“عليكا”.. بصمة في الذاكرة الجَمعية لمدينة قامشلو

309
%d9%88%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d8%ad%d9%85%d9%87
ولات احمه

خاص – Buyerpress

عليكا، صاحب الجسد النحيل، والقامة الطويلة، علامة فارقة في الذاكرة الجمعيّة ﻷبناء مدينة قامشلو، بصمة تركت عبق قامتها في تلافيف الذاكرة الكُردية، من خلال جملة من المساعدات والخدمات الإنسانية، وتفانٍ تام مع قضية أبناء جلدته، دون أي توان.

محمد عليكا، المعروف من قبل أبناء المدينة بـ “عليكا” ينحدر من عشيرة “بوبلان”، ولد عام 1922 في قرية تل كيف، غرب مدينة قامشلو، ترعرع بين بيادر قريته حتى عام 1975، لينتقل بعدها إلى مدينة قامشلو، حيث قام ببناء الكثير من المحلات التجارية “دكاكين” على شارع الكورنيش. تزوج من السيدة خانمة كنعان، ومن ثم من السيدة غزالة سليمان، فكان له أحد عشر ابناً، وخمس بنات.

عليكا، كان له طابع خاص في ارتداء الزي الكُردي، دائماً كان يضع اللفحة الكُردية “الشال” فوق رأسه، ويلُفها على الطريقة الكُردية بكل جماليّة، وهذا كان يجلب الغبطة لكل من يشاهده. عمل جاهداً على تقديم يد العون والمساعدة لأبناء مدينته من المحتاجين والفقراء، إلى جانب تفانيه في سبيل خدمة القضية الكُردية، رغم المحاولات المتكررة من قبل السطات اﻷمنيّة في المدينة للحد من نشاطاته.

%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%83%d8%a7-%e2%80%ab1%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac
محــــمــد عـليــكا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اللفحة الكُردية لـ “عليكا”، كانت بمثابة تحدّ صارم مع سلطات النظام السوري في المدينة، لذلك تم استدعاءه في عام 1966 من قبل مدير ناحية عامودا، يوسف طحطوح، الذي طلب منه بإزالة اللفحة الكُردية من على رأسه، قائلاً: “لقد قمت بإزالة اللفحة الكُردية من على رؤوس الكثير من أهالي عامودا. واﻵن، يجب أن تزيلها أيضاً”. رفض عليكا طلب مدير الناحية، ولذلك تم منعه من قبل مدير الناحية بزيارة عامودا أو دخولها مجدداً.

في عام 1978، قامت الجهات المختصة في بلدية مدينة قامشلو، ببناء موقف خاص لحافلات النقل الداخلي على شارع الكورنيش بالقرب من منزل عليكا، ومن حينها إلى يومنا هذا اقترن اسم الموقف باسم عليكا، وبذلك بات “موقف عليكا” نقطة علام لكل أهالي المدينة.

لاحقا، في عام 1982، تقدم بمجموعة من محلاته التجارية للجهات المختصة في المدينة لافتتاح مؤسسة استهلاكية “التموين” في المنطقة على شارع الكورنيش، والتي عرفت منذ ذاك الحين بمؤسسة عليكا.

خدم القضية الكردية في الكثير من الأصعدة، في أيلول 1980، عندما استلم “كنعان إفرن” سدّة الحكم في تركيا، على خلفية انقلاب عسكري، وقام بملاحقة النشطاء والطلبة والساسة الكُرد، وعلى إثرها لجأ العديد منهم إلى قامشلو، حيث قدم لهم عليكا كل الدعم المادي والمعنوي، مع تأمين السكن ومستلزمات المعيشة. إلى جانب ذلك، استقبل مجموعة من قيادي الحزب الشيوعي الكردستاني الذين فروا من قبضة أجهزة نظام صدام حسين في العراق عام 1987.

%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%83%d8%a7-%e2%80%ab1%e2%80%ac
محــــمــد عـليــكا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في عام 1983، وضع محلاته التجارية تحت خدمة الحركة السياسية الكُردية في سوريا، لفتح مكتب دعم للمرشحين الكُرد في انتخابات البلدية في المدينة. وكذلك، في عام 1986/1990، وضع محلاته تحت تصرف الحركة السياسية الكُردية لفتح مكتب دعم للمرشحين الكُرد في انتخابات البرلمان السوري. إلى جانب إقامة التدريبات والنشاطات في  بهو منزله لخدمة الثقافة والفلكلور الكُردي، رغم شدة القبضة الأمنية.

عليكا، الذي رفض طلب فرع الأمن السياسي، ومدير المنطقة في المدينة، بأن يكون مختار حي الكورنيش. تعرض للاعتقال في عام 2002، من قِبل فرع الأمن السياسي، وكان قد بلغ حينها من الكِبر عتيا. تعرض للضرب من قبل العقيد علي مخلوف، نائب رئيس فرع الأمن السياسي، الذي ضرب عليكا على رأسه، ورمى بلفحته الكُردية على الأرض وركلها بقدمه، ومن ثم بواسطة “الكرباج” استقبل جسد عليكا الذي تجاوز 80 سنة ضربات السوط من قبل العقيد مخلوف، وذلك على خلفية دعمه للقضية الكُردية وحزب العمال الكردستاني في تركيا.

كانت الأمنية التي لا تفارقه، بأن يزور وديان وجبال إقليم كردستان العراق، متمنياً في الحين ذاته واقعاً سياسياً كُردياً أفضل على جنبات وطنه الكُردي. لكن، في 19 أيار/ مايو 2004، سرق مرض السرطان المزمن في الحنجرة أمنيته، دون أن ينجح في سرقة اسمه وجمال لفحته من جرن الذاكرة  الكُردية.

 

%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%83%d8%a7-%e2%80%ab30257033%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac
محــــمــد عـليــكا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نشرت هذه المادة في العدد 55 من صحيفة “Buyerpress”  بتاريخ 15/12/2016

 

6

التعليقات مغلقة.