الحرب الأميركيّة على “داعش” .. من يدفع الفاتورة!!؟؟
بلغت تكاليف الحرب الأميركيّة على العراق أثناء إطاحة نظام “صدام حسين” عام 2003، أكثر من 550 مليار دولار، دفعت الولايات المتحدة القسم الأقل مُقدّماً؛ فيما سدّدت العراق ودولٌ عربية أخرى المُتقدّم والمُتأخّر.
فمن يدفع فاتورة الضّربات الجّويّة التي تُنفّذها دول التّحالف ضد أهداف تنظيم “داعش” في سوريا والعراق!!؟؟
في وقتٍ سابق؛ أعلنت وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون)، أن تكلفة الحرب ضد “”داعش” ” بلغت 424 مليون دولار منذ بدء الضّربات الجّويّة في الثامن من أغسطس/ آب الماضي، في الوقت الذي أشارت فيه أن تلك الضّربات تُكلّفها يومياً نحو 7.6 مليون دولار.
فبعد مضي أكثر من عام على القتال بين تنظيم الدولة وفصائل من المعارضة السورية (المُعتدلة) وما تبعها من حربٍ بين “داعش” والسلطات العراقية، تناست أنظمة دول المنطقة خلافاتها الداخلية والخارجية، وعوّلت على الضّربات الجّويّة التي يُنفّذها التّحالف الدولي للحيلولة دون تقدّم “داعش” وبسط نفوذه أكثر مما هو عليه الآن.
لكن آمال وأحلام دول المنطقة؛ باتت كوابيس تقضّ مضاجع حكامها قبل مواطنيها، فالعملية العسكرية التي أسمتها الولايات المُتحدة الأميركيّة (عزيمة صلبة) بعد حشد أكثر من 60 دولة، إقليمية وغربية، فشلت في دحر التنظيم المُتطرّف.
ليس هذا فحسب؛ بل فتحت على نفسها نيران انتقاداتٍ لاذعة؛ بعدما كشفت مواقع التّواصل الاجتماعي القريبة من “داعش” ، زيف الرغبة الأميركيّة في القضاء على التنظيم المُتشدّد، عندما وجّهت له ضربات جوية من جهة، وأمطرت عليه مساعدات من جهة ثانية، سواء في جبهات القتال بـ”جلولاء” العراقية أو “كوباني” السورية.
تلك التّحركات التي وصفها البعض بـ «المُريبة» دفعت بالكثير من المُراقبين إلى طرح فرضياتٍ من شأنها كشف المستور الذي تتستّر عليه الدول العُظمى في مقدمتها بلاد العم سام.
أولى تلك الفرضيات؛ تُتّهم أميركا برغبتها في إطالة أمد الحرب التي تجتاح عموم المنطقة منذ سنوات، وبالتالي ضمان تحقيق أرباح طائلة لشركاتها تقدر بنحو 65 مليون دولار يومياً، جراء إعادة إعمار ما سببتها الحرب من دمار.
فيما يُرجّح آخرون؛ أن سبب ازدواجية موقف أميركا حيال التنظيمات المُتطرّفة، ما هو إلا رغبةً منها في تحقيق حالة من التوازن في الصراع العسكري المُدمّر؛ تمهيداً لتفتيت المنطقة إلى كياناتٍ هزيلة لتنفيذ مشروعها المُؤجّل (الشرق الأوسط الجديد).
بينما يرى البعض، أن أميركا تهدف إلى إسقاط “داعش” إعلامياً في نظر مئات الشباب المُنغمس في تبني الفكر ” الداعشي” من خلال ما يضخّه التنظيم من أفكار عبر شبكات التّواصل الاجتماعي، لتثبت لهم أن الدّولة الإسلاميّة على صلة مباشرة مع الولايات المُتحدة التي تُعد في نظر الإسلاميين دولة كافرة.
في النهاية؛ جميع تلك الفرضيات والتّخمينات دفعت بالجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى وصف الضّربات الأميركيّة ضد مواقع الدّولة الإسلاميّة بـ «الخدعة الكُبرى».
فمنذ سيطرته على مدنٍ عراقية يونيو/ حزيران الماضي، جذب تنظيم الدّولة الإسلاميّة أنظار العالم إلى سياسته التي توصف بـ «الهمجية والدموية» من إعداماتٍ ميدانية ونحرٍ لرقاب الآدميين، وليس آخراً محاصرة آلاف الإيزيديين في جبل سنجار، شمال العراق، انتهاءً بتسبّبه بنزوح أكثر من 200 ألف مدني من أهالي كوباني إلى الأراضي التركية.
كل ذلك، شدّ الرئيس الأميركي “باراك أوباما” إلى التحرّك عسكرياً وتفويض عمليات جوية تستهدف مواقع الإسلاميين.
ما أيقظ المُنظّرين مُجدّداً، لجدوى تلك الحرب التي أُعلنت تحت شعار إنقاذ المدنيين والأبرياء من بطش «الإرهابيين»، في الوقت الذي أسفرت أحداث العنف في سوريا منذ أكثر من 3 سنوات عن سقوط نحو 180 ألف سوري، دون أن تفكر ذات الدول بتوجيه رصاصةٍ يتيمة باتجاه دمشق عاصمة قرار إيقاف العنف في سوريا.
مبررات أميركا بتدخّلها في العراق دون سوريا، جاءت لتؤكّد مُجدّداً شراكتها في استمرار العنف والدمار ضمن بلدٍ قد يجني لها الكثير من الاستثمارات المستقبلية.
فهي تصف القتال في سوريا ضد نظام الأسد بـ «المُعقد والمُربك»، كذلك لا ترى في الجيش الحر المُتشرذم سياسياً؛ شريكاً قوياً لمواجهة الجيش النظامي، أما في العراق فخطوط المعركة واضحة، إذ تقولها واشنطن علناً، أنها وجدت شريكاً قوياً ووفياً في إقليم كردستان، الذي يتمتع بحكمٍ ذاتي، بعد أن نشرت العديد من مستشاريها العسكريين في “هولير” العاصمة، لدعم قوات البيشمركه من أجل مواجهة التّطرّف.
كما يتخوّف البنتاغون- رغم امتلاكه أحدث أسلحة الجو- من أنظمة الدفاع الجوي السورية التي قد تتصدّى بجسارة للطيران الأميركي في حال أخذ القرار بالهجوم على دمشق.
وإلى الطرف الآخر من المُعادلة؛ تبقى تركيا في موقع المُتفرّج من الأحداث وتمسّكها بحياديةٍ مُفعمة بالشّك والريبة، وهي الأكثر تضرراً من كسر شوكة تنظيم الدّولة الإسلاميّة الذي يُعدّ عصاها الذي تضرب بها أحلام الكُرد بإقامة حكمٍ ذاتي على حدودها مع سوريا.
فيما تبقى مسألة تسديد فاتورة الحرب على “داعش” ، مرهونةً باتفاقيات زعماء الدول الصُغرى قبل الكُبرى.
التعليقات مغلقة.