الدفاع بالكلمة والسلاح عن روجآفاي كردستان حق وواجب مقدس – عبدالسلام أحمد

25

وما حملنا السلاح إلا دفاعاً عن النفسوالأرض والعرض، وهو حق شرعته كل القوانين الوضعية والسماوية، والخط الثالث الذي نعيد ونكرر التذكير به هو الخط الذي ينحاز الى جانب القوى الوطنية الديمقراطية التي تعمل لبناء سوريا وطناً للجميع.

عبدالسلام احمد1
عبدالسلام أحمد الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي (Tev- Dem)

يزداد الوضع في سوريا تعقيداً يوماً بعد يوم، ولا بصيص أمل للحل السياسي السلمي في المدى المنظور، مع قناعتنا التامة بإن القوى الدولية القابضة على زمام الملفّ السوري لم تتحرك بعد بشكل جدي لوضع حد لنزيف الدم لإيجاد مخرج للنفق المظلم الذي دخلته البلاد, أما المشاريع المطروحة للحل من قبل إيران وروسيا فهي تصب باتجاه الإبقاء على رأس النظام ومؤسساته الأمنية وإعادة تأهيله, وتضع في سلم أولوياتها حشد الدعم له لمكافحة الإرهاب، ولن تكون المبادرة المقدمة من المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا المبادرة الأخيرة مع مايتضمنه من تصور للحلّ السياسي في سورية وتنفيذ “بيان جنيف١” وما اقترحه من حل في تشكيل هيئة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة عدا “الصلاحيات البروتوكولية”، وتشكيل “مجلس عسكري مشترك”ينسق عمل الفصائل المسلحة من قوات نظامية وفصائل معارضة ويشرف على إصلاح أجهزة الأمن، إضافة إلى مؤتمر وطني وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت “رعاية”الأمم المتحدة.

ومن المؤكد أن هذه المبادرات ستلقى مصير سابقاتها وهي محكومة بالفشل لأن الظروف الموضوعية لم تنضج بعد ولازال كل طرف متشبث بموقفه ومشروعه ويراهن على الحلّ العسكري في ظل الدعم الدولي لأطراف النزاع. إذاً هي عملية مكاسرة إرادات وتصارع أجندات بين قوى دولية تجد بأن سوريا تقع ضمن مجالها الحيوي في وقت دخلت فيها أطراف أخرى على خط المواجهة تحمل أجندات وتخدم أهدافاً هي بالمحصلة بالضد من مصلحة الشعب السوري،( الدواعش وجبهة النصرة وبقية التشكيلات السلفية الجهادية) التي تتحرك وفق إرادة قطر والسعودية وتركيا والأخيرة تعتبر المستفيد الأول من حالة الدمار والخراب التي عمت معظم البلدات والمدن السورية، ويبدو أن العنف والعنف المضاد سيأخذ وقتاً طويلاً من عمر الشعب السوري ومن مستقبله فالدم يستجر الدم، والقتل يستدعي القتل والإرهاب انتشر واستفحل وبات الشعب مشرداً في المنافي والمهاجر بعد أن أتت الحرب على الأخضر واليابس وأنهكت البلاد والعباد, والتقارير الأخيرة الصادرة عن المنظمات المعنية بأمور اللاجئين تشير إلى أن نصف الشعب السوري أصبح خارج البلاد.

في معمعان الفوضى والحرب التي تشهدها الساحة السورية والصراع الطائفي والمذهبي الذي أحدث تمزقات عميقة في النسيج المجتمعي ماعاد من السهل معها الرتق والترقيع ولابد من حلول جذرية تضرب على يد الباطل وتضع الحق في نصابه وتمهد السبيل لتغيير النظام بكافة رموزه ومرتكزاته ووضع خارطة طريق على قاعدة بناء سوريا اتحادية دولة لامركزية ديمقراطية تعددية برلمانية تضمن الاعتراف الدستوري بحقوق الشعب الكردي كشريك في الوطن, ولن نضيف جديداً أذا قلنا بأنه لا خروج من هذا النفق المظلم دون جلوس جميع أطراف النزاع على طاولة واحدة للحوار للبحث عن مخرج للأزمة ودون شروط مسبقة.

كحركة مجتمع ديمقراطي لم ننجرّ إلى متاهات الصراع الطائفي والمذهبي ولم نكن طرفاً في قتال يهدف للسلطة واستبدال حاكم بآخر، ووقفنا بالضد من عسكرة الثورة، ولم نذهب للقتال إلا عندما جاؤوا إلينا في مدننا وقرانا يحملون راياتهم وفكرهم الظلامي يستهدفون اجتثاث الكرد من الجذور، وما حملنا السلاح إلا دفاعاً عن النفسوالأرض والعرض، وهو حق شرعته كل القوانين الوضعية والسماوية، والخط الثالث الذي نعيد ونكرر التذكير به هو الخط الذي ينحاز الى جانب القوى الوطنية الديمقراطية التي تعمل لبناء سوريا وطناً للجميع.

