الصحافة أو ( السلطة الرابعة)

27

الصحافة(1)3“في روجآفاي كردستان لا نستطيع القول بأّنه لدينا صحافة مُستقِّلة 100% ولأسباب عدة لأننا في واقع مُعقَّد حقيقة, ومن جميع النواحي السياسيّة والاجتماعيّة وحتى الاقتصاديّة. لكن يجدر بنا القول بأنّه هناك خطوات ايجابيّة قد تحققت وهناك عدة جهات تحاول وتعمل على نقل الحدث بشفافيّة ووضعه في خدمة المجتمع ولكننا نطمح للمزيد”

عبدالسلام محمد

تعتبر من أقوى السلطات في العالم لتأثيرها المباشر على المجتمع بكل فئاته؛ لأنها تستطيع نقل الصورة الحقيقيّة كما هو مفروض، كما تستطيع للأسف أن تنقل الخبر والصورة الزائفة والخاطئة. ومن هنا نستطيع القول بأنّها سيفٌ ذو حدّين وأنّ ضمائر من يقفون عليها هي التي تحدد نتائج أعمالها.

وعلى الصعيد الكردي, فقد كانت مرتبطة بالأنظمة التي كانت تحكم كردستان. وفي نهايات القرن التاسع عشر كانت ولادة الصحافة الكردية بقيادة الأمير مقداد مدحت بدرخان والذي ضحّى بكل ما يملك من مالٍ وأثاثٍ وعفش منزله وباعه لكي يحقق حلمه وحلم الكرد بانطلاقة أول صحيفة كرديّة. وبالرغم من أنّه لاقى الكثير من الصعوبات أثناء الطّبع في كلٍّ من مصر بدايةً وبعدها في بعض الدول الأوروبية إلا أنه وبهذا أصبح أب الصحافة الكردية وبفضله بدأت الكثير من الصحف والإذاعات والتلفزيونات الناطقة بالكردية والكثير منها الناطقة بالعربية بالانطلاق, وحتى منتصف القرن العشرين، وتأسيس أول حزب كردي في سورية وضرورة الاهتمام الأكثر بالصحافة وخاصة على الصعيد الكتابي لسهولة إصدارها و توزيعها في ذلك الوقت وإصدار صحف لنشر الوعيّ الوطنيّ وتغطية  ما يجري في الساحة السورية عموماً وما يتعلق بالكرد خصوصاً.

لذلك كانت الصحافة الكردية – ومنذ نشوء الأحزاب وحتى الآن-  لم تقدم المزيد لأن  الأحزاب الكرديّة بدأت باستخدام الوسيلة الإعلامية  كسلاح يشهر أحدهم ضد الآخر ولم ترتقِ إلى مستوى طموح الشّعب, بذلك كانت تفتقر إلى الأقلام المعتدلة والمستقلّة لاستغلالهم للكتّاب وأيضا جرّ الكثير منهم وراء أهوائهم الحزبيّة وانحرافهم عن مضمون ما يمليه عليهم واجبهم الثقافي أو المهني والسعي وراء إرضاء فئة أو قلة على حساب الغير. وأيضاً كانت الصحف توزع على نحوٍ ضيقٍ، ومن هنا بدأ الكل يفهم ويميز ما بين الصحافة الحرّة أو المستقلّة وبين الحزبيّة منها.

ويجدر بنا الإشارة والتمييز بين الصحافة المستقلّة وما يُدعى بالحزبيّة المُنحازة, فباعتقادي الشخصي؛ أن الصحافة المستقلة تحقق نتائج أفضل لأنها تنقل الأحداث كما هي فقط، قد يضيف الصحفيّ أو الكاتب رأيه الشخصيّ وأيضا بحياد. أما الحزبيّة؛ لن تلجأ إلى انتقاد الجهة أو الفئة الدّاعمة والمنحازة لها وتعمل على تشويش الحقائق وإخفاء الأخطاء وهذا يُعتبر تعديّا على حقوق المجتمع والمواطن.

وعلى العكس من بقية أجزاء كردستان الأخرى والمقارنة بهم نرى أنّ الصحافة المرئيّة والمقروءة والمسموعة قد تكون نوعاً ما أكثر تطّوراً؛ لأن عمر الصحافة هنا قصير جداً إذ ما قورن بالأجزاء الأخرى، ونستطيع القول: إن عمرها هي مع بداية الثورة السورية  في آذار عام 2011 , حيث قبلها كانت مُقتصرة على مجلات شهريّة أو فصليّة ومنشورات حزبية لا أكثر وأنها كانت توزع بشكلٍ سريٍّ وبالتالي لا تصل إلى أيادي الكثير من المواطنين.

وليس بالإمكان أن ننكر بأن ثورة الـ 19 من تموز عام 2013 والتي كانت الاستمرارية الناجحة للثورة السوريّة ولها الأثر الأكبر في بروز وتطور الصحافة الكرديّة بشكل أقوى والإتاحة للكثير من الصحفيين من مزاولة مهنتهم علانيّة وفتح مكاتب صحفية لهم لإصدار الجرائد وإذاعات محلية وحتى بث أول تلفزيون خاص  بروجآفاي كردستان بغض النظر عن ارتباطه بجهة ما أو بغيرها.

وفي روجآفاي كردستان لا نستطيع القول بأنه لدينا صحافة مستقلة 100% ولأسباب عدة؛ لأننا في واقع مُعقّد حقيقة, ومن جميع النواحي السياسيّة والاجتماعيّة وحتى الاقتصاديّة. ولكن يجدر بنا القول بأنه هناك خطوات ايجابيّة قد تحققت وهناك عدة جهات تحاول على نقل الحدث بشفافيّة ووضعه في خدمة المجتمع ولكننا نطمح للمزيد, ولاسيما في ظل الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة والتي منذ تأسيسها تنادي بمجتمع ديمقراطيّ تعدديّ الذي لن يتحقق إلا بوجود صحافة حرّة ومُستقلّة وإعلامٍ حرٍّ. فالفرصة مناسبة – كما السياسة- في روجآفا  لتطوير الصحافة  وارتقائها إلى المستوى المطلوب لكي نكون وفيين لرائد  وأمير الصحافة الكرديّة  لأننا الآن في السنة السابعة عشر بعد المئة من عمر الصحافة، وهذا ما يدفعنا أن نقدم المزيد والأفضل.

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 18 بتاريخ 1/5/2015

 

التعليقات مغلقة.