لا للفيدرالية.. نعم للتقسيم..!

61

12920916_1267028596645317_275694513_n“لا لسوريا لكل السوريين “هتاف وجدان السوريين العميق وهم يحملون لافتات لا للفيدرالية. مظاهرات بألوان علم الاستقلال السوري علم الثورة ترفع شعاراً واضحاً يرفض أي تطعيم في صورة سوريا البعث وكأن أيام ودِّ الثورة ورفع علم كردستان في حمص ودرعا كانت استعادة لانفتاح ربيع دمشق حين تغيير رأس النظام في سوريا من الأب للإبن قد انتهت وآن أوان الهوية العميقة للأغلبية بإعدادها لبعثها الجديد. خرج المتظاهرون يرفضون الاعتراف بصيغة نظام سياسي اقترحه الكرد تأسيساً لشراكة في سوريا المستقبل قد يُتاح لها التفوق علی مئة سنة من عمر سوريا الحديثة كانت العربية فيها هويتها الوحيدة ثقافةً.. فناً و سياسة.

لا للفيدرالية.! حسناً ما البديل الذي يقدمه الوطني السوري لأبناء القومية الأخری غير العربية في سوريا؟

لا شيء، فسوريا عربية وستبقى كذلك. هي الهوية التي تغلق الباب بوجه المختلف الضيف لو شاء أو فليرحل. لا مخرجات أخرى لخطاب ثوار سوريا و قالبي نظامها الديكتاتوري بما حملهم للخروج عليه.

شعارات الأمس القريب ما زالت حاضرة في الذاكرة بل أكثر من ذلك ما زالت قيد التداول والاستعمال (سوريا لكل السوريين) المدخل يبدو جيداً علی المستوی الوطني لكن من هم السوريون؟ يسارع خطاب الثوار التوضيح صلاح الدين الأيوبي، يوسف العظمة كانوا كرداً و هم المثل الأعلى لكل عربي سوري.

حسنا لنحاول تفكيك هذه المقولة: ما هو الكردي في الرمزين المذكورين وغيرهما عشرات؟

لم يذكر التاريخ خطاباً كردياً لهما لم يذكر أحد أنهما طرحا مشروعاً كردياً ولو على المستوى الثقافي/الاجتماعي. سياسياً صلاح الدين حرر القدس البعيدة جداً عن موطن الكرد، يوسف العظمة مات دفاعاً عن دمشق عاصمة سوريا العربية. هم ببساطة عرب من أصل كردي يرد الكردي الطامح لعيش “كرديته” في الجغرافيا السورية.

لا ينافق الثائر السوري المنقلب على نظامها العنيف أحداً حين يعتبر الرجلين نموذجاً للكردي الجيد، جرت العادة أن يوصف أمثال هؤلاء بالأكراد الشرفاء الذين يستحقون الاحترام بمقابل الكرد العملاء الانفصاليين الذين يريدون اقتطاع جزء من أرض الوطن لإقامة فيدراليتهم المزعومة. مرة أخرى استعادة لمقولة بعثية شهيرة وتهمة دفع الكثيرون سنيناً من حياتهم في سجونه ” التآمر على الوطن بغاية اقتطاع جزء من أرضه ” طرافة الثوار تمتد عمقاً لتشوه الفيدرالية نفسها كنظام سياسي يتغلب على التقسيم بجمع عدة ” أوطان ” أو أقاليم في دولة عصرية واحدة يتمتع مركزها بالمرونة الكافية لترك الأطراف تدير شؤونها.

“لا للفيدرالية” شعار الثوار الجديد الذي يسد الباب أمام وحدة الأقاليم لا يقدم حلاً يرقى لمستوى العقد الاجتماعي/السياسي بل يؤسس لتقسيم سوريا القادم على أنقاض هزيمة طروحات الأغلبية المغالبة لتفكيرها الأقلوي العاجز أمام تلون هوية سوريا المستقبل. “لا للفيدرالية” لافتة ستشغل حيناً مظاهرات الثوار وأدبياتهم ليرفعوها يوماً بوجه الشمس فتشف بعبارة أخرى “نعم للتقسيم” .. ليس للمتهمين بالانفصالية يد بها بل هو ما قرؤوه على ورقة صغيرة معلقة على باب الوطن: يرجى عدم الإزعاج نحن نائمون ولا نريد منكم خدمات فيدرالية فتشوا عن عنوان آخر يأويكم .. فكروا بالتقسيم.

محمد نبو

كاتب كردي – أربيل

التعليقات مغلقة.