السوريون اليوم لا يملكون قرار وقف الحرب أو استمرارها..!

135

 

12170692_1156953537652824_1475439733_nتحولت الأزمة السورية إلى صراع مشاريع إقليمية وعالمية على أرض سورية على حساب شعبها ودماء أبنائها و الساحة السورية تحولت الى حرب عالمية ثالثة مصغرة؛ بسبب التدخلات الدولية والإقليمية ولا يمكن اليوم استشراف إبعاد ما آلت إليه الأزمة السورية دون قراءة السياسات الدوليّة والإقليميّة الفاعلة لأنّ السوريين اليوم لا يملكون قرار وقف الحرب أو استمرارها إلّا الجزء اليسير وهذا ما يؤكده معظم المؤشرات والأبحاث التي ترى أنّ الحرب ستستمر طالما هناك صراع بين القوى الإقليميّة والدوليّة ومستمرة بالدوران. وكما هو معلوم أنّ روسيا وقفت إلى جانب النظام في المحافل الدوليّة واجهضه الكثير من المشاريع الخاصة بسوريا وكان مؤشرا بأنّ روسيا لن تتخلى عن سوريا بسهولة التي كان يراها البعض وعلى الرغم من المحاولات المستميتة من جانب قوى إقليمية ودولية من ثني الروس عن دعم النظام في دمشق إلا أنّهم فشلوا بإقناعها إلى أن ملكت روسيا اليوم زمام المبادرة على الصعيد الدولي في الشأن السوري وما التطورات السريعة والمتلاحقة في سوريا والتي أدَّت إلى التدخل الروسي المباشر في الأزمة السورية وأصبحت لاعبا أساسيا فيها وما تدخلها العسكري سوى ترجمة بموافقة أمريكية صريحة أو ضمنية أو بدونها إلا خلط جديد للأوراق في المنطقة وسيما بعد خسارة الروس و إيران لنفوذهما في اليمن وليبيا.

