بين الهدف الإيراني والمظهر الأمريكي يقبع الانتصار الروسي

16

 

بين الهدف الإيراني و المظهر الأمريكي يقبع الانتصار الروسي
ريزان حدو – عفرين

أسال إعلان روسيا عن نيتها التدخل العسكري المباشر والعلني في سوريا أسئلة و تحليلات كثيرة, ولكن أكثر تلك التحليلات فسرّت التدخل الروسي على أنّه ثمرة لاتفاق روسي – إسرائيلي خطوطه العريضة الحدّ من النفوذ الإيراني في سوريا وبالتالي إضعاف حزب الله عدو إسرائيل الأول وبالمقابل توفير الدّعم لروسيا بوتين سياسيّا” واقتصاديا” إعلاميا” عبر اللوبيات الصهيونية في مواجهة الخطط الأمريكية والأوروبية الرامية لتطويع بوتين .
ومنهم من ذهب أبعد من ذلك عبر نشر أخبار وتحليلات ومقالات عن خلاف روسي – إيراني كبير ومنها؛ الخبر الذي تداولته بعض مواقع المعارضة السوريّة عن النداء الذي أطلقه الجنرال قاسم سليماني بضرورة محاربة الجنود الروس المتواجدون على الأراضي السورية لأن التدخل العسكري الروسي جاء ليحد من النفوذ الإيراني في سوريا ومحاولةً استباقيّة من بوتين لقلب الطاولة على أي اتفاق أمريكي- إيراني في سوريا كثمرة من ثمار الاتفاق الأكبر الاتفاق النووي وهنا أيضا” تتلاقى المصلحة الروسية الإسرائيلية بإفشال الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني من البوابة السورية .
ولكي نفكك شيفرة التّدخل العسكري الروسي نرى أنه من المفيد التذكير ببعض الأمور :
إيران بالنسبة لروسيا هي خط الدّفاع الأول أمام المدّ السنيّ الجهادي .
فروسيا والذي يعد الإسلام فيها الديانة الثانية رسميا” بعد المسيحية الأرثوذكسية ويقطن في العاصمة الروسية مليوني مسلم آخذين في الاعتبار الجمهوريات السوفياتية الإسلامية في آسيا (تركمانستان قرغيزستان طاجيكستان أوزبكستان كازخستان أذربيجان ) و في أوروبا (الشيشان داغستان قبردينو – القرم – ماري – أدمورتيا تشوفاشيا – بشكيريا – أورونبرغ – بلقاريا – أوستينا الشمالية) وأغلب المسلمون هم أهل السنّة وبالأخص المذهب الحنفي باستثناء أذربيجان حيث يتواجد فيها حوالي مليوني شخص يعتنقون المذهب الشيعيّ الجعفريّ .
كما أنّ العراق وسوريا هما خط الدفاع الأول عن إيران .
كما أن سوريا بالنسبة لحزب الله هي المحيط والمنفذ الاستراتيجيّ للحزب.
إذاً” لا مصلحة روسيّة في خلق حالة من العداء مع إيران بل على العكس روسية بوتين استفادت من أخطاء الاتحاد السوفياتي عندما انفرد بالتدخل في أفغانستان بدون حلفاء أقوياء فكان الفشل الأكبر بينما قياسا” للتجربة السوفياتيّة حققت واشنطن نجاحا” نسبيا” في أفغانستان والعراق مستفيدة من تلاقي المصالح التي جمعتها مع إيران .
إنّ السياسة الروسية بخصوص الملف السوري شهدت مؤخرا” تسارعا” في الأحداث والموقف وإعادة التذكير بالتسلسل الزمني لأبرز المحطات الأخيرة ستساعد كثيرا” في تفسير ماجرى :
1- في 15 تموز دعوة روسية لإنشاء تحالف لمحاربة الإرهاب تضم سوريا والمملكة العربية السعودية وتركيا تلك الدعوة التي تتعامل معها السعودي والتركي بفتور اتبعت بتصريحات متشددة رافضة لأي تحالف لايؤدي لرحيل الأسد .
2- في 24 تموز تسريب متعمد من الجانبين الروسي والإيراني لخبر زيارة قائد فيلق القدس قاسم سليماني للعاصمة الروسية موسكو ومن هنا بدأ الإعداد للإنطلاق للخطة ( ب ) كما يقال ألا وهي البدء بالتحضيرات اللوجستيّة تمهيدا” للتدخل العسكريّ الروسيّ المباشر في سوريا.
ومن بعد هذا اللقاء بدأت موجة من التصريحات التي لايمكن تفسيرها بمعزل عما جرى ويجري في موسكو ومنها تصريحات لوزراء الخارجية ومسؤولين من النمسا وسويسرا وألمانيا و إيطاليا لخّصها وزير الخارجية الفرنسي فابيوس بتصريحه الشهير ( المطالبة برحيل الأسد كشرط مسبق للحوار ليس واقعيا).

أما الخارجية الإيرانية فتناغمت مع هذه التصريحات على لسان نائب وزير الخارجية عبداللهيان )يجب أن يكون بشار الأسد الرئيس الشرعي جزءا من الحل السياسيّ للأزمة السورية).
أما الرئيس التركي أردوغان فاستغل زيارته لموسكو للمشاركة في حفل افتتاح جامع في موسكو ليتبع الزيارة مباشرة بتصريح النقطة الأهم فيه هو استعداده للقبول بدور للرئيس السوري في إطار حل سياسيّ للأزمة السورية .
كل هذه التصريحات والمواقف تدل على أنّ التدخل الروسي والذي جاء ثمرة توافق إيراني أمريكي روسي وبمباركة دولية .
إيران تهمها النتيجة ألا وهي بقاء حليفها التاريخي الرئيس السوري بشار الأسد .
أمريكا تهمها المظهر القبول بحل يريح الإدارة الأمريكية الحالية من أعباء مغامرة عسكرية ويحفظ ماء وجهها بنفس الوقت .
روسيا وإيران تملكان أوراق القوة والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها تملك أوراق الحل .
فأنتجت الخلطة السحريّة قوة الحل والتي تتضمن الجوهر الإيراني مع المحافظة على المظهر الأمريكي .
القوة ستستخدم في محاربة الإرهاب وحل مؤقت انتقاليّ يسير الأمور بانتظار القضاء على الإرهاب للانتقال للمرحلة الثانية .
الحل هو وصفة سحرية تتضمن الجوهر الإيراني مع المحافظة على المظهر الأمريكي .
فأنتج العقل المُتحكم بزمام الأمور الانتصار الروسي و الذي سيكون بمثابة عمل جراحي نتائجه: الدولة السورية بأجهزتها ومؤسساتها باقية، التقسيم صار من الماضي، ستحتاج سوريا لمرحلة استشفائيّة ما بعد العمل الجراحي قد تطول قليلا” ثم ستتعافى كليا”.
ولكن المؤكد أنّ سورية لن تعود كما كانت قبل آذار2011 ….. بل ستعود أقوى مما كانت عليه… هكذا يقول التاريخ..!

 

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 28 بتاريخ 2015/10/1

 

التعليقات مغلقة.