أمجد ناصر: ما قدَّمه سليم بركات من منجز في العربية هو في الوقت نفسه طرح لقضيَّة شعب.
إيناس العبَّاسي: لقد عرفت الكردَ وآلامهم من خلال الروائي سليم بركات.
خالد خشان: ألم يكن بلند الحيدري في العراق قطباً من أقطاب الشعر العربي المعاصر؟
قبل اندلاع الثورة في سوريا كان وضع الإعلام الكردي مزرياً من ناحية التشديد الأمني والإقبال الجماهيري الكردي عليه, كانت هناك ضوابط قمعيَّة تمنع من وصول هذا الإعلام إلى الجماهير الكردية والشعب الكرديّ, وكان جلّ اهتمام السلطات الأمنيَّة منع الكرديّ من التكلّم بلغته, منع الكردي من تطوير إعلامه بشتّى الوسائل الاستبدادية, مهما كلَّف ذلك الأجهزة الأمنيَّة, ولم يكن أمر المنع مقتصراً على الأجهزة الأمنية في مواصلة جهودها الحثيثة, لا, ولكن أيضاً المؤسسات الإعلامية الناطقة باللغة العربية سواء من وزارة الثقافة السورية أو وزارة الإعلام وبقية المؤسسات الإعلامية التي كانت تستبعد الشخصيات الثقافية الكردية حتّى تلكَ التي كانت تكتب باللغة العربيَّة, وفي ذلك الوقت كان الرعيل الأوَّل من الأدباء الكرد هم من وضعوا على عاتقهم مهمَّة إيصال قضية الشعب الكرديّ إلى الآخر العربي في ظل انعدام إعلام كردي يستطيع إيصال صوته إلى الآخر, سواءً عن طريق الأدباء الذين أنقذوا حياتهم بالقفز من فوق أسوار الحدود السورية أو من خلال مواقع الإنترنت التي كانت تُدارُ سرَّاً سواء من داخل سوريا أو من خارجها خوفاً من أجهزة الأمن, هذه المواقع التي اهتمّت بنقل الأدب الكردي إلى الآخر.
من غير الممكن ذكر الأسماء الكردية التي عملت في ذلك الوقت أو حصرها لأنَّ ذلكَ تجاوز لبعض الأسماء التي ابتعدت عن الضجَّة الإعلامية وعملت بهدوء وحذر شديدين غير أنَّها عملت بجدّ وتفانٍ في سبيل إيصال الصوت الكردي, أمَّا بعد اندلاع الثورة السورية اختلف الوضع برمَّته لصالح الإعلام الكردي أي من ناحية الحريَّة حيث سارع الشباب الكردي إلى نظرة أخرى للإعلام وإلى إعادة قراءة الأدباء الكرد بطريقة صحيحة نسبيَّاً واستمرّ الوضع منذ بدايات اندلاع الثورة السوريَّة لتُمنح مساحات حريَّة أوسع وأكبر للإعلام وليتمكّن الآخر لا بل حتى الكرد أنفسهم من قراءة نتاجهم مرَّة أُخرى وبشكل أدقّ بعيداً عن التشديد الأمني, ولكن المُعضَلة الأساسية, هي نظرة الآخر العربي إلى الشخصيَّات الإعلاميَّة أو الأدبية الكردية التي كانت تكتب باللغة العربيَّة والتي تنقل آلام وتطلّعات الشعب الكردي في تحقيق دولة ولو شبه مستقلَّة بعيداً عن بارود العسكر ,هؤلاء الأدباء والإعلاميين العرب الذين كان يكتب معظم الأدباء الكرد إلى جانبهم في كبرى الصحف العربية الصادرة في بيروت وفي بقية البلدان العربية كيف ينظرون إلى الإعلام الكردي حالياً, منهم من جاوب على التساؤل ومنهم من اعترف بعدم اطِّلاعه على المنتوج الإعلامي والأدبي الكردي, وفي سؤال وجهّناه للشاعر العربي (أمجد ناصر) كونه كان رئيساً لتحرير الصفحة الثقافية ضمن جريدة ( القدس العربي) الصادرة في لندن التي كانت تستقطب أسماءً شعرية وأدبية كردية وكانت مُتنفَّساً للأدباء الكرد المُقيمين خارج سوريا وكان السؤال هو التالي: برأيك هل استطاع الأدباء والشعراء الكرد ولو بشكل بسيط طرح الشعب الكردي وألمه؟, أجابَ ناصر:
“أظن أنهم استطاعوا, وليس بالضرورة بطريقة مباشرة، يعني ما قدمه سليم بركات من منجز في العربية هو في الوقت نفسه طرح لقضية شعب حيل بينه وبين أحلامه في الاستقلال والحرية.. هناك بطبيعة الحال نماذج شابة تكتب بالعربية يقومون بهذا الغرض ولكن من خلال تحقق نصوصهم فنياً، يعني أن القضية لا تطفو على السطح وليست شعاراً خارجياً بل قد تكون مستبطنة, ويتابع أمجد ناصر :
أنا أرى أن القضية الكردية هي قضية عربية، بمعنى أنها جزء من القضايا التي كان ينبغي أن يتصدى لها الوعي العربي، فضلاً عن كونها قضية انسانية يمكن أن تجلب تعاطف أناس من خارج المحيط الاقليمي.. الشيء الأخير الذي أودُّ التركيز عليه هو أن اسهام الكتاب والشعراء المتحدرين من أصول كردية مهم جداً في الثقافة العربية التي أنظر إليها بوصفها ثقافة من يكتبون بها وليس مهماً العرق.. الثقافة التي نريدها هي الثقافة التي تتجاوز البعد العرقي وتقاوم الشوفينية العرقية أو حتى الدينية.. لدينا قضايا متداخلة في هذه المنطقة وعلينا أن نتصدى لها من وجهة نظر الانتماء العميق الى المنطقة بصرف النظر عن العرق والدين واللغة.
