جنيف4 مدخل للحل السياسي في سوريا
ينعقد مؤتمر جنيف 4 بين المعارضة السورية والنظام السوري وبرعاية أممية، في ظروف بالغة التعقيد سواء من الناحية السياسية أو العسكرية أو الدولية والإقليمية؛ حيث مالت الكفة العسكرية لجانب النظام؛ بسبب التدخل العسكري الروسي القوي ومساعدة ميليشيا حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية وغيرها للنظام السوري، واستطاع هذا الحلف كبح جماح الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري التي كانت تراودها فكرة الانتصار العسكري على قوات النظام؛ وعلى الرغم من التقدم الملحوظ لتلك الفصائلوسيطرتها على مساحات شاسعة ومدنا كبيرة وإخراجها من قبضة النظام كإدلب والرقة ومناطق شاسعة من حلب وغيرها من البلدات السورية الأخرى، تغيرت المعادلة العسكرية كما أسلفت؛ بسبب التدخل العسكري الروسي القوي إلى جانب النظام السوري وبمساعدة إيران والميليشيات الشيعية الأخرى التي أتت إلى سورية؛ لمساعدة قوات النظام والتي أدت إلى انتزاع حلب ومساحات أخرى من الأراضي لصالح النظام السوري وما اتبعه من تغيير ديمغرافي لبعض البلدات السورية غيرت من موازين القوى، ومالت الكفة لجانب النظام السوري ولكن لم تصل إلى مرحلة هزيمة الفصائل المسلحة واستسلامها بل أجبرت تلك الفصائل على قبولها للمبادرات السلمية بعد خسائرها المتتالية وبلوغها مرحلة قبل الانهيار؛ بسبب تشعب تلك الفصائل وتجاذباتها العديدة واختلاف مصادرتمويلها ماليا وعسكريا مما انعكس سلبا على تلك الفصائل وأدت إلى عدم توحد الفصائل المسلحة تحت قيادة عسكرية واحدة وبروز التطرف الديني لبعض المجموعات المسلحة والقوية عسكريا كتنظيم فتح الشام وداعش وغيرهمامن التنظيمات المتطرفة، والتي أدت في النهاية إلى خلافات كثيرة بينهم،وانقلب إلى صراع مسلح بينهم مما أدى لإضعافهم وعدم حسمهم المعركة مع قوات النظام وداعميه ولم يستطيعوا الإطاحة بالنظام السوري الذي انتشى بالانتصارات التي حققها مع حلفاءه وخاصة انتزاعه مدينة حلب وتوسعه على حساب المعارضة المسلحة المشتتة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تغيرت المعادلة السياسية أيضا والتي تمثلت بانقلاب الموقف التركي والذي كان الداعم الأكبر لتلك التنظيمات وتأثيرها على سير الأحداث في سورية؛ واتفاقه مع روسيا بوجوب وقف إطلاق النار يشمل جميع الفصائل المسلحة والنظام السوري ومؤازريه باستثناء فتح الشام وتنظيم داعش في مؤتمر أستانا 1و2 والذي غلبت فيه مصالحهما على مصالح الشعب السوري، وأيضا تغير الإدارة الأمريكية ومجيء ترامب الجمهوري الذي لم تتضح سياسته اتجاه سوريا بعد، وفي معمعة تلك الأحداث تنعقد جنيف أربعة وبرعاية أممية بين المعارضة السورية السياسية والتي تشمل منصتي القاهرة وموسكو والائتلاف و وممثلي الفصائل المسلحة ماعدا فصيلي القاعدة وفتح الشام والنظام السوري من أجل إيجاد حل سياسي للمحنة السورية.
