سيناريوهات الحل السياسي في سوريا ومآلاتها

48

 عبدالصمد خلف برو“إن اختزال ثورة الكرامة والحرية ومعاناة الشعب السوري من قتل وتدمير وتشريد على يد النظام الاستبدادي في محاربة داعش هو جريمة بحق السوريين وما قدموه من تضحيات أمام اللاموقف الدولي والتردد الأمريكي لأن (داعش) في الأساس هو نتيجة لما توصلت إليه الأمور وما حِيك من مؤامرات, ولا مبالاة دولية”

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب الوصول إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية, ورافق ذلك حراك دبلوماسي, وتكثيف للجهود لرسم ما سمي بـ (خارطة طريق), تمثل في لقاءات فيينا لحسم الصراع وإنهاء معاناة الشعب السوري, وذلك بجمع كافة أطراف الخلاف على طاولة المفاوضات, وبرعاية اقليمية ودولية في محاولة لجسر الهوة وحصر الخلافات والتوجهات, بعد تنامي واستفحال الإرهاب في سوريا والعراق وتداعياته الخطيرة على الأمن الاقليمي والدولي, لكن تداخل المصالح الاقليمية والدولية في سوريا والمنطقة وتضاربها تجعل المشهد السوري وسبل الحل السياسي أكثر تعقيداً, في الوقت الذي يصبح فيه مستقبل سوريا وشعبها في هذه المباحثات مرهوناً بالمصالح والأجندات الاقليمية والدولية, وما اجتماع وفود سبعة عشر بلداً والاتحاد الأوربي, والأمم المتحدة في فيينا بغياب السوريين سوى أن (سوريا) هي العنوان بعد أن أصبحت ساحة مفتوحة لتنامي المنظمات الإرهابية وسوقاً لتصفية الخلافات الخارجية وتحقيق المصالح تحت مسمى محاربة تنظيم داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى, فاختزال ثورة الكرامة والحرية ومعاناة الشعب السوري من قتل وتدمير وتشريد على يد النظام الاستبدادي في محاربة داعش هي جريمة بحق السوريين وما قدموه من تضحيات أمام اللاموقف الدولي والتردد الأمريكي لأن (داعش) في الأساس هو نتيجة لما توصلت إليه الأمور وما حيك من مؤامرات, ولا مبالاة دولية, فروسيا تبغي من وراء تدخلها العسكري بحجة محاربة الإرهاب مؤخراً بعد تقديم كل أشكال الدعم المادي واللوجستي والعسكري للنظام ومن خلال ضرباتها الجوية للمعارضة المعتدلة رسم حدود الدولة العلوية خدمة لمصالحها الحيوية في المنطقة, وإيران التي تحاول جعل مستقبل سوريا رهناً بمستقبل شخص واحد على حد قول: (بان كي مون) لاعتبارها سوريا محميتها منذ البداية, فضلاً عن الخلاف السني الشيعي بين كلٍ من السعودية وتركيا من جهة, وإيران ومدُّها الشيعي في المنطقة من جهة أخرى, إضافة للأجندات الأمريكية والروسية المتباينة حول شكل سوريا المستقبل.

كل هذه الخلافات سوف تلقي بظلالها على سير العملية التفاوضية راهناً ومستقبلاً ما دام كل طرف خارجي يحاول فرض أو تمرير شروطه التي تخدم مصالحه في النهاية, وبغية الوصول إلى حل سياسي توافقي يرضي كافة الأطراف يجري الحديث حالياً عن تشكيل وفد التفاوض من أطراف المعارضة كافة, بما فيهم الشخصيات العشائرية والدينية والفنانين والفصائل المقاتلة على الأرض, إضافة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق, كما أن ما تم الاتفاق عليه في فيينا حول محاربة داعش, وتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات نيابية خلال ثمانية عشر شهراً مع استمرار الخلاف حول مصير (بشار الأسد) والمطالبة بتحديد جدول زمني لمرحلتي التفاوض, والانتقال السياسي من قبل بعض الدول هي أيضاً من النقاط الخلافية لأن النظام أبدى تحفظاته على مخرجات فيينا وذلك برفض (الهيئة الانتقالية) ورفض تحديد (البرنامج الزمني) من قبل الخارج, وأن تكون الأولوية لمحاربة الإرهاب ودحره, كما أن عقدة تصنيف الفصائل المقاتلة على الأرض بين إرهابية ومعتدلة, والمعارضة السياسية بـ (المقبولة) وغير المقبولة, وكذلك الخلاف التركي الروسي لا سيما بعد اسقاط المقاتلات التركية للطائرة الروسية الذي زاد الأمور تعقيداً، وإزاء هذا المشهد الدراماتيكي وجملة المعوقات التي تعترض سير المفاوضات المزمع عقدها في المستقبل القريب سواء في الداخل بين النظام والمعارضة أو خارجياً بين القوى الاقليمية والدولية تبقى امكانية إيجاد الحل السياسي في المدى المنظور صعب التحقيق ولن تكون لقاءات فيينا سوى خطوة أولية باتجاه تقاربات لمرحلة لاحقة بينما الحسم والأولوية في هذه المفاوضات ستكون للتنسيق والتفاهم حول جدية محاصرة داعش والقضاء عليه, ريثما يتم الاتفاق لاحقاً على رسم خارطة شرق أوسط جديد للمنطقة يراعى فيها مصالح كل المعنيين ؟! …..

*عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكرديّ في سوريا

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 32 بتاريخ 2015/12/1

مقالات 2

التعليقات مغلقة.