«داعش» واضطهاد الايزيديين
تتضارب الانباء حول مصير الآلاف من العراقيات الايزيديات بعد سقوط مدينة سنجار في ايدي تنظيم «الدولة الاسلامية» الاسبوع الماضي. حسب شهادة سيدة ايزيدية نجحت في الفرار الى جبل سنجار، فان نساء المدينة تحولن الى سبايا، وان «داعش» اقام اسواقا للرقيق حيث تباع الواحدة منهن بخمسة عشر الف دينار عراقي (نحو ثلاثة عشر دولارا) فقط، فيما قالت شهادات اخرى ان الأسعار تتراوح بين خمسمئة وثلاثة آلاف دولار بالنسبة للفتيات الصغيرات اللاتي يتم تهريبهن عبر تجار البشر للعمل في مواخير بدول غنية في الشرق الاوسط.
وتقول تقارير ان داعش تسعى الى القضاء على الطائفة الايزيدية بدعوى انها «تعبد الشيطان» عير وسيلتين الاولى: قتل كل رجل او شاب بالغ، والثانية: اغتصاب او تزويج او بيع النساء كـ «جوار» بغرض افساد النقاء العرقي لتلك الطائفة وتحويلها الى طائفة من المؤمنين. وهو ما يفسر «عدم المغالاة» في اسعار بيعهن رغم جمالهن.
ويشاع أن الطائفة الإيزيدية هي في الأصل أقلية آرية، احتفظت ببشرة أكثر بياضا من بقية أبناء البلد، وبتميز أبنائها بالشعر الأشقر والعينين الزرقاوين، عن طريق الزواج بين أبناء الطائفة فقط.
والإيزيديون يتبعون المذهب الإيزيدي، الذي انتقل عبر الأجيال منذ أكثر من 4000 سنة، وهو يتكوّن من عناصر من عدة ديانات لكن البعض يزعم انهم «عبدة شيطان» بسبب معتقداتهم غير العادية، التي تنبع من الإيمان القديم بما يسمى الزرادشتية، الدين الذي كانت تدين به فارس فترة طويلة قبل وصول الإسلام.
ويدّعي أبناء الطائفة أنهم تعرضوا لموجات متعاقبة من الاضطهاد بدءا من قبل الحكام الترك العثمانيين الى الزعيم الراحل صدام حسين، ما خفض عدد الإيزيديين من ملايين إلى حوالي 700 ألف شخص فقط.
لكن يبدو ان داعش انفردت بابتكار «استراتيجية الإبادة الجماعية بالتهجين» هذه كوسيلة للقضاء على هذا المكون الثقافي والاجتماعي الأصيل والنادر في العراق.
ومع تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل، باستثناء الغارات الامريكية المحدودة التي استهدفت منع سقوط اربيل في ايدي داعش، وليس انقاذ الايزيديين كما زعم اوباما، ذكرت بعض الأنباء أن زعماء في تلك الطائفة اضطروا أن يطالبوا بغارات تقتل تلك النسوة المختطفات، معتبرين ان الموت أكرم لهن من حياة الذل والعار والعبودية.
وهذه ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها الاغتصاب والاسترقاق كسلاح عسكري في حروب العصر الحديث لكن قد تكون هذه المرة الاولى التي يستخدم فيها الجنس ليس لإلحاق هزيمة بعدو او اجباره على التراجع، لكن لتحقيق اهداف ايديولوجية وعرقية، بينما تضعه في مكانة «الجهاد».
ومن الثابت في التاريخ الاسلامي ان اي حرب ينتج عنها اسرى وسبايا ايضا، الا ان هذا يستلزم وجود معركة عسكرية، وهو ما لم يحدث في سنجار، حيث ان قوات البشمركة هربت من المدينة قبل عدة ايام من وصول قوات داعش. وما يؤكد هذه الرواية ان مسعود بارزاني قرر امس اقالة كافة القيادات الامنية والعسكرية في سنجار واحالتها الى التحقيق بعد هروبهم المخزي من المدينة. وحسب اي شرائع دينية او قانونية كان من الواجب حماية اهل سنجار باعتبارهم مدنيين في زمن حرب بدلا من قتل رجالهم وسبي نسائهم. ومع ذلك، يجد المتصفح لبعض منتديات الانترنت من يبرر جريمة داعش في حق الايزيديات بالاشارة الى واقعة مثيرة للجدل في التاريخ الاسلامي، وهي حديث منسوب للرسول الكريم يقول فيه «اغزوا تغنموا بنات بني الاصفر» وذلك اثناء الاعداد لغزوة تبوك، وللأسف لم يتصد أي من علماء الدين الاسلامي للرد على هذه المزاعم حتى الان.
الواقع انه وحده «الهوس الجنسي» لداعش والذي يمثل قاسما مشتركا في سلوكها وقوانينها وسياساتها في العراق وسوريا، قادر على تفسير ذلك الاضطهاد والاجرام بحق النساء بشكل عام. ومن الطبيعي ان يتعاظم هذا «الهوس» امام النساء الشقراوات من الطائفة الايزيدية، وان يتسابق الجميع الى هذا «النوع من الجهاد» وسط صمت عربي واسلامي ودولي مريب.
التعليقات مغلقة.