من وراء “مجزرة الكيماوي”
في هذه الاجواء العاصفة بالتصريحات والتسريبات ، يبقى المواطن السوري متوجس من ما هو قادم ، فهو اليوم يخشى “الكيماوي” الذي استخدم لاول مرة على هذا النطاق الواسع القاتل ، ويخشى ما سيأتي بعده.
لا شك ان معظم السوريون عندما استيقظوا على اصداء الجريمة المروعة ، كان لديهم يقين بان مابعد “مجزرة الكيماوي” ليس كما هو قبلها وان حدث جلل قد وقع سيكون له ارتدادات خطيرة وردود افعال توازي ( وقد تفوق ) هذا الفعل الشنيع.
كالعادة حاول النظام الهروب من مسؤولية هذه الجريمة من خلال خلط الاوراق وحرف مسار القضية من التركيز على الفعل والجريمة للتركيز على “الفاعل” ، وانبرى اعلام النظام وحلفاءه ومؤيده في التشويش من خلال اطلاق السؤال القديم الجديد .. من هو الفاعل ؟ وما هي الادلة لديكم ؟
ولكن اذا كنا من الممكن ان نختلف حول الفاعل في موضوع سقوط قذيفة هاون ، ويكون هذا الحدث يحتمل الجدل وتبادل الاتهامات فان الموضوع فيما يخص استخدام اسلحة الدمار الشامل مختلف تماما.
لنكون موضوعين ، ما الفرق بين ان يكون النظام هو من استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه وبين ان يكون قد فشل في منع وصوله اليد الخطأ التي استخدمته وقتلت اكثر من 1300 سوري.
اذا فكرنا في الموضوع ، فان استخدام النظام للسلاح الكيماوي يبقى اقل خطورة من ان يكون هذا السلاح قد وصل الى مجموعات غير منضبطة لها اجندات مختلفة وباتت هذه المجموعات التي يقول عليه النظام نفسه بانها “ارهابية” تمتلك القدرة على استخدام السلاح الكيماوي .. تخيلوا معي كم سيكون هذا السيناريو مرعبا.
هو ذنب اعظم من استخدام السلاح الكيماوي نفسه ، بالنسبة للمواطن السوري و بالنسبة الى المجتمع الدولي.
ما هو مؤكد هي عملية الاستخدام التي ادت الى مقتل 1300 سوريا على الاقل خلال ساعات ، السؤال مالذي يمنع الذي استخدم هذا السلاح من ان يستخدمه مرة ثانية على نطاق اوسع واكثر من مرة ، خاصة اذا كان هذا الاستخدام خارج سيطرة النظام ( كما يدعي ) ، ونرى عوض المجزرة ، مجزرتين ، ثلاث ، او اكثر .. ؟
وما الذي يمنع ان تتجاوز القضية الحدود وطال الاستخدام دول الجوار ؟
من الواضح بان استخدام السلاح الكيماوي ، عملية الاستخدام بحد ذاتها ، اثارت قلق الكثير من دول الجوار مثل الاردن وتركيا وربما اسرائيل.
وهكذا اصبح المجتمع الدولي بين فكي كماشة ، من ناحية هو لن يستطيع ان يراهن على قدرته في ضبط استخدام هذا السلاح ان كان بيد النظام ، او بيد غيره ، ليتحمل وزر جرائم قد تكون على نطاق واسع واكبر من الجريمة الكيماوية الاولى.
من ناحية ثانية امكانية امتداد استخدام هذا السلاح الى خارج الحدود والنتائج الكارثية التي ستتاتى عنه في تفجير الوضع المتوتر اصلا في المنطقة.
ما يهم المجتمع الدولي اليوم وعلى وجه الخصوص القوى الغربية الفاعلة فيه ، هو اتخاذ اجراءات حاسمة لمنع تكرار مثل هذا الاستخدام ، لا شك بان هذه الدول تبحث عن استقرار المنطقة بالدرجة الاولى و تحقيق مصالحها فيها ، ولكن من الممكن ان تكون هذه الاجراءات ايضا سببا في منع تكرار “جريمة الكيماوي” مرة اخرى.
واقول من الممكن لانه في مثل هذه الحالات لا شيء اكيد ، وليس هناك نتائج مضمونة بالاضافة الى ان تجارب سابقة بهذا الخصوص لم تكن مشجعة ، لا احد يستطيع ان يعرف.
ولكن ما هو معروف ، بان المجتمع الدولي او القوى الغربية الفاعلة فيه على وجه الخصوص ، لن تسمح بشيوع حالة في سوريا يكون فيها “استخدام الكيماوي” منفلت وخارج السيطرة.
ما لم يدركه النظام الى حد الان بان كل التحركات الدولية لا تأتي من دافع تحديد هوية الفاعل ، وانما ما يهم في حالتنا من هو “المسؤول” ، وربما تكون مسؤولية النظام اكبر في حال لم يكن هو الفاعل.
معروف الخوري/ سيريانيوز
التعليقات مغلقة.