قبل انتهاء الوليمة

132
بهجت شيخو
 بهجت شيخو

ليس بخافٍ على المتابع السياسي لمسيرة الحركة الكردية في سوريا منذ نشوئها في العام 1957 أنه سيشعر – حتما – بإحباط فظيع نتيجة هشاشة عملها السياسي خلال تلك الحقبة الطويلة المنصرمة والاستمرار الراهن لتلك السياسة السلحفاتية البطيئة التي اتبعتها في آلية عملها حيث انتهجت (سياسة المرونة الصالحة ) للوطن السوري وعدم البحث عن مستلزمات تحقيق أهدافها خارج الحدود السورية وذلك في تأمين الحقوق المشروعة لشعبها رغم تضحيات بعض المناضلين الذين قضوا حياتهم في سجون الاستبداد نتيجة التعذيب أو الذين أمضوا سنوات عدة رهن الاعتقال التعسفي والتهم الباطلة كتأسيس جمعية سرية او اقتطاع جزء من سوريا وإلحاقه بدولة أجنبية أخرى.

 ورغم المعاناة المجحفة بحق الكرد من تجريد الجنسية وتوطين العرب “الغمر” في مناطقهم والفصل التعسفي من الوظائف والسلسلة طويلة بهذا الخصوص لا تعد ولا تحصى. والذي أريد قوله لم أن الحركة الكردية ترتقِ – مع الأسف – لحجم الاضطهاد السابق ذكره والذي مورس بحق شعبه في كردستان سوريا على مدار تلك السنين الطويلة وبقيت تمارس عملها في أحسن الاحوال كأي جمعية خيرية تنتظر إشراق الغد الديمقراطي في سوريا لتحل مشكلة اضطهاد شعبها تلقائيا ويصبح هذا الشعب من الدرجة الاولى – باستثناء الانتفاضة قامشلو الشعبية عام 2004 في كل المناطق الكردية وبعض الاحتجاجات أو المظاهرات التي كانت تقوم بها بعض الاحزاب- بل ازادتتعقيدا حيث داهمها فيروس الانشقاقات بين اليمين واليسار وبين الماركسي والقومي وتعددت المناهج الحزبية لأحزاب الحركة بين الفكر المستورد والمعلب تهربا من المستحقات المطلوبة والجرأة السياسية في تحديد هدف واضح وشفاف يلائم وجود الشعب الكردي في سوريا ولم تسعى إلى بناء علاقات دولية تنتهج لعبة السياسة الحقيقية بين ارتباط المصالح القومية لشعبها والدول أصحاب القرار في العالم, لذا اكتفت بولاءاتها لزعامات وأجزاء كردستانية وأصبحت آلة تخدم مصالح تلك الأحزاب الشقيقة وتتغنى بأمجادها وتصفّق لانتصاراتها وتنام مرتاحة الضمير كونها مرتبطة بعلاقتها بامتداد كردستاني لا تخجل منه أمام أي طرح أو سؤال قد يطرح عن هذه العلاقة وخصوصا إذا نعتت بالمشبوهة أو سواها من التهم السياسية فهذا قد يفيدها في الإطار الكردي السوري خاصة أو العموم السوري إذا اضطر الأمر.

 إن الحقيقة الواضحة لتلك الحقبة الميتة سريريا ما زالت تستمر وإن بدرجات متفاوتة ومازالت الحركة تعاني من تشرذم وانقسام واضح في مفاهيمها ولم تستطع تجاوز تلك السلبيات المزمنة والتي رافقتها وخاصة في ظل الصراع السوري المستمرّ, لكن الراهن السوري سيفرض نفسه لولادة لاعبين حقيقين في مباراة قد تطول وعلى تلك الأطراف الكردية وخصوصا المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي وحلفائها لتكاتف الجهود وإنشاء جملة من العلاقات الجديدة والسريعة مع الدول الكبرى وتقديم مشاريعها التفاهمية ليصبح الشعب الكردي في سوريا أحد الأقطاب الرئيسية في المعادلة الدولية الراهنة وذلك مع كل احترام للعلاقات الكردستانية والاحزاب الشقيقة وسيتم ذلك حتما من بوابة المشروع القومي الكردي والاعتراف بوجوب حق تقرير المصير في اي جزء كردستاني كان. ودون ذلك يستذكرني قول للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عندما كان يقول لحشود المعارضة جملته الشهيرة “فاتكم القطار” .

التعليقات مغلقة.