة بين شهادة المرأة وشهادة الرجل من حيث القيمة القانونية، والمساواة بين الرجل والمرأة في كافة المسائل الإرثية”.

ومنح القانون “تزويج الفتاة بدون رضائها، وتعدد الزوجات، وتزويج الفتاة قبل إتمامها الثامنة عشرة من عمرها، والطلاق بالإرادة المنفردة”.

وألغى المهر باعتباره “قيمة مادية هدفه استملاك المرأة، ويحل محله مشاركة الطرفين في تأمين الحياة التشاركية”. وفرض “عقوبة مشددة ومتساوية (على كلا الزوجين) على مرتكب الخيانة الزوجية من الطرفين، وتجريم الاتجار بالأطفال والنساء بكافة أنواعه وفرض عقوبة مشددة على مرتكبيها”. كما منح “المرأة والرجل حقوقا متساوية فيما يخص قانون الجنسية”.وأنه “للمرأة الحق في حضانة أطفالها حتى إتمامهم سن الخامسة عشرة سواء تزوجت أم لم تتزوج ويكون بعدها حق الاختيار للأولاد، ومن واجب الطرفين تأمين السكن والنفقة للأطفال طيلة فترة الحضانة، وفي حال سفر الأولاد تحت سن الخامسة عشرة يوجب أخذ الإذن من الوالدين”.

هيومن رايتس وتش تنتقد:

رغم ما يتردد إيجابا عن استصدار قوانين، وتشريعات لصالح المرأة، نجد في المقابلات تسجيل حالات انتهاكات بحقهن من قبل “الادارة الذاتية” نفسها، وخاصة فيما يتعلق بتجنيد القاصرات، منظمة هيومن رايتس وتش أصدرت عدة تقارير حول ذلك، ففي اخر تقرير اصدرته في 15 يوليو 2015 تحدثت المنظمة أن “الجماعة الكردية المسلحة التي تسيطر على مناطق شمال سوريا، لم تف بالتزامها بتسريح الأطفال المجندين، ولم تتوقف عن استخدام الأطفال والفتيات دون سن 18 سنة في القتال، رغم أنها حققت بعض التقدم” المنظمة وثقت التحاق أطفال دون سن 18 سنة بالقتال في صفوف وحدات حماية المرأة، ورغم ذلك فالمنظمة ابدت ثقتها في أن يتم تسريح هذه الحالات.

قواعد المقاتلين المتشددين:

من المؤكد أن الوضع في مناطق الإدارة الذاتية، مختلف، فالمرأة في باقي المناطق تخسر، لأنّ المعارضة السياسية غير قادرة على فرض وجودها، باعتبارها لم تحقق أي نصر، كما وأنها لا تمتلك أي قوانين تحمي المرأة، وتمنحها حقوقها، بدءا من نسبة التمثيل والمشاركة في اتخاذ القرار، حتى مسألة العمل على سن تشريعات تحميها في مناطق المعارضة، وبالتالي ترك الأمر للفصائل ” الإسلامية” التي انتهتكت حقوق النساء، بشكل فاق حتى انتهاكات النظام، وبالتالي فرض على المرأة السورية أن تنتقل من حكم من يعتقلها، لحكم من يعتبرها “حرمة”، ومحرومة حتى من كشف وجهها.

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 32 بتاريخ 2015/12/1

مقالات

 

التعليقات مغلقة.