قصة الكرد مع قادتهم

30

برزو محمود”  تلك هي قصة الكرد مع قادتهم ومربي الساسة في مجتمعهم المأزوم تاريخيّا بفعل قساوة الأعداء من حولهم من جانب، وقساوتهم مع بعضهم من جانب آخر ويبدو لي أنّ قادة الكرد يقودون شعبهم نحو السراب، معضلة تنتظر منقذا خارجيا يتطلب مصلحته أن يضمنا إلى صفوف البشر

 

ثمة آراء وتساؤﻻت تطرح نفسها فيما يتعلق بأزمة السياسة الكردية في سوريا على أنها مأساة حقيقية يعيشها الإنسان الكردي في ظل التضحيات الكرديّة الجسيمة، على حد قول الأستاذ أكرم حسين بوصفه مثقفا مهتما بالشأن الكردي. هذا الطرح له مبرراته الواقعية كوننا نتصدى موقفا مصيريا في جنيف 3 ونعيش ونعاني من أزمة سياسية جوهرها؛ حالة اﻻنقسام الكردي. وثمّة أسئلة عديدة تطرح نفسها على الساسة الكرد وأين هم من جنيف 3 التي ستبحث في مستقبل سوريا؟؟ هل من الموضوعيّة أو هل من اﻷحقية قول (ما تزرعه تحصده)؟ وأنّ السياسة لعبة الشاطر لمن يمتلك أدواتها وتقنياتها ليفوز بالنتيجة، أم أنّنا ككرد نتاج الثقافة السائدة بكل سطحيتها الفكرية وطبيعتها المتخلفة تعمل بنسق متزامن ومتفاعل مع الحدث السياسي ونعمل بفعل رد الفعل؟ ثمّة ثوابت سياسيّة تقول إنّ كل سياسة ﻻ تمتلك استراتيجية واضحة، وأهداف واضحة، ورؤية ثاقبة للحدث في إطارها الإقليميّ والدوليّ تدور في مدارات فارغة تبحث عن ذاتها وﻻ تجدها ﻷنّها في اﻷساس ﻻ تملك الخطة التي توجهها أو الطريقة التي تحقق هدفها، وتصبح غير قادرة أن تميز اﻷصدقاء من اﻷعداء وخاصة إذا عملنا على مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) وبهذا ندخل في نفق مظلم جدا وتصبح الرؤية غامضة مع تصلُّب حالتنا العضلية وغياب تام لإدراك العقلي في تحليل اﻷمور.

لذا يتحول العمل السياسيّ إلى معمعة ومستنقع لما هبَّ ودب، كل واحد من كان يشلف كلمته دون تفكير بعواقبها إلى أنْ يضطر إلى ركوب (بلمة beleme) ليغرق في بحر ابجة أو ما شابه ذلك. تلك هي قصة الكرد مع قادتهم ومربي الساسة في مجتمعهم المأزوم تاريخيّا بفعل قساوة الأعداء من حولهم من جانب، وقساوتهم مع بعضهم من جانب آخر، والتي تظهر بشكل أعمى وأشد ظلما، وﻻ يملك جنس الديمقراطية، وفي غياب أدواته الحضاريّة والمدنيّة في التعامل، بل يستند إلى ثقافة الظالم المضطهد (بالكسر) بحيث يصبح منفذا لمخططات ربُّما وضعها له أعداءه الإقليميّة بسبب العامل الجيوسياسي المفروض إلى حدٍّ ما، مما قد يسبب المأساة التي ﻻ نتوقعها في البداية. والمشكلة الأساسية اﻷخرى تكمن في ماهية وطبيعة سياسة المسؤول عن الرعية رغم أنّ وعي الرعية يلعب دورا كببراً في المجتمعات المتحضرة أو غير المضطهدة. أما في حالة الكرد اﻷمر يختلف تماما ﻷسباب عديدة أهمها الاضطهاد التاريخيّ في كل جوانب الحياة: الثقافيّة والدينيّة واﻻقتصاديّة واﻻجتماعيّة مما يولد شخصيّة كرديّة مشوهة وبوعي مشوّه يمكن اصطياده بسهولة سواء من قبل اﻷعداء أم من قبل اﻷحزاب الكردية، وهي هنا المأساة المستعصية على الحل ﻷنه يدخل تائهاً ويخرج منها تائها يبحث عن مخرج أو حل لكنه للأسف ﻻ يجد أمامه سوى السراب، ويبدو لي أنّ قادة الكرد يقودون شعبهم نحو السراب، معضلة تنتظر منقذا خارجيا يتطلب مصلحته أن يضمّنا إلى صفوف البشر.

 

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 37 بتاريخ 2016/2/15

 

13

التعليقات مغلقة.