هل نحن في “Rojavayê Kurdistan” أم في “Kurdistana  Rojava” أم في “Başûrê biçûk”

21
815         أحمد موسى
أحمـد مـوسـى 

هذه الخريطة تكشف جلياً، أن هذه البقعة الكردستانيّة، التي نعيش عليها قد أُلحقت بسوريا عبر سايكس بيكو المشؤوم، لا ينطبق عليها المصطلح الذي تداولناه ‹‹Rojava ›› حسب خطوط الطول و العرض أيضاً. بات سؤالاً يشغل بالي وعلي أن أفتش عن الأجوبة الشافية والكافية، متذكراً المصطلح الصحيح ‹‹Başûrê biçûk  ›› باشوري بجوك، هذه التسمية التي كانت متداولة في المكتبات الكرديّة للمثقفين الكرد في البقع الكردستانيّة الأربعة “

 

 

انفجرت الثورة السورية في منتصف آذار 2011 في وجه طاغية دمشق لتكون الحدث المغير لواقع سياسي، وغيّرت أشياء عدة ومنها المصطلحات، سورياً، وكردياً، المنخرط في أزقة الثورة السلمية، والذي رأى أن هذه الثورة هي امتداد لإنتفاضته ضد النظام في ربيع 2004 . إنطلاقاً من فكرة، أن ‹‹المقدسات ›› أشياء لها مكانة عظيمة لدى الأنسان، ولكن يجب أن يعلم الجميع أنه لا حصانة لشيء أمام النقد الموضوعي، ولا قيمة لشيء إلا القيمة الواقعية، ولا شيء يصمد أمام العقلانية .

وقفت أمام مصطلح  ‹‹Rojava ›› أو ‹‹Rojavayê Kurdistanê›› ملياًّ، في مراجعة شاملة لخرائط كردستان، التي بحوزتي، وفي بطون الكتب التاريخية التي تحدثت عن الشعب الكردي وتاريخه وجغرافيته, حاولت أن أشبع فضولي وتيقّني مستعيناً بالأنترنيت لأحصل على خرائط عدة ومنها التقسيمات الإدارية لكردستان الكبرى، وقع عيني على خريطة نشرها محرك البحث ‹‹غوغل ›› على موقعه الخاص لتؤكد هي بدورها وجود دولة تاريخية مازال أصحابها يعيشون على أرضهم التاريخية، و تجاوزوا الأربعين مليوناً. هذه الخريطة تكشف جلياً، أن هذه البقعة الكردستانيّة، التي نعيش عليها قد أُلحقت بسوريا عبر سايكس بيكو المشؤوم، لا ينطبق عليها المصطلح الذي تداولناه ‹‹Rojava ›› حسب خطوط الطول و العرض أيضاً. بات سؤالاً يشغل بالي وعلي أن أفتش عن الأجوبة الشافية والكافية، متذكراً المصطلح الصحيح ‹‹Başûrê biçûk  ›› باشوري بجوك، هذه التسمية التي كانت متداولة في المكتبات الكرديّة للمثقفين الكرد في البقع الكردستانيّة الأربعة ، وكذلك كل الجرائد والبيانات السياسية للأحزاب الكردية والكردستانية قبل الثورة السورية ناهيك عن الفضائيات الكردية, وكذلك لَفـَظـَها القادة الكردستانيون ‹‹ البارزاني، الطالباني، أوجلان ››. فما الذي جعلنا نزوّر موقعنا الجغرافي ونبدل تسميته، مفتشاً عن الكاريدور المؤدي إلى الجواب، ولماذا غُيب هذا المصطلح؟

لم يكن أمامي سوى مسائلة الساسة والمقتنع أنهم لن يبيّنوا الحقيقة، وهذا ما فهمته من ضبابيّة أجوبتهم. والأغرب أننا جميعاً بشكل تلقائي بدأنا بكتابة المصطلح ‹‹Rojava ›› على صفحاتنا الفيس بوك وعلى الفضائيات نطقناها والمقالات العديدة لجميع الكتاب تقريباً، والأغرب عندما تحاول البحث في موقع ويكيبيديا، أو موقع غوغل لن تجد مصطلح باشوري بجوك فيضاف على فرضية أن هناك من جهدوا حتى بدلوها عالمياً فما الهدف من هذا التزوير الجغرافي؟