وتوجّهنا بالسؤال ذاته الى الشاعرة التونسية (إيناس العباسي) فأجابت: “لقد عرفت الكردَ وآلامهم من خلال الروائي سليم بركات ورواياته الرائعة ومن ثم بعدها من خلال شعر الشاعرة آختين ولات وحسين حبش ومن ثم الكثير من الأفلام الرائعة والمؤلمة وخاصة تلك التي عُرضت في مهرجانات السينما وهكذا بدأت أبحث عنها من خلال الإنترنت وأيضاً ساهمت الموسيقا الكردية التي بدأت أبحث عنها على الرغم من أنني لا أفهم بكلمات الأغاني التي تُغنَّى في معرفتي لهذا الشعب ومنتوجه الثقافي”.
وفي سؤال آخر إلى (زياد ميمان) وهو محرر في موقع وكالة أنباء الشعر العربي حول مدى اطلَّاعه على الإعلام والأدب الكرديين وهل وفَّق الأدباء الكرد في نقل الصورة المرجوَّة للحال الكرديّ فكان جوابه : “من الممكن أن يعطي صورة عندما يقترب من الناس بشكل أكثر وأن يخاطبهم بلهجة عربية”!!.
أما الشاعر العراقي (خالد خشّان) وفي سؤال قمنا بتوجيهه له عن مدى توفّق الشخصيات الاعلامية والأدبية الكردية في نقل واقع الشعب الكردي للآخر قال :” الشعر الذي كتبه الشعراء الكرد باللغة العربية هو جزء مهم من الشعر
العربيّ, ألم يكن بلند الحيدري في العراق قطباً من أقطاب الشعر العربي المعاصر وهو من أصول كردية؟”.
لا يمكن وفي ظلّ الإعلام الالكتروني الحرّ والذي يعتوره شيء من فوضى غير ممكن السيطرة عليها أن نحدِّد الرؤى ولكن من الممكن أن نطرح سؤالاً هو التالي: هل توصَّل الإعلام الكردي حتى هذه اللحظة إلى الغاية المرجوَّة منه والتي هيَ محاولة رصد الواقع كما هو ونقل أوجاعه؟\
وهذه المرّة توجّهنا بالسؤال إلى إعلامية تعمل في الداخل السوريّ وهي الشاعرة والإعلاميَّة (هيفي قجو) التي تعمل كمعدّة برامج في (إذاعة آرتا), كان جوابها:”الإعلام الكردي لم يتوصل حتى اللحظة إلى الغاية المرجوة منه و هذا يعود لأسباب عديدة : أولها أنه ليس بإعلام حر و ثانيها أنه إعلام غير مستقل في أغلبه و ثالثها أنه إما منحاز لهذه الجهة أو تلك عدا عن ذلك فالإعلام الحزبي لا يترك مجالاً للإعلام الحر و هو إعلام الكم وليس إعلام النوع, كما أنَّ هذا الإعلام دخل عليه دخلاء ومتطفلون ومتسلقون لا يعرفون أصول هذه المهنة حيث أصبحوا عالةً عليه ويتاجرون به في أغلب الأحيان” .
إذاً, المشكلة لا تكمن في الآخر العربيّ ربما, المشكلة تكمن في الإعلام الكردي وطريقة طرحه للألم الكرديّ المكتوب باللغة العربيَّة.
التعليقات مغلقة.