داعش بين الأسد والثورة السورية /غسان المفلح
لم يعد من الممكن الحديث عن سوريا وشعبها وثورتها، دون الحديث عن داعش، لسبب بسيط جداً هو: أن داعش وقفت حاجزاً قوياً من بين عدة حواجز، بين قوى الثورة السورية في استمرار مهمتها من أجل الحرية، وبين إسقاط الأسد.
صحيح أن هنالك حواجز أخرى لا تقل أهمية عن داعش، لكنها حواجز قابلة للتغير أو للزحزحة يمنة أو يسرة، ومنها بالطبع الموقف الدولي السيئ بزعامة أوباما، الذي أرخى ليله الأسود فوق سوريا، بطريقة غير مفهومة للشعب السوري وحتى لناشطيه. حيث وصل الأمر بقلة منهم إلى محاولة البحث في أصول أوباما الشيعية، كنوع من النكتة!! رداً على هذا الموقف الذي لا يمت للإنسانية بصلة. تماماً كما صرح السيناتور الأمريكي بوب كروكر في مقالة له في صحيفة الواشنطن بوست أن هذا الأوباما خان الشعب السوري، وأنه رئيس لا يمكن الوثوق به.
سواء كانت داعش قوة إسلامية، أو مرتزقة يتلطون خلف الإسلام لا يهم كثيراً، في سياق الدم الذي سفكته من شعبنا ومن خيرة أبنائه. صدور القرار الأوبامي 2170 جعل من داعش قوة إرهابية إسلامية. بالطبع القرار لم يتعرض لمليشيات حزب الله وإيران المنتشرة في بلدان كلها، تعيش حالة حرب داخلية واضحة لبنان العراق سورية اليمن.
بالتأكيد أي راية سوداء دخلت لسوريا هي راية ارتزاقية غايتها الإجرام، مهما حاولت تغطية ذلك بغايات سياسية إسلاموية أو غير إسلاموية. حيث المراقب لأي تسجيل مصور لداعش إو عن داعش يجد المصري والعراقي والتونسي والجزائري والمغربي والشيشاني والسعودي والكويتي، كما يجد بعض المجندين السوريين. لا تتجاوز نسبتهم 10% من هذا التنظيم الذي نما بسرعة سرطانية. علماً أنه لا يوجد في قيادة هذا الداعش أي قيادي من أصول سورية. هنالك بعض السوريين الذين انضموا قسراً لظروف ما وأعطوا البيعة لخليفتها البغدادي. البغدادي الذي لا يعرف عن سوريا وشعبها، إلا عبر الأسد وإيران.
الملفت للنظر في كثير من الفيديوهات المنتشرة، أنه يقول لمقاتليه أنتم ذاهبون لسوريا لكي تقاتلوا النظام النصيري، بينما هم يذبحون الشعب السوري، ولا يؤذوا النظام الأسدي قيد أنملة.
بدأ تسربها كعدو من الداخل، من داخل قوى الثورة، حتى تمكنت من الرقة عندها أعلنت عن أسديتها أسلوباً وحكماً وجريمة. ليس مهماً أيضاً سواء الولي الفقيه والأسد هم اخترعوها أم لا، لكن المهم جريمتهم المستمرة من خدمت ومن تخدم؟ أيضاً ما يجري من نقاش حول أنهم إسلاميين أو الإسلام منهم براء، هو نقاش خارج الموضوع وداعش والأسد يريدانه أن يستمر، لأنه بالضبط يبعد الأسد وجريمته عن المشهد أو يتركه في زاوية مهملة. هم على الأرض قوة احتراب وجريمة ضد شعبنا السوري، ومدنه التي تحررت على يد أبناء سوريا من الجيش الحر.
من التجربة المرة إن إدخال الإسلام بالسياسة، كانت نتائجه ولا تزال كارثية على المسلمين أنفسهم. هذا كلام لم يعد يحتاج لبراهين. لكن مع ذلك نقاشه لا يتم في حقل مناقشة الظواهري أو البغدادي، الظواهري الذي لم يترك جهاز استخبارات إلا ونسق معه ومثله البغدادي.
أقصى ما يمكننا قوله هنا، أن هؤلاء هم نفايات التجربة الإسلاموية في السياسة. لكل إيديولوجيا تتبنى نموذج عمل مثالي نفاياتها أو هوامشها، لكنها لا تتحول إلى متن إلا عبر حوامل مؤسسية مدعومة من جهات دولية، بدون ذلك كلام فارغ. يمكننا العودة لهذه النقطة في مادة مستقلة. الحاجز الآخر قبل العودة لداعش هو سوء أداء المعارضة السياسية.
داعش نمت في بؤرة النظام الدولي الأمريكي ولم يبنيها قلة من المسلمين فقط. الخطابات والفيديوهات في هذا الزمن الأوبامي لا تبني قوى عسكرية إلا تحت أعين هذا الزمن.
عن موقع راديو روزنة
التعليقات مغلقة.