الأمة الديمقراطية تِرْياق لسمّ داعش

35

فوزة اليوسف

انتهت أعمال المنتدى الدولي حول داعش في 8 تموز (يوليو) 2019، الذي استمر لثلاثة أيام ونظمه مركز روجآفا للدراسات الاستراتيجية. بحضور عدد غفير من الأكاديميين والصحفيين وشخصيات سياسية ودولية وإقليمية وسورية، تم التطرق فيه لمواضيع هامة جدا على صعيد التحديات واستراتيجيات المواجهة.

ما أجمع عليه جميع المشاركين أن داعش لم يكن فقط قوة عسكرية ظهرت عبثا ومن لا شيء، بل كانت ثورة مضادة استهدفت القيم الإنسانية والمعنوية واستخدمت من قبل قوى إقليمية ودولية لتنفيذ أجنداتهم الخاصة. تم التركيز على كيف أن داعش استخدم ضد الشعب الكردي من خلال تفجيرات ضربت مدنا تركية أعوام 2014 و 2015، كما أنه من خلال اعترافات عناصر وقياديين من داعش تم معرفة ملابسات اتفاق داعش والدولة التركية بعد حادثة اعتقال موظفي القنصلية التركية في الموصل. أيضا كان هناك إجماع عام مبني على براهين ووثائق حول كيف أن الدولة التركية سهلت عبور عناصر داعش من أراضيها إلى سوريا، وكذلك التسهيلات الاقتصادية والتجارية وقنوات التمويل الأخرى التي وفرتها لداعش، و كذلك التسهيلات الطبية من خلال فتح أبواب المشافي التركية لجرحى داعش. هذا وأكد المشاركون على أن تركيا كانت عبارة عن حديقة خلفية لداعش وعقلا مدبرا له و كذلك محركا لنشاطاته من خلال عناصر داعش من ذي أصول تركية.

المحور الآخر الذي تم التوقف عنده هو افتقاد المجتمع الدولي لاستراتيجية مواجهة شاملة ضد داعش بعد أن تم دحره عسكريا. فداعش و إن تم دحره عسكريا ما تزال منابعه الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لم تجفف بعد،  وفي حال ما لم يتم وضع استراتيجية مواجهة شاملة ومتكاملة لن نتمكن من استئصال هذه الكتلة السرطانية من العالم ومعالجة آثارها.

في المحور السياسي تم التأكيد على أن انتشار داعش جغرافيا وبهذه السرعة لم يكن فقط نتيجة استسلام الجيوش، بل لأن المجتمعات المعنية كانت تفتقر لآليات الدفاع عن نفسها. فـ دول و حكومات المنطقة كانت قد تآكلت قوتها نتيجة غياب الحياة الديمقراطية ونتيجة الممارسات القمعية والتعسفية في حق شعوبها، لذلك كانت هذه المجتمعات هشة أمام وباء داعش ووقعت فريسة له، وهنا برزت الحاجة الى منظومة سياسية واجتماعية وثقافية ودفاعية تقوم ليس فقط بمواجهة داعش، إنما أيضا مواجهة كل التنظيمات المتطرفة الشبيهة المضادة للمجتمعية، ويمكن لطرح القائد والمفكر عبدالله أوجلان في الأمة الديمقراطية أن يحقق هذا الشيء نظرا لإبعاده المتكاملة، لذا ليس من المبالغة القول إن هذا الطرح يمكن أن يكون التِّرْياق لسمِّ داعش.

إذا ما كان داعش هو ذروة ما يمكن أن يصل إليه الإنسان من حالة الفراغ المعنوي والانفصال عن القيم النبيلة، هو كذلك وفي عين الوقت ذروة ما يمكن أن يصل إليه التعصب القومي والديني  والجنسوي، ومن هنا نحن بحاجة إلى ثورة معنوية وأخلاقية وإلى رؤية جديدة للقومية والدين ولقضية حرية المرأة ويمكن أن نجد البديل عن كل ما سبق في طرح الأمة الديمقراطية.

بالإضافة إلى ما سبق فقد تطرق المجتمعون إلى ما يجري في عفرين من مظالم وانتهاكات على يد القوى الجهادية المدعومة من تركيا، انتهاكات وممارسات شبيهة بممارسات وانتهاكات داعش، وهو أمر أكثر خطورة، ذلك أن داعش لم يكن يملك مشروعية دولية في حين أن تركيا دولة ولها مشروعية وهذا ما يزيد الوضع نحو مزيد من الخطورة، فالتطرف بكل أشكاله و أنواعه يجب أن تتم مواجهته و ليس فقط تطرف داعش ولابد من استراتيجية مواجهة مشتركة في سبيل ذلك.

نقلا عن صفحة “الفيسبوك” لعضو منسقية مؤتمر ستار، فوزة يوسف

 

التعليقات مغلقة.