إن جنيف 4 تحتاج إلى دعم وضغط دولي على طرفي النزاع من أجل إيجاد مخرج للمحنة السورية ومن هنا يستلزم إذا أريد لجنيف أربعة النجاح؛ توحيد المعارضة السورية في وفد موحد تشمل منصتي القاهرة وموسكو والائتلاف السوري، على أن يشمل لاحقا البقية الباقية من المعارضة السياسية ولاسيما ممثلي الإدارة الذاتية وأيضا ممثلي قوات سورية الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أمريكية؛ لأنهم متواجدون على الأرض ويواجهون المنظمات المتطرفة وانتزعوا مساحات شاسعة من الأراضي من التنظيمات المتطرفة ولا يمكن إبعادهم عن الحل السياسي ويجب أن يكون الحل شاملا غير مجزئ؛ لأن تجزئته ستؤدي إلى نتائج غير محمودة لأنها كلها مرتبطة ببعضها البعض.
إن الحل الأمثل للقضية السورية في جنيف يجب أن يشمل الدستور وهيئة الحكم الانتقالي وشكل الحكم وكيفية الانتخابات البرلمانية وحسم ذلك في جنيف 4، وعدم التغاضي عن أي ثغرة في المفاوضات التي قد تؤدي الى انهيار الحل بشكل مأساوي؛ ونعتقد أن سورية يجب أن تكون اتحادية فيدرالية تتسع لجميع الشعوب السورية على أساس المساواة التامة في الحقوق والواجبات بدون تمييز؛ أمّا بالنسبة للحقوق القومية للشعب الكردي في سورية يجب بحثها في مؤتمر جنيف وبشكل تفصيلي، وإيجاد حل عادل للقضية الكردية وبضمانة دولية؛ لأن غير ذلك سيكون وبالا على الشعب الكردي السوري وهذا يفرض على ممثلي الكرد في الائتلاف الوطني التحدث باسم الكرد جميعا والمطالبة بالحقوق الكردية المشروعة وتقديم الآليات لحلّها وأن لا يركنوا وينخدعوا بألاعيب النظام والمعارضة بحل القضية الكردية في دمشق؛ مع يقيننا بأنه لابديل لدمشق لحل القضية الكردية ولكن يجب أن يكون الحل السوري شاملا للقضية الكردية وعدم تجزئته وغير ذلك سيكون محفوفا بالمخاطر؛ بسبب عدم اعتراف النظام والمعارضة بالحقوق الكردية، وإذا لم تتم مناقشتها في جنيف 4 مع الحل السوري ستكون كارثة على الشعب الكردي وما على ممثلي الكرد أن يتقدموا بمطاليب الشعب الكردي للمؤتمرين مع مقترحات حل القضية الكردية إلى جانب الحل العام في سورية، ويعتبروا قضية الشعب الكردي قضية عادلة وملحة وتحتاج إلى حل جذري وإن أي تهاون في هذا سيؤثر سلبا على اتفاق للحل السوري ولا يمكن لها أن تنجح بدون حل القضية الكردية.
إن جنيف 4 مدخل للحل في سورية وإن كانت ستستغرق زمنا للحل النهائي من أجل الجمهورية السورية الديمقراطية الاتحادية الفيدرالية التي ستحقق المساواة والعدالة والحرية لجميع السوريين الذين ضحّوا بأعز ما يملكون من أجل حريتهم وكرامتهم ونبذ العنف والتطرف والتمييز إلى الابد؛ ولابدّ للخير أن ينتصر على الشر ونرى سورية مشرقة متطورة ولفظ كل تجار الحروب والكراسي وجنيف 4 مدخلا لذلك وكل المعطيات تشير إلى حلحلة الأمور ولاسيما الموقف الروسي الذي يصر على الحل وهذا يحتاج الى تقارب بين روسيا وأمريكا لإيجاد الحل المنصف للسوريين، ونتمنى مثل أي سوري أن يحل السلام محل الحرب وأن يصل كل ذي حق إلى حقه ومحاسبة مصّاصي الدماء سواء من المعارضة أو النظام وسترفرف حمامات السلام في جنيف وسينتشر الدخان الأبيض في جنيف الذي سيغطي سوريا بكاملها.
نشرت هذه المقالة في العدد (60) من صحيفة “Buyerpress”
بتاريخ 1/3/2017
التعليقات مغلقة.