على حركة المجتمع الديمقراطي أن تنظر إلى المرآة.!

61

“المواطن الذي يرى أقذر الخلق سابقاً يتبوأ منصباً ويستغله ضد من كان مكافحاً ومدافعاً عن قومه ..هذا المواطن لا تلوموه إن هاجر أو أصبح معادياً و كافراً بكل شيء اسمه ثورة و إدارة ذاتية”

simple-backgrounds-ssss14 copy
طه الحامد كاتب كردي

بما أن الرأس يبدأ بكلمة الحركة فهذا يعني نفي الجمود والسكينة في الجسم وبالتالي هناك ثمة حيوية ونشاط وبحث دائم عن ما هو جديد ومفيد, ولأجل ذلك هناك حاجة دائمة للنظر إلى المرآة بنظرة الناقد المحاسب والمستكشف عن الثغرات و الكبوات والأخطاء, و التي قد لا تكون مرئية نتيجة الغبار الكثيف بسبب سرعة وتيرة الأحداث و تزايد دوران عجلات الجسم للاستحواذ على الأولوية في معركة كبيرة تتشارك فيها متناقضات عديدة, وعناصر مختلفة في الحجم والهدف وكل عنصر يعمل على نفي العنصر الآخر واحتلال محله, في هكذا شكل من المعارك لا يمكن أن تبقى العناصر الداخلة فيها بمعزل عن التأثر والتأثير, و لا يمكن أن يحقق أي طرف  كل ما يبتغيه ولا يمكنه إنجاز كامل الأهداف التي يحملها في حقيبته السياسية والعسكرية, الحركة تمثل فريقاً اجتماعياً وسياسياً يحمل مشروعاً نهضوياً متكاملاً على كافة الأصعدة يصارع بها القديم المتأصل في بنية المجتمع الكردي الروجآفاي, الذي مازال بعض فئاته أسير الحالة النمطية الكسولة والمتراخية والمطيعة والقنوعة بالقليل, و لم تعي بعد مصالحها الحقيقية ولم تمتلك الإرادة الكافية التي تحرره من ذهنية الكردي الذي يرى في نفسه من الرعية المطواعة خلف راعي  سلبه على مرِّ العقود  معظم حقوقه.

المطلوب في الظروف الآنية:

بما إن مسارات جنيف توحي بأنه من الممكن أن يحصل توافق بين جزء من المعارضة والـ (ENKS) والنظام وهذا يعني أن هناك تحديات خطيرة سوف تواجهها الحركة, وستكون في مرمى تلك الصفقة التي يشارك فيها كل من تركيا وإيران وروسيا وأمريكا, وسوف تعتبر الحكومة التي يتحدثون عنها ذات شرعية دولية ومحلية وبذلك سنفتقد الكثير من أسباب الدعم السابقة التي كنا نعتمد عليها وذلك نتيجة تغير التحالفات والبيئة الفوضوية والفراغ  الحكومي الذي كنا نتحرك على أساسه ونستثمره لأجل ترسيخ مشروعنا في الفيدرالية والإدارة الذاتية, فإما أن نقبل بما ستؤول إليها مسارات جنيف أو نكون أمام حرب مفتوحة ولكن هذه المرة الخصم سيكون أقوى ومتسلح بشرعية ممنوحة له ولهذا أرى من المناسب

– إعادة النظر في المرحلة السابقة من خلال فرز كل عناصر الصراع ووضع كل عنصر على حدى و دراسة بنيته  وتركيبته ومراكز قوته ونقاط ضعفه و مقومات ديمومته, وثانياً دراسة علاقاته الخارجية والداخلية  لكل عنصر والمساحات التي من الممكن أن نشترك فيها ونستفيد منها، وهنا سوف أحدد العناصر الواجب إعادة النظر في علاقاتنا معها وهي (النظام ـ المعارضة ـ المجلس الكردي ـ هفبندي ـ الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي ـ منظمات المجتمع المدني ـ مسعود البارزاني ـ تركيا ـ روسيا ـ أمريكا ـ إيران ـ السعودية ـ المجتمع العشائري المحلي العربي ـ رجالات الدين المسيحي والإسلامي و الإيزيدي ـ قادة الرأي من الكتاب و الفنانين ـ رجال الأعمال ـ الأكاديميين والتكنوقراط).

