أدونيس.. وجائزة السلام

22

التقاط6وحشة…

 

زاوية يكتبها طه خليل 

 

منحت ألمانيا جائزة أريش ماريا ريمارك للسلام هذه السنة للشاعر السوري أدونيس، مبررة ذلك بأنه ” يدعو في كتاباته إلى فصل الدين عن الدولة ويدافع عن حقوق المرأة، ويدعو لمجتمع علماني وعادل.”

هذه الخطوة في منح الجائزة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الثقافية العربية والألمانية على حد سواء، فقد اعتبر السوريون ان منح الجائزة يُعتبر إهانة لمشاعرهم لأن أدونيس لم يدعم ثورتهم، ولم يترحم على شهداء الثورة السورية يوما، وكتب الكثير من الصحفيين الألمان مستنكرين منحه الجائزة للسبب نفسه.

ان إتهام أدونيس بموالاته للنظام قديم، فمنذ انطلاق الثورة السورية، تحدث أدونيس وقال عن الثورة السورية – بما معناه- إنه لا يفهم ولا يُحبَّذ ثورة تخرج من الجوامع.

يومها تنطح له المثقفون السوريون واشباه المثقفين هنا وهناك، معلنين سخطهم وغضبهم عليه، والرجل لم يقل أكثر من ذلك، وهنا تجيء نقطة المواجهة بين المثقف وكتاباته من جهة وبين المثقف والمفكر وبين القراء الذين أحبوه ثم تخلوا عنه لجملة قالها.

هؤلاء لم يتركوا لأدونيس حجرا على حجر، عندما صرح بعدها إنه يدعم قيام كردستان حرة مستقلة، في حين انبرى ” المثقفون الكورد ” بشكل خاص والذين هجروه وذموه للثورة السورية، ليدافعوا عنه ويعيدوا إليه بريقه من أجل عيون ” كردستان “. ونسوا أنهم قبل أشهر أنهم خوّنوه و” شرشحوه” لأنه لا يدعم الثورة السورية.

مفكر وشاعر مثل أدونيس لا يقاس بمثل هذه التصريحات، فهو صاحب تاريخ وفكر حداثي إن كان على صعيد الشعر العربي وقراءة تاريخه، أم على صعيد الموروث الفكري العربي والتنقيب فيه، واستخراج بذور الحداثة الفكرية والشعرية منه، وهنا لا بد من القول إن شاعرا بهذا الحجم لا يمكن إلا أن يكون مع الثورة، فالحداثة هي ثورة، وعلينا أن نجيب هل استحدث أدونيس الفقه العربي وموروثه أم مجده كما وصل.؟ واعتقد هنا إن الإجابة واضحة وسهلة، وفي العودة إلى كلام أدونيس عن الثورة والجامع، نجد أننا لو عدنا اليوم إلى مفردات الثورة الحالية، نجدها ليست وليدة تكيات وجوامع فقط، بل تحولت الى أبشع انواع القتل والارهاب والطائفية، ارتكبت من المجازر ما يفوق مجازر النظام الذي ثارت عليه.

فهل كان كلام أدونيس استقراء لما نحن فيه اليوم، وما أدركناه إلا متأخرين.؟

أم هي من جديد غربة الشاعر ووحشة القارئ الذي اتخذ الثقافة قناعا يتسول به على طاولات المقاهي، ويدبج من الكلام الكبير ما يستعين به باسم شاعر ومفكر حداثوي بمستوى أدونيس.!

 

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 28 بتاريخ 2015/10/1

التعليقات مغلقة.