ماذا لو فعلها الاتحاد الديمقراطي..!

31
10987304_1601827973431398_3984037229287939847_n
حـمزة همكـي

” ماذا لو سحب ـ الحزب ـ البساط من تحت أقدام خصومه الكرد وقبل مشاركتهم برؤية أكثر انفتاحاً تحقيقاً للاستقرار الداخلي وجعلهم أمام مسؤوليتهم في الدفاع والعمل المشترك، ماذا لو فعلها يوماً ما ونادى بالقومية الكردية ودولتها”؟.

لم يدّخر الحزب جهداً في التخطيط والعمل، مذ تناهى إليه خبر ثورات “الربيع العربي” أو كما يشاء هو تسميتها بـ “ربيع الشعوب” الشرق أوسطية مستوحياً إيِّاها من إحدى مؤلفات زعيم حزب العمال الكردستاني “عبد الله أوجلان”، خطّطَ حتى بات الرقم الأصعب في المعادلة السورية، بدت القصة كحلم حتى بالنسبة لأنصاره مع أمل في تحقيقه رويداً رويداً أو كما نظر إليه الطرف الكردي الآخر كمزحةٍ أو خيالٍ محالٌ عليه أن يكون واقعاً يوماً ما. حاول الحزب جاهداً الحصول على اعتراف ذلك الطرف أو الدخول معه في اتفاق أو مجلس يضمهم جميعاً إلا أنه ـ الطرف الآخرـ رأى في أفكارهم وطروحاتهم مجانبة للواقع المعاش وحمل كل أفكارهم على محمل بلغ حدَّ السخرية والتقليل من شأنهم في كثير من المناسبات، إلا أن الوقائع تطورت بصورة سريعة وبدا الحزب كقوة فاعلة على الأرض بدرجة أن القوى العالمية عندما تفكر بالمسألة السورية لا يمكنها ولا بحال من الأحوال القفز فوق الرقم أعلاه.

كردستانياً يشهد له مؤتمره الأخير والذي تهافتت الأطراف الكردستانية إليه حتى أن البعض منها قفزت على إرادة حلفائها أو توابعها الاستراتيجيين في “روجآفاي كردستان” وحضرته دونهم، دولياً تسعفه علاقاته مع القوى والأقطاب العالمية التي تزداد توطيداً يوماً بعد يوم.! تمكن حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) من إثبات وجوده وسيطرته على مساحة واسعة من المنطقة الكردية، على الأقل في المرحلة الراهنة رامياً وراءه كلَّ منغِّصٍ يعكِّرُ صفو طموحاته في التهام الكعكة الكردية في سوريا بمفرده، ساعياً إلى إثبات قوته للأطراف الدولية من خلال إظهار نفسه مقارعاً للإرهاب وعلى رأسه تنظيم الدولة “داعش” فاستطاع استمالة الولايات المتحدة الأمريكية في التفكير به جدياً وإرغامها تركيا حليفة “الناتو” على القبول بدخول بيشمركة إقليم كردستان العراق عبر أرضيها إلى كوباني لدعم ومساندة “وحدات حماية الشعب” لاستعادة المدينة وذلك بإنزال الذخيرة والعتاد العسكري عن طريق المظلات إليها مما دعا تركيا للقبول بدخول البيشمركة لأنها إن لم تقبل فإن دخولهم سيكون عبر السماء، ليصبح بعد ذلك التنسيق مع الأمريكان مباشراً متجسداً بإشراك أحد قيادات وحدات الحماية في غرفة العمليات العسكرية الأمريكية المشتركة، تطورت العلاقة حتى صرَّحت قيادات أمريكية بأن وحدات الحماية هي القوة الأساسية التي سنعتمد عليها في تحرير الرقة فزودتهم بخمسين طناً من السلاح كدفعة أولية مما ازداد القلق التركي حيال هذه العلاقة فهددت على لسان رئيس وزرائها أحمد داود أوغلو قائلاً: ” أن تركيا ستتخذ كافة التدابير الأمنية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي في حال تشكيله خطراً على أمن تركيا، مضيفاً: ” أن الاتحاد الديمقراطي أساء الفرصة التي أتيحت له في أحداث “كوباني” وأنه لا يمكن للاتحاد الديمقراطي كسب المشروعية لمجرد قتاله تنظيم “داعش”.

وما دعوة وزير الخارجية التركي “فريدون سينير أوغلو”، في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره السعودي “عادل الجبير” في أنقرة يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي “صالح مسلم” إلى التعقل، إلا تعبيراً عن بلوغ العلاقة بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي بجناحيه السياسي والعسكري مرحلة حساسة وحرجة، وهذه العلاقة لم تكن لتسوء لولا تخوف تركيا من علاقة الحزب مع الولايات المتحدة وتقديم الأخيرة السلاح والعتاد للحزب، كذلك طفت على السطح في الآونة الأخيرة مدى العلاقة التي تربط الـ (PYD) مع الروس وخاصة بعد الأسابيع القليلة الماضية من التدخل العسكري الروسي في سوريا، ربما جاءت العلاقة في صدد التنافس الروسي الأمريكي على كسب الحزب كلٌّ إلى جانبه, علماً أن العلاقة بين الحزب والروس تدخل في إطار المحور الذي ينتمي إليه الاثنين على الأقل بحكم العلاقة التي تربط روسيا بحزب العمال الكردستاني والذي يعتبره حزب الاتحاد الديمقراطي كمرجعية أيدولوجية وسياسية، إلا أن علاقة الحزب مع روسيا لم تكن علنية بهذه الصورة وخاصة بعد أن عزمت روسيا على فتح ممثلية له في موسكو ـ بحسب ما نشرت صحيفة التايمز البريطانية ـ وكذلك الحديث عن دعم روسيا الاتحاد الديمقراطي بالسلاح والذخيرة من جهة ثانية، الأمر الذي زاد من حدة الغضب التركي وارتفاع وتيرة تصريحات مسؤوليها وانتقادهم للسياسة الروسية،  فصرح رئيس وزرائها قائلاً: ” لا يمكن لأحد أن يعتبر ما تقدمه روسيا للاتحاد الديمقراطي من سلاح ودعم أمراً مشروعاً، منوهاً على أن روسيا لو أنها فعلاً تبحث عن دعم مشروع لطرف ما في سوريا فلتقدم الدعم للجيش الحر ولتتخلَّى عن الـ  (PYD)”. ترى هل بلغ الحزب من الأهمية حتى يتنافس على كسبه كلٌّ من البيت الأبيض والكرملين وقيام الاثنين بإغضاب الدولة القوية تركيا واللعب على وتر أعصاب سياسييها. تعقيباً على ما سبق فإن الحزب خلال سنوات الأحداث والصراع في سوريا جعل له موطئ قدم على الخارطة في سوريا ـ بأقل تقدير على المدى المنظورـ وتمكن من لفت أنظار القوى العالمية التي تتصارع على المصالح والمكاسب في المنطقة، لكن ماذا لو سحب ـ الحزب ـ البساط من تحت أقدام خصومه الكرد وقبل مشاركتهم برؤية أكثر انفتاحاً تحقيقاً للاستقرار الداخلي وجعلهم أمام مسؤوليتهم في الدفاع والعمل المشترك، ماذا لو فعلها يوماً ما ونادى بالقومية الكردية ودولتها..؟؟.

 

 

نشرت في صحيفة Bûyerpress في العدد 30 بتاريخ 2015/11/1

 

27126

 

التعليقات مغلقة.