زاوية حادّة – على ضفتي دجلة

180
ابراهيم خليل 1
يكتبها إبراهيم خليل

لكي تعبر نهر دجلة اليوم من كردستان الغربية إلى كردستان الجنوبية ولم تكن من عظام رقبة اﻹدارة الذاتية فأمامك ثلاث طرق لا رابع لها:

أولا الطريقة القانونية: وهي أن تتقدم بطلب زيارة نظامي عبر مكتب الهجرة والجوازات التابع لحكومة اﻹدارة الذاتية والكائن في مدينة القامشلي. تتراوح اﻹجابة على طلبك زمنيا بين العشرين والثلاثين يوما وأقرب موعد تحصل عليه بعد إدراج اسمك في سجل الزيارات هو شهر من الانتظار. ووفقا للقرار الذي أصدرته إدارة المعبر في 1-2-2014 فالحالات المسموح لها هي : لم الشمل، الدعوى القضائية، طالب الجامعة المسجل في اﻹقليم، حامل جنسية اﻹقليم.

ثانيا الطريقة السورية: وهي أن تعود إلى أسلوبك القديم الذي تعلمته من نظام البعث الواحد على مدى نصف قرن، وهو أسلوب الخطف خلفا، ويتلخص هذا اﻷسلوب في حصولك على صورة شعاعية لصدر أو رأس أو ظهر أحد المصابين بمرض عضال وتقديمها للجنة الطبية على أنها تخصك ( ملاحظة: من اﻷفضل واﻷضمن أن تكون قد استبقت هذه الحركة بتطبيق واحد أطباء اللجنة على اﻷقل ) وبمجرد توقيع اللجنة على تقريرك الطبي بالموافقة يصبح الطريق أمامك إلى ” سيمالكا ” سالكا فسر على بركة الله أنت والمرافق الذي تختاره.

ثالثا الطريقة التاريخية: وهي التهريب، وملخصها أن تستعين بأحد رجالات ” الدولة العميقة ” ممن يعرف شعاب مكة أكثر مما يعرفها أبو سفيان لينقلك هذا المعين إلى الضفة اﻷخرى على طوافة خشبية لا تتجاوز حمولتها ثلاثة أشخاص أو على جنط دولاب مستعمل قد تحتاجه حتى بعد وصولك بالسلامة في رحلة العودة لا سيما إذا كان مزاج عنصر البيشمركة على الضفة اﻷخرى معكرا ﻷنه لم يقبض راتبه منذ أشهر. تكلفك هذه الطريقة ثماني ورقات ( 800  دولار أمريكي بلغة الرأسمال العراقي والكمبرادور الكوردستاني ). وأكثر من يلجأ إلى هذه الطريقة المستعجلون والهاربون من جناية اقترفوها والفارون من واجب الدفاع الذاتي ورؤساء اﻷحزاب الكردية وأعضاء وفود المجلس الوطني الكردي المدعوون إلى اجتماعات دهوك وهولير وجنيف وسواها …

حكومة كوردستان العراق شبه مستقلة عن حكومة بغداد منذ ربع قرن، وحكومة اﻹدارة الذاتية تزعم اﻷمر نفسه بالنسبة لحكومة دمشق وبالفعل فليس على ضفتي دجلة أي أثر لسلطة غير كردية ومع ذلك فالسفر من ديريك إلى دمشق أو من زاخو إلى بغداد أيسر من العبور من ديريك إلى زاخو !

إن كان السبب هو العوائد المادية فهو مال ُسحْتٍ أما إن كان نفسيا فسأروي هنا قصة قصيرة جدا ملخصها أن امرأة زارت ابنتها المغتربة في أمريكا ورأت لديها عصفورا صغيرا موضوعا على طاولة في الحديقة. كان العصفور الطليق يصفق بجناحيه ويرتفع عن اﻷرض بمقدار شبرين ويحط ثانية. سألت اﻷم ابنتها مستغربة: لماذا لا يطير العصفور بعيدا يا ابنتي وهو مطلق السراح ؟ فأجابت الابنة : هذا العصفور يا أمي ولد في القفص وقد أطلقناه منذ أيام وهو لا يطير أكثر من شبرين ﻷن ارتفاع القفص الذي كان محبوسا فيه كان كذلك.

أيها المسؤول الكردي المناضل الوطني على ضفتي دجلة: حين احتلت داعش مدينة الموصل العراقية ومدينة دير الزور السورية كانت أول خطوة أقدمت عليها في يونيو 2014 هي إزالة خط الحدود السياسية بين البلدين ﻹيمانها العميق بوحدة الديار اﻹسلامية  فإن كنتم أقل منها إيمانا فعليه العوض ومنه العوض !

التعليقات مغلقة.