في أزمة القيادة كرديا….!!
بداية يمكن القول أن هناك أزمة وخلل بنيويّ في صميم الشخصيّة القياديّة الكرديّة (النخبة) السائدة الآن على كافة المستويات السياسيّة والفكريّة والثقافيّة والاجتماعيّة ترجع بجذورها إلى الماضي البعيد ـ القريب مع خلل ما في الوجدان والانتماء, واستفحلت الأزمة التي عانت وتعاني منها النخب عموماً بوصولها إلى عتبة سيئة في إدارة المرحلة لدرجة يمكن نعتها بالقول بأنها ظاهرة شاذة مركبة ومعقَّدة الحل حتى الآن؟ وهنا يطرح سؤال نفسه: لماذا تقوقعت تلك الشخصيّة في تكوين ذاتها إيجابا مقارنة مع غيرها من الشعوب المجاورة التي كانت تعيش نفس البيئة الثقافيَّة والفكريَّة؟
أسئلة ليست من السهل الإجابة عليها في مقال مقتضب بل تحتاج إلى سيل من المقالات والبحث والمتابعة والدراسة المستفيضة وهناك أسئلة كثيرة لا ينتهي طرحها إذا فُـتح الباب لها وفي المقدمة؛ هل الكرد يعيشون الأزمة قيادة وثقافة وفكراً؟ لا شكَّ هناك من هو على الساحة الكردية يتقدَّم الصفوف رغبةً أو كرهاً باسم القيادة محل شك بما يتطَّلبه المزاج الشعبيِّ والطموح الكرديّ قوميا في هذه المرحلة والأزمة الخانقة المشتقة من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا ومنها المناطق الكرديِّة أيضا. بغضِّ النظر عن الظروف والشروط التي ظهرت فيه تلك النخب في وقت سابق.
هذا الخلل البنيويِّ ليس عصيّاً على المرء فهمه واكتشافه, وهو يواكب السياسة الكرديّة على مستوى التنظيم الجماهيريِّ والدبلوماسيِّ والحقوقيِّ والمرجعيِّ. فنظرة سريعة وسطحيِّة على التاريخ والواقع الراهن والقيام بعملية التقاطع سوف نجد بأن قليلين جداً ممّن تتوفر فيهم صفات وسمات وذهنيات منتجة وأفق سياسيِّ بعيد أو القول بأنهم يصلحون لتحمل مسئولياتهم الكردواريا ولو بأدنى مستوياتها كشخصية قائدة منتجة أي فوق النمطية في مجال السياسة والفكر والثقافة والاجتماع على مرِّ السنوات الماضية في الوقت الذي كثرت النماذج والأنماط من الشخصية المزيفة والبليدة زعمت القيادة باستغلالها التاريخ والرموز والعاطفة الشعبية ولا تزال تتخبط خبط عشواء بنفس المنهج وبذات الوسائل الحزبويّة بالرغم من التغييرات الكثيرة التي حصلت أمام عينيها وعاشتها في خضم الحدث السوريِّ دون أن تعرف ذاتها كمسؤول للمرحلة ولم تراجع الذات بشكلٍ جديٍّ لتغيّر حتى من شكلها أو الظهور بأسلوب مغاير عما سبق كي تخفي حقيقتها السلبية أمام الناس, بل تصرفت ببلادة وأنتجت ذاتها دون رتوش كتعبير صادق لحجم مواهبها السياسيّة والثقافيّة العقيمة والوضيّعة لإدارة المرحلة, وما المشهد العام للمجتمع الكرديّ في عمومه يقدم الدليل ويساند القول السابق.
هنا وحيّال هذه الأزمة المركبة المُعاش يمكن الاستشهاد أو الاعتماد على منطق التاريخ ووقائعه وعلم الاجتماع والانتروبولوجيا بالقول: إذا ما وجدتَ جماعةً صغيرةً كانت أم كبيرةً، وهي تعيش حالة من الضعف والتمزق وحياة هامشيّة لا معنى لها و تواجدها مزيف وغير حقيقيّ مع الآخرين فاعلم عندئذ بأنها مبتلَّة بقيادة ضعيفة مزيفة سياسيّاً وثقافيّاً واجتماعياً, لا تمتلك أيّ فكرٍ خلّاق وتتصف بالاغتراب عن واقعها, ورضيت بالاستسلام لقدرها بالتالي فهي بالضرورة ستكون جماعة مستهلكة لا تنتج متطَّلباتها الحياتيّة وعوامل بقاء وجودها, وثـَبُت تاريخيا أن هذا النمط بطبيعته فاشل إلا في خلق الفوضى والتناقض بين صفوف المجتمع لكي يستمر في وجوده منتجاً ثقافة الاستبداد ولا ننسى بأنه يحمل بذور فنائه أيضاً.
خلاصة القول, إذا كانت هذه هي القيادة بشكل عام أو كاد في خضم الحراك الراهن والأزمة المعاشة كردواريا, فما الذي يريده الشعب الكرديِّ إذن؟ وهل لهم إرادة جادَّة فيما يريدون؟ وهل هم واعون فيما يختارون مَن يقودهم؟ أم أنهم منقادون وفي أغلب الأوقات مكرهون؟ وأيَّة شخصيّة نخبويّة قائدة وبديلة عن سابقاتها يستوجب وجودها؟ وماهية طريقة تفكيرها وثقافتها وطبيعة أهدافها؟
شخصيّة نمطيّة تقليديّة كما هي سائدة الآن, أم شخصية تمتلك فكرٌ مبدعٌ ومتمايز ذات هوية ثقافية تنبع وتنطلق من خصوصيّات الأمة وعوامل تكوينها حتى تقوم بتحرير عقل الإنسان الكرديِّ من عجزه وكثافته وتعتمد في تفكيرها على الذاكرة التاريخيّة البراغماتيّة السياسيّة موضوعاً, والعلوم التجريبيّة ومنطق الأشياء عملا, ونقد التراث البالي السلبي بجرأة وحكمة, ونبذ كافة الأفكار التي تعيق تحرر وتقدم المجتمع وتأهيله.
خليل كالو
22.10 2014
التعليقات مغلقة.