ما بين عمامة الفقيه وعقال الأمير..!

35

0

ما يفعله النظام الحاكم في إيران  باسم الثورة الإسلامية هو افتراء على “الدين الإسلامي” وأيُّما افتراء، العصابة الحاكمة فيها والمرتبطة منذ نشوئها بكبرى أجهزة الاستخبارات الدوليّة المعادية لشعوب الشرق – وعلى وجه الخصوص المسلمين منهم- لم تعمل يوماً لخدمتهم أو خدمة شعوب إيران على مختلف أعراقهم ونحلهم والشيعة على التخصيص؛ هي فقط تمتطي عواطف البسطاء من أتباع المذهب, بل بلغ الأمر إلى ما قبل أعوام لهيب الثورات في المنطقة ونتيجة للبروباغندا التي عملت عليها هذه المافيا “المرعبة” إلى جذب حتى أتباع المذهب السنّيّ في الدول العربية إلى دائرتها فنعت الكثير منهم “حسن نصر الله” زعيم “حزب الله” اللبناني المعروف بولائه المطلق لعمامة الولي الفقيه بـ (صلاح الدين الأيوبي الثاني) مما عبر عن سخافة منطقهم وانبطاحه في آن، كما انجرَّ إلى فخاخ المقاومة المزعومة بعض من علماء السنُّة البارزين فقال “البوطي” في حقه كلاماً أقلُّ ما يقال عنه “دروشة” على عتبات الظاهر المخفي وبعد انتهاء صلاحيته ـ كورقة ـ أنهى ذيول إيران في سوريا حياة الرجل في دمشق آل الأسد.

الطغمة الحاكمة في هذه الدولة تمتلك تاريخاً حافلاً بالجرائم والظلم والقتل، ببساطة هي تعمل لإعادة مجد الإمبراطورية الفارسية فرأت في الدين سبيلاً بجعله “أفيوناً” مستغلة أكذوبة آل البيت ومسرحيةً ـ سراباًـ ينتظر المشاهدون خروج الإمام من سردابه، فأسكتت كلَّ هتاف حرٍّ صدح خارج سرب الإمبراطورية المنشودة، قوائم امتلأت حتى التخمة قيَّدت أسماء أحرارٍ أُزهقت أرواحهم بلا هوادة “أدمغة ـ علماء ـ أطباء ـ مواطنون شرفاء ـ وو..!”.

وما زالت الذاكرة الإيرانية تُدَغْدِغُها ذكرى أسماءٍ مرموقة “علي شريعتي” مثالاً، لقد قال: ” لا، فأُسكت إلى الأبد” كما قال عنه الكاتب “عبد الإله الصائغ”, بلى لقد اغتالته يد المافيا نفسها في العام 1977 في بريطانيا قبل قيام الملالي بثورتهم ضد الشاه بعامين ومازالت رائحة دم الكرديين الثائرين (عبد الرحمن قاسملوـ صادق شرف كندي) تفوح من (فيينا) ولم تستطع مافيا الملالي غسل عارها إلى الآن، إعدامات يوميّة مذ تناهى إلى أسماع الإيرانيين نبأ الثورة الإسلامية في بلادهم ـ وإلى هذه اللحظة ـ  تطال كل من قال و يقول لا في حرم إمبراطورية الولي الفقيه.

وقريباً من تلك و على الجبهة الأخرى هنالكم الدولة “السعودية” والتي طوَّبت “حاضرة العرب” باسم عائلة دون سواها ضاربة عرض الحائط مبادئ ثورة السماء في مكة، لقد سعت وتسعى عبر خشوم أمرائها إلى لبس لَبُوسِ الدين مذ اعتلى “آل سعود” العرش في تلك البلاد وتحاول جاهدة لعب دور شخصية خادم الحرمين الشريفين، مظهرةً نفسها لقمة مستعصية في حلوق جنود الدولة الصفوية لا لشيء وإنّما لتأصيل ملكها العضوض على المذهب السنّي وأتباعه عموماً وعلى العربان والرعيان خصوصاً.

وليس بخافٍ ما اكتنف تاريخ هذه العائلة من العلاقات المشبوهة مع نفس الجهة التي تعاملت معها دولة السراديب، إلا أنْ الخلاف بينهما هو خلاف حول زعامة “الشرق الإسلامي” لذا تحاول كلاهما بذل الجهد في تنفيذ مشاريع الأجندة التي تتبعها لبلوغ رضاها وفي نفس الآن تعمل تلك الجهات على استغلال هذا التهافت من قبل النظامين الحاكمين فتضرب رأسيهما ـ بين الحين والآخرـ  ببعضهما البعض فيستمر النطح وتتشابك العمائم والعُقل ليقدما قرابين الفداء مأخوذين من لحاهم إلى مقاصل الذبح بعد ذلك.

داخلياً انتهاكات “حقوق الإنسان” بلغت الحلقوم في مملكة طويل العمر، إسكات لكلّ ما هو إنسانيّ إعدام طال حتى الثقافة والشعر، وما يحزُّ في النفس أنها تطلى بطلاء الدين بأحكام يطلقها ثلّة من “العلماء” الشواذ والفُصاميين، وما إعدام “نمر باقر النمر” في الآونة الأخيرة إلا تحقيق وتجذير للسمفونيّة الطائفية التي اعتاد النظامان على إلقائها بـ (أوركسترا) على مسارح الشرق الإسلامي مطربة مسامع “دراويشه”.

علماً أن في دلالة الحدث سياسيّاً معاني واضحة المعالم في طريق إحاطة ـ آل سعود ـ المجتمع الدوليّ وعلى رأسها “الولايات المتحدة الأمريكية” أنها ستمرغ أنوف الملالي في الوحل بعد اليوم وأنه انتهى زمن التخفي وراء الدبلوماسية التي لا جدوى منها في ظلِّ وصول البلِّ إلى ذقون العربان في عقر دارهم وأنه حان الوقت لوضع الحدِّ أمام تمدد إيران في المنطقة إلا أنْ حصر النظامين صراعهما على الزعامة والنفوذ أمام الرأي العام الإسلامي في الإطار الطائفي سيغرق المنطقة في تعقيدات أكثر مما هي عليه والمرحلة المقبلة كفيلة بما ستؤول إليه الأوضاع في شرقنا المُنهَك.

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 35 بتاريخ 2016/1/15

16

التعليقات مغلقة.