الأمن القومي الكردستاني ضرورةٌ تاريخية
دون شك أن كل قوم أو دولة تبحث عن سُبل أمنها ضد التهديدات الخارجية والداخلية ويختلف اختيار هذه السُبل من دولة إلى أُخرى، و نظراً لأهمية الموضوع أردت التطرق إليه ولو بشكلٍ مقتضب هادفاً منه تدويل مسألة الأمن القومي في أوساط الشعب الكردستاني، فماذا نعني بالأمن القومي: هو حماية المواطنين والمجتمع ، وحماية مؤسساته وحكومته وبرلمانه من التهديدات سواء خارجية كانت أم داخلية من خلال قواته العسكرية وجيشه وقوات الأمن الداخلي ولكي يتحقق ذلك لا بُد من بعض العناصر المكونة لَهُ وأهمها الأمن العسكري والاقتصادي وهما عنصران مهمّان بالإضافة إلى الأمن الاستراتيجي والصحي والبيئة وعناصر أخرى مُكملة، حيثُ لكل عنصر من هذه العناصر تأثير مباشر على المواطن وبالتالي على المجتمع بشكلٍ عام، بالإضافة إلى ارتباط هذه العناصر بمفهوم عناصر القوة الوطنية التي بدورها لها ارتباطاً جدلياً بتلك العناصر وبمقومات المؤتمر القومي, ففي الوضع الكردستاني اليوم وفي المرحلة الراهنة مقارنةً بالمراحل السابقة نرى بأن العوامل مهيأة لمثل هذا الطرح وإعطائهِ الأهمية لهي من المسؤوليات التاريخية التي يفرضها علينا الواجب لخدمة شعبنا وحمايته، فلكي نخطو بهذا الاتجاه لا بد من تهيئة الظروف لعقد المؤتمر القومي, لتكون الخيمة التي تجتمع تحتها كافة القِوى الكردستانية، إذ لا يُمكننا الفصل بين الأمن القومي والمؤتمر القومي الكردستاني لجدلية العلاقة بينهما، فالعناصر الآنفة الذكر متوفرة والظروف الموضوعية كذلك متوفرة أكثر من أي وقتٍ مضى رُغم استمرار الاتفاقات الاستعمارية بين الأنظمة الغاصبة لكردستان ألا أن الإرادة الدولية وسياساتها تجاه المنطقة بعد مُضي مائة عام على اتفاقية سايكس – بيكو ولوزان قد تغيرت وما يجري اليوم يشير إلى خدمة الكرد وتحقيق حلمهم بعد أن أثبتت القوة العسكرية الكردستانية في كل جزء مدى فاعليتها على الأرض ضد الإرهاب الذي يجتاح المنطقة برُمتها من قبل المجاميع الإرهابية وعلى رأسهم تنظيم داعش ، فإن دل هذا على شيء إنما يدل على وجود العنصر الأساسي للأمن القومي ، فالقوة المتمثّلة اليوم في البيشمركة والكريلا وقوات الـ “YPG” لا يمكن الاستهانة بها في المنطقة ، أما العنصر الثاني المهم فهو الاقتصاد فاليوم يملك الكرد موارد اقتصادية كافية لتهيئة وخلق الأرضية لذلك، فبوجود هذين العنصرين إضافةً إلى إرادة الشعب الكردستاني لتحقيق طموحاته في الحرية والعيش الكريم في وطنهِ كردستان بالإمكان خلق خطوات سديدة تجاه تحقيق الهدف.
إذاً, لا يتحقق الأمن القومي ما لم نعقد مؤتمراً قومياً كردستانياً ولكي يتم ذلك لا بد من طرح بعض النقاط أو الشروط لتسهيل الطريق لإقامة تلك الخيمة التي نسميها المؤتمر القومي وأهمها:
– التحرر مِنْ الأنانية الحزبية وإعطاء الأولوية لفكر الأمن القومي بدلاً من الأمن الحزبي – طرح استقلال كردستان بالاستفادة مِن الظروف الموضوعية التي تخدم ذلك، وتهيئة الظروف الذاتية لذلك والمتوفرة أصلاً إذ لا بد من تسخيرها لهذا الهدف حسب الظروف وخصوصيات كل جزء
– التزام الأحزاب الكردستانية بعدم التدخل في شؤون بعضها البعض، وهذا ما يعطي المجال لكل جزء اختيار السياسات والآليات المناسبة في نضاله لتحقيق ما يصبو إليه الشعب هنا أو هناك، وبدلاً من التدخل تكريس أو خلق آليات لتمتين علاقات الإخوة بين كافة الأجزاء في إطار العلاقات الكردستاني.
– مساندة كل جزء للآخر اقتصادياً ومعنوياً من خلال المعابر الحدودية المصطنعة وتسهيل ما يمكن تسهيله لبناء جسر الإخوة
– التخلص من الأفكار والآيديولوجيات التي تصبح عائقاً أمام الفكر الوطني الكردستاني.
فخلاصة ما ذكرتهُ أن نبدأ ودون تأخير في تهيئة الأجواء والظروف التي تُمكننا من عقد المؤتمر الكردستاني لنتمكن من الاستفادة اليوم من القوى الدولية التي ولربما لأول مرة يتقربون فيها منا وإن كانت في سبيل مصالحهم, هذه المصالح التي تنسجم مصالحنا أيضاً، لأنه ومن البديهي العلاقات مع الأنظمة الغاصبة لا تأتي سوى بالدمار لقضيتنا، فإقامة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول العالمية المؤثرة أفضل وبكافة الأشكال من العلاقات مع هذه الأنظمة الاستعمارية المتفقة فيما بينها علينا ككرد مهما كانت حجم خلافاتهم.
إذاً الظروف الموضوعية و الذاتية مهيأة وعلينا كأحزاب كردستانية كبيرها وصغيرها العمل الجاد وبإرادةٍ قوية لخدمة شعبنا بتحقيق أمنه واستقلاله وتحقيق أمنه القومي ووحدة الصف تحت خيمة المؤتمر القومي الكردستاني .
*رئيس حركة التجديد الكردستاني- سوريا
نشر المقال في العدد (44) من صحيفة Buyerpress تاريخ 1-6-2016
التعليقات مغلقة.