مخاوف وتطمينات !

33

طه الحامد

بدون عنوان-1

” قبل سنتين في بروكسل سألني قائد كبير في الحركة عن سر التعاطي السلبي من قبل قطب كوردستاني كبير مع روجآفا وباكور …. أجبت إن السر يكمن في الخوف من إمتداد الأوجلانية إن إنتصرت في روجآفا و آمد إلى جامعات السليمانية وهولير وكركوك” !

إنضم حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإن كان بشكل خجول في الأيام السابقة مُبدياً إمتعاضه وتخوفه من مايُشاع حول نية ب ك ك في إشعال ثورة وتحريك الشارع الجنوب كردستاني بالتنسيق مع حركة كوران ضد الحكومة الحالية, وهذا ما دفع بالقيادي مُراد قره يلان لتبديد تلك المخاوف وتكذيب ما تم تداوله حول ذلك, بل أعاد ما قيل سابقاً مرارا إن الحزب يطالب بتوحيد الحركة الكردستانية وتأسيس مرجعيّة قوميّة لإقتناص الفرصة التاريخيّة الراهنة لصالح حرية الشعب الكورديّ.

بالحقيقة وبغض النظر عن ما قاله القيادي مراد قريلان من نفي لأي تدخل مباشر في شؤون الإقليم الداخلية وهو صادق في ذلك, هناك مياه بدأت تجري من تحت أقدام قادة الحزبين وقابلة أن يرتقفع منسوبه إن بقيت الأمور على ما عليه, فالأزمة التي يعيشها الإقليم على الصعيدين السياسي والإقتصادي بدأت تؤثر على المزاج الشعبي الذي كان منقسما من حيث الولاء الحزبي بين قطبي الطالباني والبرزاني وإن كان ذاك الولاء بشكل مناطقي أكثر من كونه ولاء للأفكار والسياسات .

إستمرار الأزمة وتعمقها يوماً بعد يوم أدى إلى ظهور حركات إحتجاجية وبوادر واضحة لنشوء حراك شعبي في أوساط الطبقات الفقيرة بدأت تتبلور يوماً بعد يوم لا سيّما في الجامعات وبين الأوساط الشبابيّة والعاطلين عن العمل! .

ومن هنا ظهرت المخاوف من تثوير الشارع وإضافة زخم إضافي لحركة التغيير بقيادة نوشروان مصطفى من قبل مناصري ومؤيدي حزب العمال الكوردستاني الذين يزدادون بوتيرة عالية وخاصة بعد أن شاهد الرأي العام بأم أعينهم القدرات العسكرية وروحية التضحية والإرادة لدى مقاتلي الحزب في الدفاع عن جنوب كوردستان في معارك شنكال ومخمور وخانقين وكركوك مما دفع المئات من الشباب والشابات للإنضمام والقتال معهم في كل الجبهات متجاوزين الذهنية العشائريّة والمناطقيّة الصورانيّة والبهدينانيّة و كسروا أطواق الجغرافية الضّيقة التي حارب ضمنها آبائهم بشكل شرس ضد دكتاتورية الأنظمة الحاكمة في بغداد في العقود السابقة, فعهد آبائهم والبيشمركة الأوائل كان مختلفاً فقد كانوا محكومين بظروف إقليمية خاصة وحدود جغرافيا بدأت بالإنهيار في السنوات الأخيرة مما ساعد ذلك بالإنتقال من الدائرة المحلية الضيقة للكفاح الكردي بشكله الكلاسيكي المعروف إلى رحاب العمل الكوردستاني القومي العابر للإنتماءات المحلية وهذا ماكان يعمل عليه ب ك ك منذ تأسيسه حتى اللحظة , فهذا الحزب وإن كان يأخذ بعين الإعتبار خصوصيّة كل جزء والحدود السياسية للدول إلا إنه كان مواثباً دوما على إن كردستان كتلة جغرافية وشعبيّة واحدة وإنهم لا يعترفون بتلك الحدود في حربهم الضروس ضد الأنظمة الغاصبة لكردستان وإن كانت ومازالت الأولوية لدى الحزب هو شمال كوردستان لما تشكله الفاشية التركية من ثقل وخطر كبيرين على الأجزاء الأخرى .

إذاً .. مكمن الخوف هو بالنسبة للحزبيًّن في الجنوب الآن هو شبح الأوجلّانيّة كمنظومة فكرية فلسفيّة قوميّة يساريّة ناهضة وآخذة في التمدد و تتناقض مع منظومة الحكم في هولير والسليمانية , هذا الحكم الذي ورث تراث مرحلة الكفاح ضد الأنظمة الدكتاتورية في بغداد وإنتقل قادته من حقبة الكهوف وقمم الجبال والروح البيشمركايتيّة إلى حقبة النفط والقصور والأرصدة المالية الضخمة و رئاسة شركات و الأخطر من ذلك تحويلهم لجزء كبير من القوة الجبارة للبيشمركة التي كانت ترهب أقوى الجيوش إلى قوات حزبية تابعة لقادة الأحزاب وحامية لسلطاتهم, في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون تلك القوة مستقلة وموحدة بعيدة عن المنكافات الحزبية والتدخل في الشأن السياسي الداخلي .

قبل سنتين في بروكسل سألني قائد كبير في الحركة عن سر التعاطي السلبي من قبل قطب كردستاني كبير مع روجآفا وباكور …. أجبت إن السر يكمن في الخوف من إمتداد الأوجلّانيّة إن إنتصرت في روجآفا و آمد إلى جامعات السليمانية وهولير وكركوك !

بالخاتمة ..التطور التاريخي المعروف لكل الثورات في العالم مساره مرتبط بالقرب أو البعد عن المصالح الإقتصاديّة والعدالة الإجتماعيّة للطّبقات الفقيرة التي كانت وقوداًُ لتلك الثورات ….الثورة تموت و يفقد قادتها بريقهم النرجسي في ذهن الشعوب عندما ينتقلون من كهوف الثورة إلى عروش الثروة !

التعليقات مغلقة.