جرن الذاكرة… جان كارات سفير الأغنية السريانيّة والمردليّة

162
15135526_1201628999917531_2062014519_n
جان كارات

ولات أحمه

“ملأى السنابل تنحني بتواضع، والفارغات رؤوسهنّ شوامخ”. منها أخذ حكمته في الحياة، اِمتاز بتواضعه، وطيب تعامله مع اﻵخرين، كسب حبّ الجميع. كان ذوّاقاً ماهراً في دمج الألوان، جميل الحسّ في العزف والغناء، أبدع في مجالات فنيّة عدّة ” الغناء، العزف، الرسم، الخط، والديكور”.

جان كارات، قامة فنية سريانيّة، بزغ نور إبداعه من جنبات مدينة القامشلي، التي ولد فيها 6 كانون الثاني/ يناير 1948. والده ناصيف كارات، والدته زكية شاكر، ذات الصوت الشجيّ الجميل، التي تركت كُل الأثر البالغ لدى جان كارات، ودفعته نحو فضاء الغناء، حيث ورث عنها جمال الصوت ورقته.

%d8%ac%d8%b1%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-2-%d9%87%d8%b1%d8%b4%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d8%b2%d9%8a-215x300
ولات أحمه

كانت، بدايته الفنية عام 1964، مع الموسيقار السرياني “كبرئيل أسعد” حيث كان يستمع باستمرار لعزفه على آلة الكمان. ولشغفه بالموسيقى والغناء، صنع لنفسه من الأدوات البدائية آلة وتريّة يعزف عليها في الكثير من الأحيان، مغنياً أغانٍ للموسيقار فريد الأطرش على مسامع أصدقائه.

وبعد تعرفه على الفنان “الياس داود”، في عام 1966، تعلّم العزف على آلة العود، والذي دعاه في عام 1971، للغناء لأوّل مرّة في حفلة خطوبة ﻷحد أبناء المدينة، حيث لاقى كل الترحيب والتشجيع، وآنذاك كانت الساحة الفنية خالية وخصوصاً بعد سفر الفنان “آرام ديكران” إلى أرمينيا، وبذلك بدأ بتسلّق الساحة الفنية بكل جرأة، رغم أنّ الغناء حينها لم يكن مرغوباً ومقبولاً وفق الواقع الاجتماعي في المدينة. لاحقاً، تمّ تأسيس فرقة “جيني” من قِبل “يعقوب جرجس”، والشاعر “دنحو دحو”، وقدمت الكثير من الأعمال الفنية داخل المدينة وخارجها. سُميّت الفرقة بهذا الاسم وفقاً لأسماء أعضاء الفرقة التي تبدأ بحرف الجيم: جورج شاشان، جليل ماعيلو، جورج فرج، جان كارات.

عام 1973، شارك في تسجيل أول كاسيت مردلّي، بعزفه على آلة الجمبش. إلى جانب ذلك، كتب أوّل أغنية له في مسيرته الفنية (إيشلك بالغربة، الغربة هدتك) ومن ثم أبدع بقوّة مع جملة من الأغاني التي أصبحت من واقع وتراث المدينة والمنطقة، وحفظها العموم على اختلاف مشاربهم عن ظهر قلب: (في وسط القامشليّة، جيرانة هلا هلا، حلوة طلتك ضلال، يكفي قساوة).

كارات، ورغم الإمكانيّات الماديّة البسيطة، غنّى مجموعة من الأغاني السريانيّة، من ألحان الفنان جورج شاشان (رخيملي ولا مدعلي- خليايا أو يومنا- ازمرا دو لليا…) ومن ثم تناول أروع أغانيه في العام ذاته 1974، ومن ألحانه (شلملك اخلية إيزلا- زل بشلما خبيبة يدي- شمعا مقة لن، بدربا دلقنا- يوما بعومرينا…).

لم يقتصر نشاطه الفني داخل المدينة فقط، حيث أقام حفلات فنيّة عدة في لبنان، تونس، السويد، هولندا، ألمانيا، كندا، أمريكا، سويسرا، تركيا. وكذلك، وضع مع زملائه حجر الأساس لمهرجان الأغنية السريانية الأول في مدينة القامشلي، عام 1995. إلى جانب مشاركته مع فرقة الرها الثانية في مهرجان طريق الحرير بالعاصمة الأمريكية واشنطن، ومشاركته في مهرجان الأغنيّة الآشوريّة الثاني بمدينة تل تمر في محافظة الحسكة.

كارات، الذي أُطلق عليه لقب “مسبّع الكارات” أي متعدد المواهب، وافته المنية في 7 كانون الأول/ ديسمبر2003، بمدينة القامشلي، بعد أن قدّم حنجرة ذهبيّة لعموم أبناء الجزيرة، وترك بصمات راسخة في الأذهان والأفئدة، وجاهد في الحفاظ ودفع الأغنية الشعبية السريانيّة والمردليّة، والغناء الجزراوي للمسارح والساحات المحليّة والدوليّة، وكذلك ساهم بإعطاء الكنيسة دوراً مهمّا في ترتيل الصلوات الدينية باللغة العربيّة والسريانيّة، إلى جانب تصميمه للكثير من النصب التذكارية في المدينة.

نشرت هذه المادة في العدد 54 من صحيفة “Buyerpress”

15/11/2016

15135573_1465659946782180_2056921549_n

التعليقات مغلقة.