“دعوة وئام على رقعة خلاف” / أحمــــد قاســــم
لقد غادرت البيشمركة كوباني و أيادي الكوبانيين على قلوبهم لطالما أنْ كان لهم الدور الحسم في طرد الغزاة الإرهابيين إلى جانب بطولات إخوتهم في وحدات حماية الشعب و كذلك المرأة. لكن الخطر قائم طالما تحاصر قوات “داعش” الإرهابية محيط كوباني, والقتال لم يتوقف.. في هذه المرة أرى في لعبة النظام خداع مبيت ليؤكد على أن دعمه لقوات (PYD) كان سبباً في تحرير كوباني مع إصرار (PYD) على نفي ذلك الادعاء.
أنا لا أستهين بتضحيات وحدات حماية الشعب الـ (YPG), لكنني في الوقت عينه أتخوف من فقدان التوازن بين ما تمتلكها قوات “داعش” من الأسلحة الثقيلة و ما تمتلكها وحدات حماية الشعب. لذلك أكرر تأكيدي على التضامن الكوردي و توحيد طاقاته في مواجهة الغزاة على الأقل و تأجيل خلافاتهم السياسية إلى مرحلة لاحقة.. فالذي جرى في كوباني لا تعوضه الاتفاقيات و لا التهويل بالمزيد من الشعارات و لا ببناء أصرح تعبيراً للبطولات و التضحيات ولا التمجيد بأرواح الشهداء.. فقبل أن تحصل الكارثة علينا أن نتعلم كيف يمكننا أن نتفادى الخسائر ونقلل منها. حقيقة المشهد مخيف في ظل استمرار هذه الحرب بشكل وحشي حيث طغت على “من منا على خطأ ومن على طريق صواب”. عندما حوصرت وحدات حماية الشعب الـ (YPG) في مربع خانق من مدينة كوباني وهي مستميتة في الدفاع عن كوباني ولو معنوياً بعد أن سقطت 90% مع كامل الريف, كان الخناق يموتنا في كل لحظة, والقيادات تتحاور في دهوك على التشاركية في الحكم و الإدارة وتوزيع الحصص.. لا أعتقد أن أحدهم حس بوجع الكوبانيين أكثر من حسه على أنه كيف سيتمكن من حصوله على جزء من المكتسبات.. لكن حسب ما أفادني من معلومات بأنه لولا الأمريكيون لما حصل التوافق على إرسال قوات من البيشمركة مع الأسلحة الثقيلة إلى كوباني توازياً مع قرار أمريكي لدعم قوات البيشمركة و وحدات حماية الشعب بضربات جوية.
نحن الكورد أمام معادلة صعبة وعلى مفترق الطرق.. إما أن نكون أو لا نكون وسط هذه الضبابية التي طغت على المشهد السوري, علينا أن نوجه سحاباتنا من بين هذه الغيمة الداكنة نحو الاستحقاقات التاريخية التي تفرض علينا تلازماً مع إيجاد آليات تؤمن الأمن و الأمان لشعبنا قبل أن تهجر البقية الباقية إلى الشتات هرباً من الضغط المزدوج على حياتهم.. و هذا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق تفاهمات على الأولويات لا عن طريق الصراع على المكتسبات, في وقت أن تلك المكتسبات وهم تتلذذ بها الأحاسيس في ظل التهديدات التي لا حصر لها على شعبنا و مناطقنا. إننا لا يمكن أن نتلائم مع شريعة الغاب لطالما هناك من يدعون بأن من يمتلك الأرض فله شرعية التملًّك و الإدارة وله حق الفصل وتفصيل الأمور على مقاسه. أعتقد أن هؤلاء لا يملكون نسبة من العقل والحكمة, وإن كان لهم فهم مُخْدِعون على أقل تقدير.. الحكمة في أن القوي عليه استيعاب الضعيف (لو سلمنا بذلك جدلاً). أما أن يتخوف القوي من ظله خوفاً من موقعه وفلتان الحكم من سيطرته, أعتقد أن ذلك الوجه الآخر من الجبن.. والقوي هو الذي يطلب الشراكة ولا يتهرب, ولا يجعل من رأيه سيفاً يضرب به الأعناق. كلي أمل أن نعيد حساباتنا في هذه الظروف الدقيقة ونعض على جروحاتنا لنبحث عن المفقود من التوافقات, ونرمي ما نختلف عليها على رقعة من الأجندات الحزبية و تلك التي تتحرك في الخفاء خلف ظهرنا خدمة لشعبنا و تأمين أمن لأبنائنا على أرضه قبل أن يبحث عن بقعة آمنة في الشتات. ——————————-
30\4\2015
التعليقات مغلقة.