رغم الحرب وحالة الحصار المفروضة على مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية فهي تعدّ اليوم من المناطق المستقرة نسبياً على نحو ما ويتوفر فيها الأمن والأمان وفرص العمل ومستلزمات العيش, وتشهد حركة اقتصادية نشطة ويتشارك في إدارتها جميع مكونات المنطقة من كرد وعرب وسريان وآشور وكلدان وشيشان وأرمن وتركمان كما أضحت ملاذاً آمنا لأبناء المحافظات السورية, يلتجئون إليهاً هرباً من العمليات القتالية وبحثاً عن الملجأ وحياة كريمة، وتحظى باهتمام المجتمع الدولي حيث يؤمّها ويتوجه إليها الوفود للإطلاع وتقديم الدعم والمساندة، ورغم الملاحظات التي ترد في تقارير بعض المنظمات المعنية بحقوق الانسان حول انتهاك هناك أو خطأ هنا نظراً لحداثة التجربة وقلة الخبرة في بعض المجالات. إلا أن مأتم إنجازه على الأرض ولمصلحة الشعب بكل مكوناته يلقى الاستحسان.

كما أن الإدارة التي تعد اليوم الطرف الأساس في الحلف الدولي المتشكل لمحاربة الجماعات الجهادية التكفيرية حققت قواتها العسكرية وحدات حماية الشعب والمرأة (YPG,YPJ) والصناديد والسوتورو إنجازات كبيرة على الصعيد العسكري وفي كل جبهات القتال في مواجهة جميع الكتائب التي هاجمت المنطقة بما فيها الأكثر توحشاً وإرهاباً كجبهة النصرة وداعش وتم تحرير مساحة جغرافية واسعة من رجس وشرور هؤلاء والانتصار الأسطوري في كوباني، ومن ثم الربط مابين مقاطعة كوباني والجزيرة بعد تحرير تل أبيض يعدّ إنجازاً قلب المعادلة لدى القوى المعادية للشعب الكردي, أما العالم فوقف مدهوشاً وانحنى إجلالاً أمام عظمة وبسالة المقاتلين الكرد والمرأة المقاتلة الكردية تحديداً حيث يفرش لها السجاد الأحمر أنّىتوجّهت.

الإنجازات التي تحققت على الصعيدين السياسي والعسكري ماكان لتتحقق لولا التشخيص والرؤية السياسية السليمة للمشهد السوري والاستعداد التام لتطورات الثورة والأزمة التي دخلتها البلاد من خلال تنظيم المجتمع على كل المستويات وتشكيل هيئات الإدارة الذاتية بما فيها قوى الدفاع والأمن الداخلي والجهاز القضائي والمؤسسة التشريعة والمؤسسات الاقتصادية التي تؤمن موارد مالية والاحتياجات الحياتية لسكان المنطقة.

مالذي نبغيه من هذا السرد الموجز للبانوراما السورية عامة وروجآفاي كردستان خاصة, نحن لم نكتب ما كتبناه للتذكير فقط بل لنجري مقارنة بين ماتحقق وما أنجز وبين ماكان يراد له أن يجري, ماذا لو أننا اتخذنا الطريق الذي أشار علينا به المجلس الوطني الكردي في بداية الحراك وانضممنا للمجلس الوطني السوري وانضوينا تحت لواء كتائب الجيش الحر وسمحنا لهم بدخول مدن روجآفا عبر رأس العين مروراً بكل البلدات والمدن الكردية, وماكان سيكون حالنا لو أننا سلمنا قدرنا للمعارضة المتأسلمة هل كنا سنكون بأحسن من حال أهلنا في الرقة والباب ومنبج وتل حاصل وتل عران وهم يعانون اليوم الويل من المجموعات الإرهابية المسلحة متروكين لمصيرهم .

نحن هنا نضع الطبقة السياسية والمثقفين الكرد أمام مسؤولياتهم التاريخية فسياسة المقاطعة والنأي بالنفس والنقد الهدام والنظر دوماً للنصف الفارغ من الكأس لن يجدي نفعاً وسيلحق الضرر بالتجربة الوليدة، فحماية روجآفاي كردستان والدفاع عن انجازاتها بالكلمة والسلاح حق وواجب مقدس يقع على عاتقنا جميعاً.

 

*الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي (Tev- Dem)

 

نشر هذا المقال في العدد 27 من صحيفة  Buyerpress

 

273 مصغر

 

التعليقات مغلقة.