– بما إن المجلس الكردي تنازل عن المشروع الفيدرالي و وافق على المشاركة بالحكومة  كمواطنين سوريين وساهم في تضييع الحقوق القومية للشعب الكردي وأعلن قادة المجلس المشاركين صراحة إنهم عاجزون عن تحقيق مطالبهم ومع هذا سيكونون شهوداً زوراً على صك التنازل لذا يجب التوجه إلى القاعدة الشعبية للمجلس الكردي بمعزل عن قاداتها, وكذلك الفئة الرمادية التي لم تتخذ القرار بعد أو التي لم تقبل بعد أو تقتنع بمشروع الحركة, ويجب الوقوف على طروحاتهم وماذا يريدون وتلبيتها وخاصة على صعيد المشاركة.

وبما إن تلك الفئات مرتبطة عاطفياً وغرائزياً نتيجة تاريخ طويل مع العائلة البارزانية و البيشمركة أجد من اللزام  أن نفتح باب العلاقات مع العائلة البارزانية والحزب الديمقراطي الكردستاني ـ العراق  والأخذ بنظر الاعتبار مصالحهم المرتبطة بوجود دور ونفوذ بين مناصريهم ومن الأفضل عدم ربط ذلك بوجود المجلس الكردي في التفاوض و كذلك الاعتراف بالعلم الكردستاني كعلم من الأعلام القومية تشرع بقانون في روجآفا رسمياً.

– إن أكثر ما يتم التركيز عليه من قبل القاعدة الشعبية تلك هو موضوع المقاتلين الكرد الموجودين في جنوب كوردستان, لا أجد أي ضرر من دراسة هذا الموضوع وإعادة النظر في الفيتو الأحمر عليهم و إيجاد مكان لهم كفوج أو لواء في روجآفا ضمن صفوف وحدات حماية الشعب و قوات سوريا الديمقراطية مادام عملهم سيكون تحت خدمة المشروع الفيدرالي والتعامل مع قيادة تلك القوات بشكل مباشر أو عن طريق الرئيس بارزاني ويشترط قبل ذلك إنهاء أي ارتباط لتلك القوات مع المجلس الكردي والائتلاف السوري ببيان رسمي وذلك لأنهما سيصبحان جزء من النظام .

– الائتلاف و المجلس الكردي سوف يصبحون جزء من النظام مقابل ذلك يمكن  تأسيس مجلس قومي كردي جديد مع كل من يؤمن بالفيدرالية من الكرد لمنع تنفيذ مخططات جنيف الخيانية بحق الكرد وهذا يتطلب قبل كل شيء كما ذكرت حل موضوع البيشمركة و إعادة النظر والانفتاح الجدي على الشعب الكردي والعفو عن كل من أعتقل والكشف عن مصير المعتقلين المفقودين إن كانوا عند النظام أو لدى الآساييش وبكل شجاعة.

– الموضوع الأكثر وجعاً وخطراً على الحركة وديمومة وشرعية الإدارة الذاتية هو عدم القدرة على  تأمين مستلزمات الشعب المعاشية والخدمية وخاصة الفقراء منهم والذين لا معيل لهم, هذا يتطلب قبل كل شيء مكافحة الفساد و الاحتكار  وتطهير الإدارة من الفاسدين والمتنفذين الذين يستثمرون دماء الشهداء و شعارات التأييد للحركة لأجل التغطية على الطرق الملتوية للإثراء الفاحش من خلال السلطة.

الفساد آفة تأتي مع السلطة  وتتوغل في مفاصلها وإن استفحلت تقضي على أطهر الثورات.. لهذا يجب التوقف عند ذلك وعدم كمِّ الأفواه المطالبة بكشف المفسدين ومحاسبتهم, ولا يجوز تأجيل ذلك بحجة الحرب أو القصف أو مسائل أخرى الشعب الجائع الذي يلتهي بتأمين خبزه وحاجياته وينام مهموماً يفكر بخبزه في الغد لن يستطيع أن يكون معطاء ولا مدافعاً عن أرض أو وطن يفتقر للعدالة والمساواة, المواطن الذي يرى أقذر الخلق سابقاً يتبوأ منصباً ويستغله ضد من كان مكافحاً ومدافعاً عن قومه.. هذا المواطن لا تلوموه إن هاجر أو أصبح معادياً وكافراً بكل شيء اسمه ثورة وإدارة ذاتية.

التعليقات مغلقة.