كلام بصيغة السكوت

44
ابراهيم خليل
إبراهيم خليل

الكرديّ أفضل من يسنّ أسنانه ليعضّ ذيل نفسه وأفضل من يعرض بل يفرض اقتسام السفينة في اللحظة التي تكون فيها محاطة بالقراصنة وتكون الأمواج في أعتى حالاتها, فقد جاء في الحديث عن حمو عن سمو عن رمو عن تمو : ” كل من يخالفك مغضوب عليه ومن الضالين ومكانه جهنم وبئس المصير، اهدم داره وأطفئ ناره ولا تكن حليفه أو جاره، استعن عليه بعدوه وعدوك، ولا تقبل له عذرا ولا صلحا ولا اتفاقا ولا هدنة وإذا اضطرت فانقضها عند القدرة ” ولهذا فالكردي ابن الجبل سليل الحجل ليس بحاجة إلى أعداء من خارج السرب.

والكردي أفضل من يتحدث عن المبادئ نظريا وأسوأ من يخالفها عمليا فإذا دارت كؤوس الشاي الثقيل وفناجين القهوة المرة وأخرجت المسابيح من الجيوب والتفت الساق بالساق وانفتحت سيرة الاتفاق يقول قائلنا: ” وحدة الكرد … آآآخ وحدة الكرد، وهل في الدنيا أفضل من وحدة الكرد؟! أصلا لولا تفرّقنا لكنا الآن سادة العالم. كل دول العالم تعمل حتى تبقينا متفرقين حتى أمريكا تحيك الخطط والمؤامرات لئلا تجتمع كلمة الكرد، ونحن في حزبنا كنا وما زلنا وسنبقى من دعاة الوحدة ومن أنصار مقولة سيداي جكرخوين الخالدة: ” إذا ما صرنا واحد رايحين واحد واحد ” ومع شعار الثورة السورية المباركة: ” واحد واحد واحد الشعب الكردي واحد ” ونحن صرّحنا أكثر من مرة أننا جاهزون للاتحاد مع أي حزب ودون قيد أو شرط … “.

أما على الأرض وخلف الكواليس فيكون الحديث على الشكل التالي :” وحدة ! نقيم وحدة مع من؟ مع الحزب “سين” الذي لا يزيد عدد أعضائه على عدد أصابع سكرتيره أم مع الحزب “عين” الذي انشق عنا السنة الفائتة, أم مع جماعة الحزب “صاد” الذين يصرون أن يكون السكرتير منهم بعد الوحدة, أم مع الحزب “دال” الذي يعرف الجميع أنه عميل للنظام؟ مع من نتحد، كلا كلا يا رفاق إن حزبنا الضخم والعريق ليس بحاجة لأي مغامرة من هذا النوع، جماهيرنا بعدد الرمل والحصى والتراب ووطنيتنا لا يزاود عليها أحد, لا أبو عصام ولا أبو شهاب”!

والكردي أفضل من يقلّد ظلامه ومستعبديه السابقين, فما أن يقبض على صولجان الحكم حتى تتحول الجماهير إلى نمل والعدو إلى مشجب والسلطة إلى ثورة مجيدة واﻷيديولوجيا إلى رسالة خالدة والسكرتير إلى نبي والرفاق إلى مبشرين بالجنة والخصوم إلى خونة ومتآمرين، وما أن يفتح محتج فمه: ” ما هذا الخبز يا رفيق، والله حتى الحيوانات لا تأكله، وما هذا الغلاء، البندورة وسكر الشاي والغاز والكهرباء والماء وال…” حتى يرد عليه بنفس نبرته الغاضبة: ” عمّ تتحدث يا رفيق؟ خبز وبندورة وسكر وغاز وكهرباء وماء!! ما هذه التفاهات! هل وصلت الاستهانة بدماء الشهداء إلى هذه الدرجة؟! تفكر ببطنك، فكّر في أولئك الذين يدافعون عنك الآن وأنت تنام في بيتك هانئا مطمئنا بينما هم في الخنادق والصحارى يعانون الحر والبرد والجوع والعطش، إن بناء الأوطان يتطلب التضحية وعلينا جميعا أن نتحمل … الوطن عزيز والوطن غال يا رفيق، يا خسارة! لم أكن أتوقع أن أسمع منك مثل هذا الكلام، على كلٍّ سأعتبر أنني لم أسمعه!”

نشرت هذه المادة في العدد (46) من صحيفة Buyerpress تاريخ 1/7/2016

 11165113_541958725977071_7059124043412540130_n117

 

التعليقات مغلقة.