سوريا المستقبل.. اتحاديّة فدراليّة تعدديّة لا مركزيّة

28

” لا يمكننا انتظار الغير لتحديد مصيرنا, بل سنعمل على إدارة أنفسنا وشعبنا الذي يطمح للفدرالية لعموم سوريا, وسنعمل من أجلها على جميع المستويات, لأننا أثبتنا للعالم – حقا – أننا قادرين على ذلك من خلال إدارة مناطقنا وعدم السماح للفوضى والأفكار العنصرية والطائفية بالتسرّب إلى مجتمعنا”

بشيرة محمد درويش*

بشيرة درويش

يعتبر القرن الواحد والعشرين قرن التغيّرات ورسم الخرائط الجديدة للعالم, سيّما في منطقة الشرق الأوسط والتي تشهد تغيرات وتحولات، لا بدّ من الإشارة لها وخاصة أن الدول العظمى تتلاعب بمصير الدول القومية التي شتتتها في سبيل تأمين مصالحها في المنطقة, كلّ حسب ظروفه, وما تمتلكها هذه الدول – بعد الحرب العالمية – من الإمكانات والموارد الطبيعية والأسواق لرعاية مصالحها.

الآن, وبعد أن أزالت هذه الدول الحدود فيما بينها, وتضخّم رأس مالها, كان لابدّ لها من توسيع أسواقها في منطقة الشرق الأوسط, فبادرت لتصدير أفكار متطرفة إلى المنطقة لسهولة استنزافها وتصريف أسلحتها وبضاعتها, ابتداءً من تونس وليبيا ومروراً باليمن وسوريا.

ورغم مرور سنين على ثورة روجآفا والفوضى التي تعمّ سوريا وهجمات داعش والمجموعات الإرهابية كجبهة النصرة وغيرها، فأن الدول العظمى المتمثلة بأمريكا وروسيا لا تزالان تحافظان على التوازن, حفاظاً على مصالحهما, ولا ترغبان حتى الآن بالبحث عن حلول للمسألة السورية عموماً, بل وتتعمدان عقد مؤتمرات واجتماعات دون طائل. فاجتماعات ” فيننا وجنيف” لم تجدا – إلى الآن – حلاً للوضع السوريّ.

أمّا بالنسبة لروجآفايي كردستان فأن نظام الإدارة الذاتية والقوات العسكرية المتمثلة بالـ (YPG-YPJ) والآن قوات سوريا الديمقراطية غيّرت الكثير من موازيين القوى في المنطقة, وباتت القوى المتطرفة المدعومة من السعودية وتركيا تدرك تماما أن الكرد في روجآفا لا يمكن أن يكونوا أداة بيد غيرهم, بل هم من سيحمون شعبهم وأرضهم، وراحت الأطراف المعارضة تتعمد فيما بينها على تشويه نظام الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية رسمياً وعبر قنواتها، كما بادرت تلك المعارضة إلى عقد مؤتمر “الرياض” الذي جمع أطرافاً من الكرد, لا علاقة لهم بالقضيّة الكردية, وتدعم ما يسمّى بـ “المعارضة السورية ” المتمثلة بالائتلاف والكتائب العسكرية المتطرفة التي لها باع طويل في قتل الشعب الكرديّ, كما حصل في سري كانييه وغيرها.

فمؤتمر “جنيف3” الذي دعا هذه الأطراف دون الإدارة الذاتية الديمقراطية والقوات التي تمثل إرادة الكرد والشعب السوري عموماً, لا يمكن له أن يضع حلولاً للوضع السوري بهذا الحال, وظهرت حالة عدم النجاح جليّة قبل فترة, حينما استدعي أعضاء مؤتمر الرياض والذي كان عبارة عن اجتماع مباحثات فقط لجمع الأطراف على طاولة واحدة دون أن يخرج بأي نتيجة في جولته الأولى.

وبالمقابل من ذلك حضر وفد رفيع المستوى ممثلا بأمريكا وفرنسا و بريطانيا إلى مدينة كوباني عبر أراضي روج آفايي كردستان, حيث توضح حقيقة أن مؤتمر جنيف لا يمكن أن ينعقد أو ينجح إلا بحضور الممثل الفعلي للشعب الكرديّ خصوصاً, والشعب السوري عموماً, والمتمثل بمجلس سوريا الديمقراطية الذي يضم أطياف الشعب السوري من كرد وعرب وسريان وايزيديين وشيشان وتركمان.

هذه هي إرادة الشعب السوري, المدافع عن سوريا من الداخل السوري, غير مدعومة من الخارج, بل من قلب سوريا, ووُعد الوفد بحضورهم في الجولة الثانية من جنيف3, لذا نؤكد على حضورنا جنيف3 وأن الأطراف المتنازعة لا تريد أن يكون هناك أي حل للمسألة السورية.

وإن لم نحضر جنيف3 أيضا فأننا في الإدارة الذاتية لا يمكننا انتظار الغير لتحديد مصيرنا, بل سنعمل على إدارة أنفسنا وشعبنا الذي يطمح للفدرالية لعموم سوريا, وسنعمل من أجلها على جميع المستويات, لأننا أثبتنا للعالم – حقا – أننا قادرين على ذلك من خلال إدارة مناطقنا وعدم السماح للفوضى والأفكار العنصرية والطائفية بالتسرّب إلى مجتمعنا, وسنبقى مصرّين على اللحمة الوطنية, وإخوة الشعوب, ولن نسمح لأحد اللعب بنسيجنا الوطني, بل سنعمل على المشاركة الفعالة لكلّ المكوّنات في إدارة أنفسهم كلّ حسب خصوصياته.

إذاً, لا يمكن لجنيف3 أن يخرج بأي قرارات لحلّ المسألة السورية إلا بحضور مجلس سوريا الديمقراطية وممثلين عن قوات الحماية الشعبية وقوات سوريا الديمقراطية، ويحدونا الأمل أن ينعقد المؤتمر كما حدّد, وأن يكون مؤتمراً شاملاً يفضي إلى نتائج ترضي جميع الأطراف, ومنها سوريا المستقبل التي يكون فيها حقوق جميع مكوّنات الشعب مصانة.. سوريا اتحادية فدرالية تعددية لا مركزية.

*عضو الهيئة التنفيذية لحزب الاتحاد الديمقراطي(PYD)

نُشر هذا المقال في العدد 38 من صحيفة “Buyerpress”

2016/3/1

01

التعليقات مغلقة.