إنّ التدخل العسكري الروسي في سوريا بحجة محاربة التنظيمات الإرهابية ولا سيما محاربة الإرهابيين الذين توافدوا من دول الاتحاد السوفياتي السابق وروسيا حتى يعكروا الأمن في روسيا عندما يتم رجوعهم إلى بلدانهم إلا أنْ المُتتبع بالشأن السوري يرى أنّ التدخل الروسي جاء من أجل تأمين مصالحه المُتجذِّرة في سوريا ولأنه يرى أن تلك المصالح مهددة بسبب استهدافه من صعود الحركات الإسلاميّة المُتطرفة في المنطقة لأسباب وحساسيات تاريخيّة وجغرافيّة وسياسية واجتماعية وأنّ هذا التدخل القوي والسريع جاء بعد الانتصارات السريعة والمتلاحقة للمعارضة المُسلحة السورية وانتزاعها مساحات واسعة من الأراضي من يد النظام السوري وشعور روسيا وإدراكها بأّنّ النظام السوري وحزب الله والقوى المتحالفة معها قاب قوسين أو أدنى من السقوط بهزيمتهم عسكريّا ومما سيكون لها الأثر الكبير على المصالح الروسيّة في المنطقة بأكملها خاصتاً وأنّ علاقاتها  القديمة مع النظام ومن هنا شعرت روسيا بالخطر المحدق بها وبحليفها النظام السوري وحسمت أمرها بالدخول بالحرب إلى جانب النظام بمده بأنواع مختلفة من الأسلحة المتطورة لكي يحسم النظام الحرب ولكن المعارضة المسلحة قلبت الموازين لصالحها ولم يجد الروس سوى التدخل المباشر للحفاظ على مصالحهم في المنطقة بضرب المعارضة المسلحة ولا سيما المتطرفة منها بهجمات جوية وصاروخية مترافقة بهجمات برية للنظام السوري وأعوانه برّاً لعلهم يحسموا الحرب ولكن أثبتت الايام ليس كل ما يتمناه  المرء لا يدركه وهذا ما حصل مع روسيا في سوريا حيث أيقظت روح التحدي وأججّت النزاع بدلا من إخمادها والذي يدفع ثمنها الشّعب السوري بدماء أبنائها وتحطيم البنية التحتية وعلى الرغم من ادعاء الروس بان عملياتهم الحربيّة في سوريا تقتصر على ضرب الجماعات المتطرفة كـ داعش والنصرة وبعض التنظيمات الأخرى المتطرفة إلا أنْ المعارضة السورية وأمريكا والقوى المساندة لها تتهم روسيا بالهجوم على الجيش الحر والقوى المعتدلة ومن هنا تم خلط الأوراق من جديد وتسارعت المشاورات بين تلك القوى وروسيا من أجل إيقاف هجماتها على الجيش الحر والقوى المعتدلة واقتصارها على التنظيمات المتشددة إلّا أن النفي الروسي بذلك وتحذير تلك القوى روسيا بأن ذلك سيؤدي الى المزيد من المآسي والويلات إن لم توقف روسيا هجومها وحصرها بملاحقة الجماعات المتطرفة وعندما لم يبدوا الروس استجابتهم تلك القوى تحركت من أجل وقف المد الروسيّ وما التصريحات المملكة العربية السعودية الأخيرة وتأكيدها على تزويد المعارضة السورية المعتدلة كما تدّعي بأسلحة متطورة ونوعية للتأثير في الحرب الدائرة في سوريا. إلا أن نقطة التحول الرئيسة والتي ستقوم القوى التي كانت سابقا تحجم عن مد المعارضة بالأسلحة النوعية والمتطورة حسبَ التسوية الأمريكية الا آذانا ببدء الصراع الجدي بين القوى الدوليّة الإقليميّة على أرض سوريا وأصبح القرار بوقف الحرب أو استمرارها بيد تلك القوى و السوريون أصبحوا لا يملكون إلّا القليل في ذلك لأن إرادتهم أصبحت مرهونة بالقوى الإقليمية والدولية ومن المؤكد أن امريكا والقوى المتحالفة معها لن تسمح بسقوط سوريا كلقمة سائبة بيد الروس وستبذل اقصى ما تملك من قدرات لتحجيم الروس وقد بدأت بوادر ذلك لم تظهر للعيان بإيقاف أمريكا برنامجها التدريبي للمعارضة المعتدلة التي سمتهما والتي أثبتت في الواقع فشل تلك التجربة فشلا ذريعا واعتمادها برنامج آخر أكثر عمالاتية وتأثير على أرض الواقع وهي تزويد المعارضة المعتدلة بأسلحة نوعية معتدلة للقضاء على التنظيمات الإرهابية والوقوف بوجه النظام بالاعتماد على القوى الكردية والقوى المعتدلة المتحالفة معها في بعض المناطق والقوى المعتدلة في باقي المناطق وعلى الرغم من كل ما يجري في الساحة السورية ستبقى إرادة الشّعب السوري في التغيُّر المنشود هو المحرك الأساسي والعامل الأهم في معركة التغيير في حين لم تبقَ للقوى الفاعلة سوى السعي لبلورة رؤية متكاملة سياسيا وعسكريا من خلال صياغة برنامج عمل تعتمد على القدرات الذاتيّة واستقطاب الكفاءات والمكونات الفاعلة ويتطلب ذلك بناء مؤسسات وطنية فاعلة قادرة على إنتاج السياسيات وصناعة التوافقات والبناء على القواصم المشتركة وحتى يتم ذلك لابد من الاستمرار في طريق الحرية لبناء سوريا المستقبل سوريا اتحادية لا مركزيّة تعددية ديمقراطية توافقية تأمن المواطنة لكل السوريين دون تمييز على أن يكون للشأن الكردي نصيب واسع فيها بمنحهم حريتهم وانصافهم جراء ما تعرض لهم على أيدي الأنظمة المتعاقبة في سوريا من الظلم والاضطهاد وخاصة من استلام البعث السلطة عام 1963 ومن هنا يستوجب على الحركة الكردية في سوريا بكافة اتجاهاتها بحسم إرادتها بتوحيد مواقفها والابتعاد عن الأنانيّة والمصالح الحزبية واعتماد شعار المصلحة العليا للشّعب الكردي فوق كل المصالح بتوحيد طاقاتهم من أجل احقاق الحقوق القومية للشعب الكردي وايجاد آلية للضغط على القوى العالمية والأمم المتحدة والقوى الداخلية في سوريا من أجل هذا الاتجاه وإلا سيكون مصيرنا مجهولا وعرضة لكافة التقلبات ومرهوناً بالقوى الإقليميّة والعالميّة والدّاخليّة.

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 29 بتاريخ 2015/10/15

التعليقات مغلقة.