الحوار الحضاري بداية المؤتمر القومي الكردي وحماية الأمن القومي
بنظرة منهجية مختصرة لمفهوم مصطلح الأمن القومي وتطوره التاريخي نجد أن هذا المصطلح أي “الأمن القومي” يقصد منه نقاط عديدة يمكننا أن نختصره حسب حاجتنا لإسقاطه على الواقع الكردي كون البعض يعتقدون أن هذا المفهوم مرتبط بالدولة فقط، والكرد في الوقت الحاضر لا يملكون دولة مستقلة وهذا برأيي مفهوم خاطئ جدا.
بالعودة إلى تعريف الامن القومي كمختصر، نجد أن دائرة المعارف البريطانية تعرفه بكلّ جهد يصبّ في خدمة أمن المجتمع، كذلك نجد أن الكثير من الأكاديميين المتعمقين في تحليل ودراسة هذا العلم يختصرونه بنقاط هامة منها: أولا
استخدام الدبلوماسية لحشد الأصدقاء وعزل التهديدات, وثانيا حشد القوى الاقتصادية لجذب الأصدقاء والتعاون المشترك المبني على مصالح متبادلة، ولا يخفى على أحد أن هذا المفهوم منذ بداية ظهور الدول القومية بداية القرن السادس عشر رافق تطور أوروبا وتوجهها نحو الكيانات القومية. وفي مقابلة لبشار الاسد مع قناة TRT التركية عام 2005م قال: إن أمن المنطقة هو واحد وقصد فيه أن تركيا وسوريا وإيران مهما كانوا مختلفين كان أمنهم القومي واحد في مواجهة الخطر الكردي، ولكننا لم نسمع مرة واحدة في التاريخ اجتماع الأحزاب الكردية جميعها على طاولة واحدة ليهتفوا بصوت واحد مهما كانت آراءنا مختلفة فأمننا القومي واحد وهو يجمعنا. فمصلحة الشعب الكردي وأمنه القومي فوق كل شيء, وبما أن كردستان التاريخية عبارة عن مناجم من الخيرات والثروات الباطنية فهذه الورقة الرابحة في يد الكرد لكسب الاستثمارات الدولية والشركات العالمية، تلك الشركات التي لا يخفى على أحد مدى تحكمها في سياسات دولها وهذا يجعلها أن تجبر تلك الدول على اتباع سياسة خارجية متوافقة ومتناغمة مع مصلحة الأمن القومي الكردي والتي بدوري أختصرها بتطلعاته المشروعة لنيل حريته وكرامته واستقلاله، كذلك اتضح وجود نوع من الحرب الباردة ما بين أمريكا والمعسكر المتحالف معها وكذلك روسيا والدول المتحالفة معها أدى إلى تقسيم الشرق الاوسط إلى شبه معسكرين، المعسكر السني والشيعي، ويمكن للكرد أن يكونوا بيضة القبان في هذا الصراع، لأن الصراع الطائفي تذوب فيه القوميات، ويمكن للكرد الحفاظ على قوميتهم وتحقيق وتكوين دولة قومية بالاعتماد على هذا الصراع والاستفادة منه وهذا حق مشروع.
إن شعبنا الكردي في أجزائه الأربعة استبشر خيرا بانعقاد المؤتمر القومي الكردي وعلق عليه الكثير من الآمال، وفي ظل الأوضاع الحالية آن الأوان لانعقاد المؤتمر القومي الكردي، والأخذ بعين الاعتبار الأمن القومي الكردي، ليجعل كل قراراته ومقترحاته تصب في مصلحة الأمن القومي الكردي.
طبعا بداية علينا الاستفادة من تاريخ الشعوب المتحررة، والمجتمعات المتقدمة، وكيفية قراءة فلسفة التاريخ، وأخذ الدروس والعبر المفيدين، لفتح جسور التواصل وبناء العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الأحزاب الكردستانية في أجزاء كردستان، لأجل بناء قاعدة الأمن القومي الكردي، وتأسيس أساس الدولة القومية، للتعاون والتضامن المستمرين، والدعم والمساندة الكبيرين، وذلك لأجل أن يحرر كل جزء نفسه، حسب ظروفه الجيوسياسية.
أما في كردستان سوريا علينا العمل والنضال السلميين على قاعدة مصلحة الشعب الكردي.
لذا على جميع الأطراف الكردية الدعوة إلى نبذ العنف، وتحريم الدم الكردي، والعمل وفق مصلحته بعيدا عن الأنانيات الحزبية الضيقة، والتفرد بفرض سلطة الامر الواقع، والابتعاد عن كل ما يمت إلى الفكر الشمولي بصلة، والاستبداد في السلوك والممارسة ، لأن كردستان سوريا واحة واسعة تستوعب كل الأفكار والأحزاب والإيديولوجيات التي تخدم الشعب والوطن على حدّ سواء، لتشكيل مظلة تضم كافة الأطراف والمكونات لإدارة المنطقة.
وكما نعلم بأن الشهيد مشعل التمو وبتاريخ 15/9/2011دعا إلى إجتماع موسع في لقاء تشاوري، لكافة الأحزاب الكردية، لطرح تأسيس رؤية كردية موحدة، لأجل تحديد (موقع وحقوق الكرد في سوريا المستقبل), فكان يدعو الاحزاب الكردية إلى توحيد الموقف والصف الكرديين، وذلك لإحقاق حقهم في الوجود الكردي، كقضية أرض وشعب.
لذلك لابد من البدء بالخطوة الأولى: وهي الخروج من الجدال القديم، والدخول في حوار جديد، ومعرفة الحق والحقيقة لكشف الخفايا والنوايا, والتعرف على وجهات النظر لكافة الأطراف، للوصول إلى التقاطعات المشتركة والنضج الفكري الحواري الحضاري، من أجل الحصول على نتائج أفضل وأمْكَن ليكون الحوار جديا وهادفاً، للوصول إلى المصلحة العليا للشعب الكردي وذلك بضمانات دولية، ورعاية كردستانية، لانعقاد مؤتمر قومي كردي / للأحزاب الكردية والمنظمات القانونية والمدنية والجمعيات الثقافية والفنية/ في مدينة قامشلو، وذلك لإخراج برلمان كردي لقيادة وإدارة كردستان سوريا في كافة النواحي السياسية والعسكرية والإدارية، لأجل استقلالية القرار الكردي السوري، وخصوصية كردستان سوريا.
نشر هذا المقال في العدد “61″ من صحيفة Buyerpress تاريخ 15/3/2017
التعليقات مغلقة.