اللقاء الكردي- الروسي في سوريا :هل يمكن لروسيا أن تحمي الكرد من الاعتداءات التركية وبطش النظام السوري؟

56

 

بادرت قيادة القوات الروسية العاملة في سوريا والخارجية الروسية بارسال دعوة، مكتوبة وهاتفية، لعدد من أحزاب الحركة الكردية في سوريا للاجتماع في مركز حميميم ((للمصالحة الوطنية في اللاذقية))، حيث تجاوزت أهمية هذه القاعدة عن كونها قاعدة عسكرية لتصبح مركز سياسياً يمثل نفوذ روسيا القوي في سوريا، يرعى ويشرف على الكثير من المصالحات والهدن المحلية التي تمت في العديد من المحافظات والمناطق السورية.  يمكن في هذا السياق الإشارة إلى الدور الروسي في وقف اشتباكات مدينة الحسكة بين قوات الحماية الشعبية ((YPG)) وحلفائها في قوات سورية الديمقراطية من جهة، والجيش السوري النظامي والميليشيات الموالية له من “الدفاع الوطني” من جهة أخرى.

%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af
خــبات مــحمـد

لسنا في صدد كيل المديح للدور الروسي في سوريا الذي رافقه الكثير من الانتهاكات  الجسيمة بحق المدنيين السوريين بشهادة الكثير من تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية، بل في وصف النفوذ الروسي الميداني والسياسي المتعاظم في سوريا..

مبادرة الروس الجديدة للتعاطي مع الملف الكردي السوري برعايتهم  لمصالحة كردية كردية وتشكيل هيئة من المجتمعين تمثل الكرد في العملية السياسية بالاضافة الى صياغة رؤية كردية موحدة لحل الأزمة السورية، كما جاء في نص الدعوة المرسلة لقيادات الأحزاب الكردية ، تشكل تطوراً إيجابياً لرؤية أحد أهم اقطاب الصراع في سوريا للقضية الكردية السورية. وهو ما يميز هذه المبادرة.

روسيا صاحبة الحضور القوي في الملف السوري سياسياً وعسكرياً واقتصادياً والمتواجدة بطلب رسمي من النظام السوري الذي مازال مندوبه يحضر في اجتماعات الأمم المتحدة ممثلاً عن الدولة السورية كعضو في الأمم المتحدة . كما أن المشروع الروسي في سوريا يختلف في العديد من النقاط المهمة عن المشروع الإيراني الذي يحمل طابعاً مذهبياً وأجج الصراع الطائفي في سوريا، إلى جانب الدور الذي لعبته دول داعمة للمعارضة المسلحة وعلى رأسها تركيا وبعض دول الخليج حيث كمل هذان التدخلان بعضهما البعض في تأجيج نار الطائفية والمذهبية البغيضة في سوريا . وإن كان المشروعان ( الروسي والإيراني) قد خدما النظام حتى الآن خدمة كبيرة، لكن لغايات مختلفة, وربما يحصل افتراق بين الجانبين في فترة لاحقة .

المبادرة الروسية تأتي  في سياق أهم مرحلة من مراحل الصراع في سوريا والتي ستشهد ترتيبات جديدة وفق أوراق القوة التي باتت بحوذة كل طرف للبدء بجولة جديدة للعملية السياسية فروسيا التي تشعر بحراجة موقعها الاخلاقي كأحد اهم المدافعين عن نظام بشار الأسد المسبب الرئيسي لما آلت اليه الأوضاع الكارثية في سوريا، تحتاج إلى صبغة أخلاقية تبرر بها تدخلها المباشر في الشأن السوري ..ولن تجد في هذه المرحلة افضل من الملف الكردي الذي يحظى بدعم اغلب القوى الدولية في حربهم ضد الاٍرهاب باستثناء بعض الدول ، وفي مقدمتها الحكومة التركية،  بقيادة أردوغان و حزب العدالة والتنمية، التي ترى في خطر تنامي القوى الكردية خطراً أكبر عليها من خطورة ربيباتها من الفصائل الاسلامية المتطرفة وفي مقدمتها داعش وجبهة النصرة (( فتح الشام )) .

