الشوكة التي أدمت جسد روجآفا

51

*حسين عمر  

تحرير الرقة لن يكون خاتمة أحزان الشمال السوري ولا بداية العودة إلى عهد الاستقرار والأمان بعد عدة أعوام من معايشة عهد ظلاميّ يمارس فيه أمير المجموعة دور رئيس شعبة المخابرات والوالي دور رئيس الفرع، مع اختلاف في شكل ممارسة الحرية الشخصية والمعتقد.

يبدو أن هناك دول وأطراف لا يروق لها أن ينعم شعب الرقة والشمال السوري بحريته المسلوبة، لهذا تخلق عشرات العراقيل لأجل إطالة عمر المعارك هناك عسى ولعل تستطيع بشكل ما دعم القوة الهمجية الإرهابية المحاصرة ضمن مركز المدينة بعد أن تم تضيق الخناق عليها من الجهات الأربعة.

تركيا بجيشها والمجموعات الانهزامية التي تركت مواقعها للنظام وهجرت لتتحكم بها الدائرة التركية الخاصة بإدارة الحرب على سوريا وتستخدمها في تحقيق أهدافها والتي تنحصر في معاداة الشعب الكردي وحقوقه الطبيعية المشروعة، تعمل على إدامة الصراع الدمويّ الجاري منذ أكثر من ستة أعوام وكان لها اليد الطولى والمساهمة الكبرى في تأجيجها وتسليح المجموعات الأصولية الراديكالية التي ارتكبت جرائم يندى لها جبين الانسانيّة.

معركة تحرير الرقة الجارية منذ أكثر من شهر ستفضي إلى ترسيخ رؤى وخطط جديدة لأجل سوريا المستقبل لأن القوة المحرّرة ستكون بعد الرقة هي الطرف الثاني والأهم في الصراع السوري لا بل الطرف المواجه للنظام المدعوم روسيّاً وإيرانيّاً وتركيّاً حينها, تلك الدول التي تحاول بشتى الوسائل إعادة جزء من الهيبة والقوة المفقودة للنظام من خلال دفع المجموعات المسلحة وحتى السياسية المرتبطة بتركيا وقطر إلى عقد مصالحات مختلفة عن المصالحات السابقة من خلال الترحيل والتهجير, المصالحات الجديدة برعاية روسيّة وقيادة تركيّة ستكون عودة تلك المجموعات وعوائلهم إلى قراهم ومدنهم بعد أن ينخرط جزء كبير منهم في المجموعات المقاتلة إلى جانب النظام.

وليس مستغربا أن تتكفل تركيا في تأهيل تلك المجموعات والقوى للمرحلة الجديدة التي ستلي الرقة المحررة، لأجل مساعدة النظام في معاركه المقبلة إذا بقي مصرّا على موقفه في عدم الاعتراف بفدرالية روجافا – شمال سوريا.

تبقى قوات سوريا الديمقراطية هي القوة الوحيدة الحالية على الأرض التي تمثّل مصالح المتضررين من الحرب القائمة لأنها القوة الوحيدة التي تحقق لهم الحرية والمساواة وخاصة المرأة التي عانت الأمرّيْن في هذه الحرب المجنونة.

ما هو متوقع بعد الاتفاق الروسي الأمريكي الجاري العمل عليه والذي  ظهرت أولى نتائجه  في المنطقة الجنوبية, هو تقسيم سوريا إلى عدة إدارات مرتبطة شكليا بدمشق لكنها مستقلة في مسائل الحماية والمؤسسات المدنية والقضاء وحتى الاقتصاد مما يعني صوملة سوريا وخلق إدارات موازية لسلطة الدولة المركزية التي تتحول عمليا إلى وجود دون تأثير وبطبيعة الحالة تكون مرتبطة بدولة إقليمية أو قوة عالمية. وتجربة الجنوب بادية من خلال الاتفاق الأمريكي الروسي بمشاركة إسرائيلية أردنية ( نفوذ) وهذا ليس خافياً على المراقب للوضع السوري. في المقلب الآخر هناك اختلاف بين القوتين على الدور الإيراني والتركي.

إيران راسخة الأقدام من خلال تغلغلها في مفاصل هيكلية النظام وتركيا تبذل أقصى جهودها وتسابق الزمن في سبيل أن لا يتم استبعادها من التسوية تلك، من خلال تعزيز تواجدها العسكري في المناطق المحتلة من قبلها (جرابلس، اعزاز والباب) واختلاق ضجّة إعلامية حول نيّتها مهاجمة عفرين للانطلاق منها نحو إدلب، وهذا ما لن يتحقق لها على ما يبدو.

تحرير الرقة ستكون بداية تمكين المنطقة المحررة من قبل قوات سوريا الديمقراطية وتعزيز مكانتها وترسيم خارطة نفوذها وليس هناك أدنى شكّ بأنها ستصبح جزءاً” من فدرالية شمال سوريا، وتقضى على قوة داعش المعنوية وحتى العسكرية بشكل ملحوظ…وستزول الشوكة المغروزة في جسد روجآفا.

*كاتب كردي مُقيم في بلجيكا

 

نشرت هذه المقالة في العدد (65) من صحيفة “Buyerpress”

بتاريخ 17/7/2017

 

التعليقات مغلقة.