سيناريو مابعد سقوط حلب

51
%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af
المحامي عبدالسلام أحمد

الصفقة التي عقدها اردوغان مع بوتين  تضمنت التضحية بحلب مقابل سيطرة القوات التركية تحت غطاء ما يسمى بعملية  درع الفرات على جرابلس ومناطق الشهباء بالتوافق مع طهران ودمشق لخلط الأوراق ،وقطع الطريق على قوات سورية الديمقراطية ،وتحريرها كامل الشمال السوري من الجماعات التكفيرية الإرهابية . الانعطافة التركية باتجاه روسياً عجلت بهزيمة المجموعات الإسلامية الراديكالية في أحياء شرق مدينة  حلب والتي تشكل جبهة النصرة رأس حربتها، وقبلها خسارتها  للكليات العسكرية في منطقة الراموسة  غربي المدينة، قدم أردوغان رأس ماتبقى من المعارضة السورية  في حلب على طبق من ذهب للنظام السوري ، بعد أن أمربسحب الجزء الأكبر من عناصرالفصائل التي كانت تقاتل في أحياء المدينة  لقاء رواتب مجزية لزجهم  في معاركه في جبهة منبج والباب،  وترك من تبقى من المقاتلين في احياء حلب الشرقية تحت رحمة حمم ونيران الطائرات الروسية ، وقذائف دبابات النظام ورصاصات جنوده ومليشياته ، والمدينة مهددة لتسقط بالكامل بيد النظام السوري .

اردوغان المدفوع باحقاده القومية  ، وتحت يافطة الحفاظ على الأمن القومي للدولة التركية  أعلن الحرب على الشعب الكردي في الداخل ، والخارج  لمواجهة بروز دور الكرد في المنطقة و خاصة بعد النجاحات التي حققتها وحدات حماية الشعب ypg  وحماية المرأة ypj  والفصائل المنضوية تحت راية قوات سورية الديمقراطية  في إلحاق الهزيمة بالدواعش،  والتنظيمات التكفيرية التي باتت تشكل خطراً على السلام العالمي .

ماسمي بعملية درع الفرات بدأ بضوء أخضر روسي لغاية تخريب العلاقة ما بين قوات سورية الديمقراطية والتحالف الدولي لمكافحة الاٍرهاب، واسقط بيد واشنطن التي وجدت نفسها بين خيارين خيار دعم الحليف التركي ومشروعه في التوسع وإحتلال الأراضي السورية بمزاعم محاربة داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي – والذي سيكون على حساب مشروع قوات سورية الديمقراطية،  وتحرير الشمال السوري من المجموعات الجهادية الاسلامية بمسمياتها العديدة التي تتلقى الدعم اللوجستي والتسليح من تركيا وبالتالي خسار العلاقة مع قوات سورية الديمقراطية التي أبرعت في ساحات القتال ونجحت في فترة زمنية قياسية في طرد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش ) وتحرير العديد من المدن من الإرهابيين رغم تواضع ومحدودية التسليح مقارنة بعتاد الجيش العراقي والبشمركة – أو الوقوف علناً في وجه التمدد التركي الدولة العضو في حلف الناتو والقوة الثانية الضاربة في هذا الحلف وما لذلك من عواقب قد تودي بالتحالف التاريخي بين الدولتين .

من المؤكد أن التدخل التركي لم يأتي برغبة أمريكية ، وأوقع الأمريكان في حرج مما اضطرهم لمسك العصى من المنتصف لحين تبيان المدى الذي ستذهب إليه القوات التركية في إجتياحها للشمال السوري ،وعما سيكون عليه الحال إذا اقتربت هذه القوات لمناطق التماس مع جيش النظام ومليشياته .

الاستراتيجية التي سار عليها النظام مع حلفائه الروس والايرانيين منذ بداية الأزمة  مكنته من البقاء في هرم السلطة وتغيير المعادلة على الأرض  ، عوامل عديدة دفعت بهذا الاتجاه لعل من أهمها :

– عجز قادة المعارضة في توحيد سلاح المليشيات تحت راية واحدة .

– ضبابية المشروع البديل لسوريا المستقبل تتوافق عليها القوى السياسية الفاعلة .

– ارتهان قرار من ادعى تمثيل الثورة السورية  ، المجلس الوطني السوري إبتداءً ، والإئتلاف السوري ، بمصالح الدول الإقليمية تركيا قطر السعودية

–           دخول الجماعات الجهادية التكفيرية جبهة النصرة، و داعش ، واحرار الشام وغيرها من التنظيمات التي تتبنى الفكر السلفي على خط المواجهة  .

–           التدخل العسكري المباشر لروسيا وإيران وحزب الله والمليشيات الشيعية .

الروس من يقودون المفاوضات اليوم ويديرون المعركة وهم في واجهة الأحداث ، ولايخفون مراميهم وأهدافهم ، الايرانيون ماضون في مشروعهم ، تقاسم أدوار بين الدولتين  ومخطئ من يعتقد بوجود تنافس روسي إيراني على مناطق النفوذ في سوريا  .

اللوحة معقدة وتقتضي الكثير من الحنكة للخروج منها بأقل الخسائر ، فعلى الأرض السورية تتصارع العديد من القوى الدولية والإقليمية والمحلية ولكل منها مصالحها ،وبالنهاية يدفع الشعب السوري ضريبة مصالح هذه الدول على حساب دماء ابناءه وخراب وطنه .

النظام بعد الانتهاء من حلب  وبقية مناطق تواجد المعارضة سيتجه إلى مدينة أدلب حيث جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة ، العنوان واضح وكل القوى الدولية متفقة على ضرورة استئصال  التنظيم ، لذلك لن يجد النظام وحلفائه أية معارضة من المجتمع الدولي في سياسة الأرض المحروقة التي سيتبعونها في إدلب ، بعد أن قام بتجميع كل مقاتلي المعارضة ورحلهم في الباصات الخضراء إلى تلك البقعة .

سيذهب النظام مع حلفائه للحل العسكري إلى نهايته ولن يرضى بغير الشروط التي يفرضها ،لأن  المعارضة الممثلة بالإئتلاف ستكون بعد إنجلاء غبار معارك حلب في أضعف حالاتها .

ستجد القوات العسكرية في مناطق الإدارة الذاتية نفسها وجهاً لوجه مع النظام ومليشياته ، ومن الخلف تركيا التي باعت معارضة اسطنبول في بازار مصالحها الإقتصادية والقومية ، ويبقى الرهان هنا على قوات سورية الديمقراطية التي باتت تملك قوة لايستهان بها وشبكة علاقات دولية ، والحليف الأمريكي الذي لن يفرط بمناطق روج آفا – شمال سوريا لصالح المشروع الروسي الإيراني .

التعليقات مغلقة.