قلم أخضر..السويداء بوصفها حدثاً كردياً جامعاً على أعتاب الخصومة المزمنة

98

زاوية يكتبها حسين قاسم

كتبت من بين عشرات الكرد الذين نددوا بجريمة داعش في سويداء “القلب” التي راح ضحيتها أكثر من مائتي مدني سوري, وتسابقت العديد من الأحزاب الكردية في إصدار بيانات التنديد بالجريمة المروّعة, وكان بيان مجلس سورية الديمقراطية الذي يشكل حركة المجتمع الديمقراطي عموده الفقري مميزاً ولا سيما استعداد جناحه العسكري (قوات سوريا الديمقراطية)  لصدّ داعش والمشاركة في حماية المدنيين هناك, وكذلك بيان المجلس الوطني الكردي وما أبدته من مشاعر التعاطف مع أبناء المحافظة المكلومة, وهذه البيانات والكتابات التي تندد بالجريمة لا غبار عليها, وهي من شيم الكرد وتعاطفهم مع إخوانهم السوريين الدروز (أبناء محافظة السويداء) ويمكن أن تعتبر هذه الحادثة والتنديد بها من التقاطعات المشتركة بين الفرقاء الكرد الذين لم يجمع شملهم لا جريمة قامشلو ولا غزو عفرين ولا إقبال المنطقة الكردية على الاحتمالات الأخطر ولا استحقاق فتح باب المحادثات مع النظام السوري, يبدو أن الكرد لا يتعالون على الخصومات البينية ولا يغفرون الخطايا الصغيرة ولا يدركون أساساً الفارق بين الخصومة السياسية والعداء السياسي.

زيارة وفد مجلس سوريا الديمقراطية إلى دمشق لــ”جسّ نبض” قيادات النظام على حد تعبير قيادات “مسد” شكل انعطافة هامة جداً في مسار علاقات ما يمكن تسميتهم المنتصرون على أعتاب نهاية المآساة السورية, تمهيداً لمحادثات قد تطول وتشكل مدخلاً لمفاوضات شاقة ومعقدة, وقد أتت هذه الخطوة بعد أن تم اتخاذ شعار (نحو حل سياسي وبناء سوريا لا مركزية ديمقراطية) كشعار للمؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية الذي عقد في مدينة الطبقة بتاريخ 16 تموز بحضور 300 شخصاً بين  أعضاءٍ وضيوفٍ وذلك لإعادة هيكلية المجلس ليتحول إلى بناء سياسي يؤسس لبديل وطني ديمقراطي سوري شامل, وذلك حسب ما ورد في البيان الختامي للمؤتمر.

لا تستوفي شروط التفاوض مع نظام دمشق دون وجود إجماع كردي رئيسي يضم القوى الفاعلة ذات القاعدة الشعبية العريضة وهنا لا يمكن أن يتحقق هذا الإجماع بإلغاء أحد الأطر الثلاثة (حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM-المجلس الوطني الكردي ENKS-التحالف الوطني الديمقراطي HEVBENDî ) مع الأخذ بعين الاعتبار وزن ودور الحزب الديمقراطي التقدمي, بالإضافة إلى وجود ضامن دولي يرعى هذه المفاوضات, وقد نشرت بعض المصادر معلومات تفيد برعاية روسية وموافقة أمريكية على ذلك وهو أمر لم تأكده مصادر مجلس سوريا الديمقراطية بعد, لكن بغض النظر عن مدى جدية الرعاية الروسية التي ساومت تركيا في عفرين مقابل الغوطة الشرقية في ريف دمشق فإن الرعاية الأمريكية والغربية بصورة عامة شرط لا بدّ منه للإقلاع بأية مفاوضات حقيقية, كما أن تضارب وتفاوت المعلومات التي لا تتخذ لا الصورة العلنية ولا الصورة السرية لهذه المحادثات وما تشكله من إرباك في الوسط العام مصدر ضعف وخلل كبيرين.

الأرضية الصلبة التي يمكن أن يقلع منها أي فصيل سياسي يبحث عن حلول مجترحة لقضية مزمنة كالقضية السورية تكون في إتباع أقصى درجات الشفافية والعلنية واحترام الشركاء في أي مسار تفاوضي لإنقاذ ما تبقى من بلد مدمر وحماية ما تم اكتسابه بدماء شابات وشباب كرد….

نشر هذا المقال في العدد /82/ من صحيفة Bûyerpress بتاريخ 1/8/2018

التعليقات مغلقة.