في حديث المحاور والتراخيص /شيار عيسى

36

في حديث المحاور و التراخيص         450

 

 

 

 

 

 

 

 

خاص بالنسخة الورقيَّة/ العدد الرابع/

لم يكن مفاجئاً قرار المجلس التشريعيِّ للإدارة الذاتيّة بضرورة ترخيص الأحزاب السياسية، بمقدار المفاجئة التي شكّلتها ردّة فعل المجلس الوطنيِّ الكرديِّ، التي تلخّصت بنبرة الاستجداء في بيان المجلس الوطنيِّ، والتي طلب فيها من الأحزاب الكردستانيَّة الضغط على حزب الاتحاد الديمقراطيِّ، كون أحزاب المجلس يَعون أنّ أغلب الأحزاب الكردستانيّة المؤِّثرة، باستثناء الحزب الديمقراطيِّ الكردستانيِّ، تقف في صف الإدارة الذاتية، في عمليّة اصطفاف كردستانيّة في محورين أساسيين هما: محورا هولير وقنديل.

لا يشكّل الخلاف على قانون ترخيص الأحزاب، وكذلك حالة الاستقطاب الكردستانيّ حالة استثنائية في حلبة الصراع الحزبيّ في غرب كردستان، فالخلافات بين المجلسين هي حرب كردستانيّة تجري بالوكالة في غرب كردستان، وبالتالي فإنّ حسم الكرد لخياراتهم والتنسيق والاتفاق على الخطوط العامة المحدِّدة لشكل الحل للقضيّة الكرديّة، وكذلك تقاسم السلطة، في ظل المعطيات الحالية، يحتاج إلى رفع الفيتو الكردستانيِّ.

بالعودة إلى جذور المشكلة، فإنّ الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ يرفض القبول بسلطة الأمر الواقع، كما أنّه يريد تقاسم السلطة والعودة لاتفاقية هولير 2 (المنتهية الصلاحية)، والتي لن يقبل حزب الاتحاد الديمقراطيّ بالرجوع إليها، وبالمحصِّلة فإنّ حليفه (الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ- سوريا) لن يقبل بحلول جزئية مع مسؤولي الإدارة الذاتية تؤدي في النهاية إلى ترخيص الحزب، ودخوله في معترك الحياة السياسية حتى وإن كان على شكل معارضة سياسية مرخّصة مقابل تقديم تنازلات من قِبل حزب الاتحاد الديمقراطي.

نظراً لحجم الخلافات بين أحزاب المجلس الوطني الكردي، والتي تؤدي إلى تعطيله وكذلك عدم توافق أجندة محور هولير في المجلس؛ والتي تنطلق من مصالح الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ وصراع ليّ الأذرع بينه وبين حزب العمّال الكردستانيّ، فإنّني أعتقد أنّ استمرار المجلس موحداً سيؤدي إلى إطالة أمد للأزمة الكردية، خاصة أنّ الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ- سوريا مسيطر على قراره السياسي إلى حدٍّ بعيد.

بناءً على ما سلف، فإنّ إعادة اصطفاف أحزاب المجلس الوطني ضرورة حيويّة لإعادة التوازن إلى الحِراك السياسي. فأحزاب معروفة باستقلاليّتها الكاملة، كردستانياً، كحزب الوحدة، أو الجزئية، كحزبي “يكيتي والتقدمي”، لهم القدرة على الفكاك من سيطرة محور هولير، وتشكيل محور مستقل يستطيع خلق حالة من التوازن في الحراك السياسي، ومن الدخول في العملية السياسية عبر المشاركة في الإدارة الذاتيّة، أو كمعارضة لكن بشروط، كتعديل بعض بنود العقد الاجتماعيّ وبعض تفاصيل الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى طيّ ملف الاعتقال السياسي بشكل نهائي.

الاحتكام إلى حلول جزئية، أي الاتفاق على بعض النقاط وإرجاء بعض النقاط الخلافية، يؤدي إلى تخفيف التوتر وبناء جسور الثقة بين الفرقاء السياسيين للوصول إلى حلول جذريّة في المراحل اللاحقة، لكنّ بقاء المجلس الوطنيّ الكرديّ موّحداً لن يساعد على التوصل لهكذا حلول ضرورية، نظراً لعدم رغبة الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ في الدخول في هكذا نوع من الاتفاقات لأنّه يرغب في العودة إلى اتفاقية هولير وتقاسم الكعكة مناصفة، كذلك لأنّه يرى عدم تقاسم غرب كردستان مناصفةً، يشكّل كسراً لهيبته في الصراع الكردستاني، ولكن خروج بعض الأحزاب من ذلك المحور سيؤدي إلى إعادة التوازن و إلى الحِراك السياسي والتوصل إلى حلول قد تخرج المسألة الكردية من عنق الزجاجة.

 

التعليقات مغلقة.