ماذا لو سلمنا وتماشينا بالجديد وهو ‹‹Rojava ›› لن تجد أن دولة على وجه المعمورة أسمت نفسها ‹‹ غرب ›› رغم أن جهة سياسية معينة تحاول أن تزرع في أدمغتنا بهذا الأسم والحجة أن هنا الجزء الغربي من كردستان. وهذا خطأ فادح آخر وتزوير للتقسيم الإداري والجغرافي فموقعنا على الكرة الأرضية هو الجنوب وبالنسبة لكردستان الكبرى هو الجنوب. وإن سلّمنا بالتسمية الأخرى ‹‹Rojavayê Kurdistanê›› وهنا تنفي وجود جزء كردستاني هنا، وبالتالي تحصر دولة كردستان في إقليم كردستان العراق و أنت جزء سوري تقع غربها. وإن قبلنا بالمصطلح الذي يرضي غالبية الأحزاب الكردية في سوريا و قلنا ‹‹Kurdistana  Rojava›› سنزوّر جغرافيتنا مرة أخرى فموقعنا الجغرافي هو الجنوب. هذا المصطلح الذي زوّره الساسة الكرد كان الهدف منه إرضاء الطرفين عندما تخاصما على تسمية هذه البقعة الكردستانية فتدخّل الوسيط ليرتجل مصطلحاً توافقياً بين الفصيلين السياسيين الكرديين في إحدى الإتفاقيات التي وُقـّعت في هولير عاصمة الإقليم الكردي.

هنا أتساءل وخاصة بعد أن خرجت علينا الإدارة الذاتيّة وقدمت منهاجاً باللغة الكردية تعزز فيها مصطلح ‹‹Rojava ›› ليـُحفَرَ في ذاكرة أطفالنا, ألم يتساءلوا كيف لهم أن يقنعوا مدرساً في مادة الجغرافيا بهذا المصطلح الخاطئ؟ وكم أستاذاً كردياً سيقبل هذا التزوير لموقعه الجغرافي الذي يعيش عليه. وكيف ستستطيع هذه الجهة أن تقنع هذا الطالب الذي سيصل إلى الصفوف المتقدمة بحكم الدراسة وستكون مادة جغرافية كردستان من المواد الأولية وقتذاك, كيف سيستطيعون تزوير الواقع لهذا الطالب الذي سكيتشف أن موقعه الجغرافي حسب خطوط الطول و العرض هو الجنوب وحسب خريطة كردستان الكبرى هوأن مناطق أبعد منا في كردستان تركيا هي التي تنطبق عليهم ‹‹Rojava ››.

كان علينا أن نراجع كتب الجغرافيا في إقليم كردستان العراق فهل أسمونا هم أيضاً بهذا الإصطلاح وكيف سيواجهون سؤال طالب ذكي إن كشف الحقائق المزورة. هنا لا أستطيع الجواب كوني لم أطلع على كتب الجغرافيا التي تتم تدريسها ولست مطلعاً على التقسيمات الإدارية في دروس هذه المادة.

إذا نحن أمام معضلة وربما كارثة في تغيير المصطلح والخوف من تغيير مصطلحات أخرى بغباء أو لإرضاء التحزب وفرض القوة والرأي. وهنا أناشد أساتذة الجغرافيا الكرد أن يدرسوا خريطة كردستان بعناية ويبدأوا في تحديد الموقع الجغرافي لنا نحن أبناء هذه البقعة الكردستانية، حسب علم الجغرافيا وليس حسب رغبة الأحزاب السياسية، فهم أمام مسؤولية تاريخية، وكذلك مسؤولية الطلبة الكرد آخذين بعين الاعتبار المهنية أولاً والكردستانية ثانياً . ومن هنا تقع مسؤوليات أخرى على المعنيين بالشأن الثقافي واللغوي والأكاديميين اللذين يقفون على الحياد، أن يجتمعوا على شكل هيئة أو جمعية، ويعالجون بترويّ كل الاخطاء، مبتعدين عن أهواء الساسة. ففي العرف السياسي تستطيع الأحزاب وساستهم أن توظف كل شيء لخدمتهم، إلا العلم فمهمته خدمة الإنسان .

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 30 بتاريخ 2015/11/1

 

27126

التعليقات مغلقة.