«ستكون فاشلاً يا بني ! ».. تشرشل وأبوه

25

ونستون 3806125156تشرشل هو أحد أشهر الشخصيات السياسية البريطانية، بل والعالمية في القرن العشرين. إنه الرجل الذي برز بقيادة الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية. وهو ذلك «الأسد العجوز»، كما شاع توصيفه ، الذي كان ألدّ اعداء هتلر التاريخيين. وما يتفق حوله الجميع هو أن ونستون تشرشل كان أحد الذين ساهموا بفعالية في صياغة تاريخ بريطانيا، بل وتاريخ أوروبا، اعتبارا من الحرب العالمية الثانية.

وإذا كانت هناك سلسلة طويلة من الكتب التي جعلت موضوعها شخصيّة تشرشل أو سيرة حياته أو دوره التاريخي والعسكري والسياسي فإنه لا يزال هناك كتّاب وباحثون يجدون ما يقولونه عنه.

هكذا يكرّس الباحث والروائي والمسرحي الفرنسي فريديريك فيرني كتابا في مطلع هذا العام 2015 لدراسة العلاقة بين «ونستون تشرشل» وأبيه « اللورد رودلف تشرشل». يحمل الكتاب عنوان :« ستكون فاشلا يا بني». وهذا العنوان هو صيغة جملة كان اللورد «رودلف تشرشل» قد وجهها لابنه ونستون تشرشل.

والإشارة بأشكال مختلفة في هذا الكتاب أن الأب لم يكن يبدي عاطفة تُذكر حيال الابن الذي كان يصل فيه الأمر إلى أن «يتوسّل أباه» كي يأتي إلى المدرسة الداخلية حيث كان يتابع دراساته و«يصطحبه لإمضاء عطلة عيد الميلاد بالقرب من الأسرة». ولكن جميع الرسائل التي كان الابن «المنطوي على نفسه» يوجهها لأبيه من مختلف المدارس التي كان من نزلائها «ظلّت بدون جواب»، كما يشير المؤلف.

إن المؤلف يدرس على مدى الفصول العشرة التي يتألف منها الكتاب علاقة ونستون تشرشل بأبيه وتأثيرها في المنعطفات الكبرى التي عرفها مسار حياته. ومحاولة شرح كيف أن ذلك الفتى ذا البنية الجسدية الضعيفة والذي كان يعاني كثيرا من إصابات بجهازه التنفسي، غدا فيما بعد قبطان سفينة «جانحة في عرض البحر وقائدا حربيا وبطلا اشتهر بعمله لحماية بلاده.

ومن السمات الأساسية التي يؤكّد عليها المؤلف في شخصية رئيس وزراء بريطانيا الشهير، هو أنه كان بارعاً في «عدم الإفصاح» بشكل واضح عمّا يفعله. بل وقوله عكس ذلك. مثلا كان يردد باستمرار أن «سرّ شبابه الدائم» هو أنه كان يحرص على الابتعاد عن جميع أنواع الرياضة بينما كان يمارس بانتظام «السباحة» وحتى فترة متقدمة من مرحلة شبابه.

ويعود المؤلف إلى ذات صيف من عام 1897 حيث كان ونستون تشرشل يبلغ الثالثة والعشرين من العمر. ويتصادف ذلك مع بداية الاضطرابات في منطقة «مالاكاند» في الهند التي كانت مستعمرة إنجليزية. وجّه ونستون الشاب الذي كان في طريقه إلى الجبهة يومها رسالة إلى والدته يخبرها فيها عن قراره الانخراط في الجيش وخوض المعارك باسم التاج البريطاني.

ويشير المؤلف أنه بعد عام من كتابة تلك الرسالة ــ 1897 ــ عاش ونستون تشرشل 68 عاما. وكانت فترة كافية كي «يحقق المصير» الذي اعتقد أنه مكرّس له و«ربما» المصير الذي كان يرغب والده بتحقيقه، رغم ما كان يصرّح فيه من «عدم قناعته بذلك» واحتفاظه بتلك القناعة حتى آخر حياته، حيث توفي وعمر الابن 20 سنة. لكن ظل ذلك الأب بقي حاضراً في حياة الابن، بل ووجّه «بشكل غامض» مسيرة حياته.

والـــمقولة الأساسية التي يعتـــمدها المؤلف هي أن مسألة تجاوز الألم العــــميق الذي عاشه ونستون تشرشل كان بمثابة «الدافع المحرّك» الذي جعل منه «تشرشل العظيم». الألم الذي سببه «الجرح العمــــيق» المتمثّل في «الازدراء» الذي كان يبديه أبوه حياله. و«الجرح» الذي عاشه رجل الدولةالبريطاني الذي ارتقى إلى مصاف «أسطورة » حقيقية.

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.