المؤتمر الوطني الكردستاني تحديات وصعاب وأحلام شعب مؤجلة

202

 

سيرالدين يوسف

شجون وآمال الكرد بملايينهم الاربعين معلقة على المؤتمر الوطني الكردستاني، شرط حضور كافة الأطراف السياسية للحركة التحررية الكردية في أجزاء كردستان الأربعة دون إقصاء أحد، على أن تعكس نتائج النقاشات التمهيدية للمؤتمر وإقرار انعقاده، أحلام شعبٍ ذاق الظلم والعذاب والويل بحجم جباله الشاهقة على يد محتلي وطنه.

لا شك ان انعقاد المؤتمر الوطني الكردستاني وتحركه في هذه اللحظات المصيرية يعتبر حدثاً بارزاً وهاماً، والذي طالما شغل انعقاده بال الشارع الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، وعُقد عليه آمال وأحلام الجماهير الكردية على امتداد جغرافية وطنه المجزأ.

التحركات السياسية التي بدأها أعضاء المؤتمر في جنوبي كردستان وغربها، والهدف مثلما تم الإفصاح عنه، يتلخص في تحقيق الوحدة الوطنية وترتيب البيت الداخلي الكردي وحماية مكتسباته المتحققة في جزئي كردستان الجنوبي والغربي، ودعم ومساندة نضالات الشعب الكردي في جزئيه الآخرين ،في ظل المخاوف والتهديدات الجدّية من جانب دول تقتسم الميراث الكردي وترفض الحديث عن أي حقوق كردية وفي مقدمتها تركيا وايران.
فالتحرك النشط  الذي تبعه  لقاءات لأعضاء المؤتمر الوطني الكردستاني مع جميع القوى السياسية في جنوب كردستان وغربها، وجميع القوى الكردستانية الأخرى، بما فيها منظومة المجتمع الكردستاني KCK، وأحزاب شرقي كردستان، تُنبئ أن الأجواء و الظروف من أجل تشكيل منصة مشتركة للنقاش حول موضوع وحدة الصف الكردي وانعقاد المؤتمر الوطني الكردي  مناسبة جداً، وفق تصريحات صحفية صادرة عن بعض الأعضاء في المؤتمر.
فبالرغم من عدم التحضير الجيد وتهيئة الأجواء المناسبة وتوفير مناخات من الثقة المتبادلة بين الأخوة المتخاصمين، فأن استحقاقات تاريخية ترتبط بمصير الأمة الكردية  ينتظر ذلك المؤتمر الذي من المتوقع عقد جلسات نقاشية حول انعقاده في غضون منتصف شهر تموز الجاري بالسليمانية، وأهم تلك الاستحقاقات: استفتاء استقلال إقليم جنوبي كردستان عن العراق وتجربة الادارة الذاتية في غربها إضافة إلى الأخطار المحدقة بالشعب الكردي في أجزاء كردستان الأخرى، والخروج بنتائج ترضي طموح وأحلام الشعب الكرديّ في سائر أجزاء وطنه، والتوجه إلى المجتمع الدولي والعالم بخطاب كرديّ.

وكما هو المتوقع أن تضم المنصة المذكورة ما بين 350 إلى 400 مندوب وممثل، فلا بدل من التذكير أن طريق ذلك المؤتمر محفوف بمخاطر جمّة، أبرزها: الإستقطابات  والتخندقات السياسية بين قطبي الخلاف أو الصراع الكردي إن جاز لنا التعبير، حزب العمال الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق، ولكلّ منهما حلفاء وأنصار في أجزاء كردستان الأربعة، ولعل تفاؤل أعضاء المؤتمر ربما كان مفرطاً بعض الشيء، وحدث ما كان في الحسبان، فقد اعتذر المجلس الوطني الكردي النصير السياسي لـ PDK- العراق، عن حضور اللقاء التشاوري، وبات الكلّ يدرك أن قرار المقاطعة هذا لم يأتي بمعزل عن الأخير، الذي مازال لم يتوضح قرار مشاركته في اللقاء التشاوري من عدمه.

الكثير من المتابعين والمحللين للشأن الكردي يرون أن طريق انعقاد المؤتمر ونجاحه، يمر أولاً: عبر بوابة روجآفا كردستان، وحلّ الاستعصاء السياسي بين أنصار الفريقين، عبر تنقية الأجواء السياسية، بـ “طيّ” ملف الاعتقال بحق قيادات المجلس الوطني الكردي وإعادة فتح مكاتب أحزابه، من جانب الادارة الذاتية، التي يجب أن تعمل بحرص ودقة، وتثبت أنها إدارة الكل دون استثناء(رغم الاحتقان والتجاذب السياسيان) كما ينبغي على المجلس الوطني الكردي في نفس الوقت، من تخفيض النبرة العدائية والعنف اللفظي حيال تجربة الادارة الذاتية الوليدة رغم ما يشوبها من نواقص ومسالب وهفوات، والبدء بالتخطيط للبناء عليها، وكبح جماح بعض قادة أحزابه وتياراته عبر تصريحات لا مسؤولة، كما يجب حضّ الطرفين بوقف الشحن الاعلامي والخطاب التحريضي الكريه من آلات إعلامهما،  كل ذلك كان على أعضاء المؤتمر الوطني الكردستاني أن يتداركوه، قبل بدء التحضير للقاء التشاوري المزمع عقده.

قصار القول: يستطيع قادة المؤتمر الوطني الكردستاني تأجيل اللقاء التشاوري، برهة من الوقت، وإكمال الوساطة لدى الطرفين وترجمة ذلك على أرض الواقع، فمازال الوقت سانحاً للترتيب الآنف الذكر.

ثانياً: الاتفاق حول ملف منطقة شنكال بين الأخوين الخصمين، إضافة الى إتباع  نوع من البرغماتية في التحرر من سياسة المحاور الاقليمية، سيّما أن الطرفان يمتلكان قواسم مشتركة كثيرة أهمها: إفصاح العمال الكردستاني  والادارة الذاتية ومساندتهما لمشروع استفتاء جنوب كردستان، وكذلك دعم الديمقراطي الكردستاني للمشروع الفيدرالي في روجآفا كردستان من حيث المبدأ، والمعلن من جانب الإدارة الذاتية، (وإن يختلفان من حيث شكلها) فضلاً عن أن قوات YPG مع قوات البشمركة حلفاء واشنطن في حربها على الإرهاب، وكلاهما يمتلكان تحالفاً استراتيجياً مع الاتحاد الوطني الكردستاني القطب الكردستاني الثالث والذي من المأمول أن يلعب دور توافقي في رأب الصدع بين حليفيه.

شجون وآمال الكرد بملايينهم الاربعين معلقة على المؤتمر الوطني الكردستاني، شرط حضور كافة الأطراف السياسية للحركة التحررية الكردية في أجزاء كردستان الأربعة دون إقصاء أحد، على أن تعكس نتائج النقاشات التمهيدية للمؤتمر وإقرار انعقاده، أحلام شعبٍ ذاق الظلم والعذاب والويل بحجم جباله الشاهقة على يد محتلي وطنه.

 

نشرت هذه المقالة في العدد (65) من صحيفة “Buyerpress”

بتاريخ 15/7/2017

 

التعليقات مغلقة.