الإعلام الكردي وبنك المعلومات الهلامي

51

شيار خليل

باتت وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الأميز بنقل المعلومة بطرق سريعة لا تخضع لمعايير إعلامية أو رقابية ما أو لجهات تعنى بتأكيد الخبر من عدمه.

فتبادل المعلومات وفق هذه الوسائل لا تحتاج إلى الوقت أو الجهد لتوصيل المعلومة إلى المتلقي أو القارئ والمشاهد، في حين أنها تبقى مصادر غير موثوق بها لنقل المعلومة بشكل مؤكد وسط الفوضى الالكترونية التي نعاني منها منذ ستة أعوام ف سوريا بشكل عام والمناطق الكردية بشكل خاص.

في الحالة الكردية والصراع الذي يدور في المناطق الكردية السورية بين عدة أطراف دخلنا إلى حالة صراع غير مجدية بين الصحفيين والمثقفين الكرد في الخارج والداخل، حيث يتسارع المثقف الكردي في الخارج بنشر معلومات غير مؤكدة مستندة إلى شهود وهميين أو شعبيين ليست لديهم أدلة او أدنى علم بنقل المعلومة الصحيحة بعد التأكد منها، فبالرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مهنة الصحافة، إلا أن تلك المعلومات مازالت تفتقد إلى المصداقية من الأرض وخاصة باعتماد أغلب المثقفين الكرد على معلوماتهم غير المؤكدة من الداخل والتي تزيد الحالة سوءاً وسط هذا الصراع الجاري على الأرض.

هذا إضافة إلى عدم وجود بنك معلومات للمثقف والصحفي الكردي يعتمد عليه من الداخل مع تسهيل من حكومة أمر الواقع عن وجدت، فقد شاهدنا حالات عديدة خلال السنوات الماضية كان يفتقر فيه المراسل الصحفي أو الناشر عبر هذه الوسائل إلى تأكيد رسمي من إحدى الجهات المختصة لصحة الخبر من عدمه، وفي حال وجود تأكيد على ذلك كان بعد مرور وقت طويل لنشر المعلومة الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي مما يفقدها مصداقيتها الأساسية أصلاً.

إن التسابق بين الناشطين والصحفيين الكرد في السبق الصحفي جعلت مهنة الصحافة تعاني من مشاكل عديدة، حيث السعي للتنافس على السبق الصحفي ونقل الأخبار دون التأكد من صحتها ودون احترام أخلاقيات المهنة؛ أدخلتنا في متاهة الدوران حول المعلومة غير الدقيقة التي يجب أن تستند وفق القوانين الإعلامية إلى أسئلة وأجوبة تشكل الخبر والمعلومة لكي يكون تداولها صحيحاً، وبذلك تساهم المنافسة هذه بالقضاء على العمل الصحفي المحترف في كنف المؤسسات الإعلامية التقليدية، بالتزامن مع اعتماد المتلقي على المعلومة السهلة المتوفرة بطرق سريعة دون تعب كما التلفزيون والجرائد الورقية.

حسب متابعتي للوضع الكردي في الداخل ومن مصادر المعلومات المتداولة بين المثقفين الكرد في الخارج والداخل هناك صراع حقيقي بين الجهتين لتأكيد الخبر أو نفيه؛ وهنا نكون أمام حالة عشوائية من نقل المعلومات التي بدورها تشكل الرأي العام المحلي والعالمي الخاطئ.

ففي زمن الحروب والصراعات يقع على عاتق الصحفي والناشط وحتى المثقف الكردي الابتعاد عن الحالة العاطفية لتشكيل رأي جدي عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تعاني من فقر شديد بفقدان عناصر تشكيل الخبر ونقله وبعدم وجود الصورة الحقيقة الملتقطة التي توثق الخبر فتنفيه أو تؤكده، فعملية جمع الأخبار وإعدادها بطريقة صحيحة وإخراجها ارتقت إلى مراحل مهمة وسط ثورة الاتصال والمعلوماتية؛ ومن هنا نلاحظ أن هذه العملية تعقدت وسط الثقافات والايديولوجيات المتصارعة في المنطقة، لذا على صناع الخبر وناقليه الانتباه إلى الخيوط التي تربط بين أدوات نقل الخبر وإخراجه لتشكيل الرأي العام.

ومن هنا على الجهات الإعلامية الرسمية والمستقلة القيام بوضع ميثاق شرف لعمل المراسلين الصحفيين وناقلي الأخبار في المناطق الكردية، وتشكيل بنك معلومات (غير هلامي) يعتمد عليه في نقل المعلومة وتشكيل الرأي العام الصحيح وفق القوانين الإعلامية المتفق عليها والمنصوص عليها وفق القوانين الدولية في عصر السرعة التي يمتاز بها وسائل التواصل هذه.

بغير هذه الأدوات سوف سنبقى نفتقد لمصادر ومنابر إعلامية صحيحة وموثوقة تسعى لتشكيل الرأي العام وتنقل الخبر بطرق صحيحة ومهنية، وسيبقى الصراع الدائر في المناطق الكردية يفتقد إلى من يؤكد أو ينفي الخبر بين مثقفي الداخل والخارج.

نشرت هده المقالة في العدد 63 من صحيفة “Buyerpress”

بتاريخ 15/6/2017

 

 

 

التعليقات مغلقة.