إن القوى السياسية الكردية مدعوة اليوم اكثر من اي وقت مضى في تحمل مسؤلياتها  من خلال ترتيب البيت الداخلي وما يترتب عليها من اعادة تموضع و تغيير في سلم الاولويات ، دون التفريط بأهم ما يحظى به المقاتلون الكرد من اتفاق وتوافق بين مختلف القوى بدعمهم وحمايتهم ، وحماية وصيانة الإدارة الذاتية القائمة بتعزيز قدراتها وإمكاناتها وتخليصها من الشوائب والأخطاء التي رافقت تشكيلها لتتحول  الى مركز لقوى المعارضة السورية بمختلف مكوناته.

في المقابل على قوى المعارضة السورية المؤمنة بالحل السياسي تبني القضية الكردية في سوريا باعتبارها قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية تستوجب الاعتراف والمناصرة بصياغة عقد اجتماعي يقر بوجوده وإيجاد حل عادل لها وفق العهود و المواثيق الدولية والتعامل مع ممثليه كشركاء حقيقيين في وطنهم سوريا ، والإسراع بعقد مؤتمر وطني سوري شامل والخروج بهيئة تمثل السوريين بكافة اطيافه لتشكل بديلاً يحظى بقبول الدول الداعمة لتسوية سياسية، هذا من حيث المبدأ ناهيكم عن ان مثل هكذا تعامل سيكون لمصلحة الطرفين فالمعارضة التي راهنت على الحسم العسكري والتدخل الأجنبي لن تجد ملاذا لها سوى المناطق الشمالية من سوريا المحتلة من قبل تركيا او الاتجاه نحو أدلب المحطة الثانية بعد حلب بعد ان أصبحت مجمعاً للقوى المتطرفة والممولة أيضاً من تركيا وبعض دول الخليج. والتي لم تكن صادقة بادعاءاتها ومناصرتها للثورة السورية لتكون حلب ضحية مقايضات ومساومات ابعد ما تكون من تحقيق الكرامة للسوريين ومع الاسف لن تكون حلب المنكوبة ، المدينة الاخيرة اذا ما استمر الارتهان لإرادات وأجندات خارجية . الكل مدعو لتحمل مسؤولياته في إيجاد مخرج من هذا النفق المظلم واعتبار اي نقطة دم تسال مسؤولية جماعية والأكثر شعوراً بها هو الأكثر حرصاً على عدم هدرها .

ينبغي على روسيا أن تتحمل مسؤولياتها في وقف شلال الدم السوري ، ودفع عملية التسوية السياسية إلى مرحلة جدية من حيث الضغط على النظام وإجباره على قبول تنازلات حقيقية ، وعلى روسيا أيضاً تفهّم المطالب الكردية العادلة وإجبار النظام على القبول بالحقوق الكردية ، كما على  الوفد الكردي من خلال هذا اللقاء أو الاتصالات القادمة أن تضع الجانب الروسي في صورة المخططات التركية الرامية لإجهاض وتدمير النهوض الكردي في سوريا وأي إعتداء تركي إضافي على المناطق الكردية أو أمكان تواجد وحدات حماية الشعب وقوات سورية الديمقراطية. و كذلك من أي اعتداء من قوات النظام والميليشيات الموالية له على الكرد ووحدات الحماية الشعبية وهيئات الإدارة الذاتية .

من الضروري أن يتفهم كل المعنيين بالشأن السوري أن الإدارة الذاتية للمناطق الكردية والمختلطة ليس تقسيماً لسوريا ، وليس إضعافاً للدولة السورية ، وأن مستقبل سوريا كدولة ومجتمع واستقرارها لن يتحقق إلا وفق نظام تعددي لا مركزي فيدرالي يحفظ حقوق شعبنا الكردي وكافة المكونات القومية.

 

التعليقات مغلقة.