في تصريحات إلهام أحمد الديمقراطيّة..!

27

 

اكرمأثارت تصريحات القيادية في حركة المجتمع الديمقراطي (Tev- Dem) (الهام احمد )القائلة” على الجميع معرفة أن الإدارة الذاتية تسيّر نظام في غرب كوردستان ومن يرى نفسه خارج هذا النظام يجب أن يرى نفسه خارج غرب كوردستان”على موقع ولاتي نت بتاريخ  15/8/2015  ردود فعل مختلفة في الشارع الكردي السوري !! كما قوبلت من قبل قطاع كبير من ابناء الشعب الكردي السوري بعدم الاستحسان والرضى !! ومن قبل البعض الآخر بالاستنكار والامتعاض والسخط الشديد !! لأن اقليم كردستان سوريا ليس ملكا أو مزرعة لفرد أو جماعة أو طائفة أو حزب بل لكل من يعيش فيه بغض النظر عن لونه أو دينه أو جنسه أو اتجاهه السياسيّ ؟، فتصريح أحمد أقلقني لأنه يمهد “لصدام المجتمع “الذي قد يدمي ويدمر مستقبل الكرد جميعا !!، وهذا “الصدام” لن يتوقف ويتنافى مع جوهر الإدارة الذاتية الديمقراطية وفلسفة الأمة الديمقراطية التي تتبناها ، ويظهر الحالة الفصامية التي تعيشها !!،لأن الديمقراطية ليست مجرد صيغة للحكم بل هي ثقافة اولا وهذه الثقافة يجب أن تقوم على مشروعية التنوع والاختلاف واحتمال الخطأ ونسبية الحقيقة ،فالسلوك المستند إلى هذه الثقافة يعبر عن نفسه في الاعتراف بالآخر واحترام حريته وضمان حقوقه والقبول به كما هو وكما يريد أن يكون !! أي سيادة مجتمع التنوع والاختلاف ( أحزاب مختلفة اراء مختلفة مصالح مختلفة خيارات مختلفة ….الخ)  فلايمكن أن يطبق الديمقراطية الا من كان متماهيا معها؟؟، وهذا التصريح يأتي في إطار عسكرة المجتمع ومأسسة القمع وتعميقه باحتكار وسائل العنف ،وهو يتنافى مع مبادئ المواطنة والحق والقانون ( دولة جميع المواطنين) ومرد ذلك غياب نظرية الدولة عند الكرد وعدم عيشهم تجربتها !!،وما هو موجود اليوم من ادارة ذاتية على الطريقة الاشتراكية ليست الا لتسيير أمور الشعب اليومية والحياتية ،وهومغاير تماما لوظيفة الدولة وحياديتها وجوهرها العمومي التي تقوم بالإضافة إلى ذلك بامتلاك وسائل العنف وادارة الاقتصاد وتأمين الامن والاستقرار والتعليم والرعاية الصحية وانجاز مشاريع الري والطرق ..الخ انتهاء بإنجاز المشاريع الكبيرة، بينما فلسفة الإدارة عند “اوجلان “تقوم على رفض السلطة والدولة معا !!،لذا فان تصريح أحمد هو “انتكاسة” يستحيل التعايش أو النقاش الجدي معه !!،وهو بمثابة “فتوى” لالغاء الآخر يمتد بجذوره إلى تاريخ الإسلام حول “الملة الناجية” التي تقول بأن “فريقا واحدا هو على صواب بينما بقية الفرقاء هم على خطأ وبالتالي فهم في النار” وتعتقد أحمد بأنها على صواب دائما ،متجاوزة نسبية الحقيقة وعدم ثباتها ، وهذا الفهم الايديولوجي “الالهامي” يدفعها إلى انكار الآخر ورفضه ومحاولة الغاء وجوده ولذلك جاء تصريحها ليقول لمن لا يقبل بقوانين الإدارة “ليس لك مكان فيها” ، كما أن هذا الفكر لا يسمح “بأن يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه ” لأن الحقيقة عند أحمد هي واحدة وثابتة ،وهذا الفكر يؤدي في أغلب الاحيان إلى فشل التحالفات السياسية لأنه يريد لهذه التحالفات أن تكون على “صورته “بسبب”اليقينية” التي ينطلق منها ،بينما تنهض الثقافة الديمقراطية على الاعتراف بكينونة الفرد واولويته واستقلاله ،كما تقوم على الاختلاف والتنوع ونسبية الحقيقة واحتمال الخطأ والصواب ،وتنتهي هذه الثقافة احيانا الى التناقض واجراء التسويات والصراعات وصولا الى التوافق والحلول الوسط .في حين تنظر احمد الى الواقع على اساس انه مؤلف من لونين هما الاسود والابيض ،”فكل ليس معي فهو ضدي” ؟!! لكن الوقائع والاحداث اثبتت خطأ هذا المنطق ،لانه مؤلف من الوان لا حصر لها لكن الوعي الايديولوجي مصاب دائما بعمى الالوان ولايرى الحقيقة الامطلقة وثابتة !!! على حين يؤكد الواقع الموضوعي بان التناقض والتعارض والصراع الايجابي عناصر جوهرية في العالم وهي مصدر الحياة وأصل صيرورة التقدم والتطور ولايمكن ايقافها بأي شكل من الأشكال !!، فالكرد يعيشون اليوم “فواتا” قوميا ويعيشون في مرحلة تخطتها الشعوب الأخرى لأن هذه الشعوب فرضت نفسها وساهمت في صياغة العصر الذي نعيشه الآن …!!!،فالأرض التي تقيم فيها “الإدارة الذاتية الديمقراطية” لا تخص فئة أو جماعة أو حزبا بل تخصّ من يقيم عليها إدارة ومعارضة وإذا كان حزب أحمد هو من يدير شؤن الناس الآن لأسباب متعددة  !! فعليه أن لا يفرق بين أحد لدينه أو قوميته أو طائفته أو آرائه السياسية، لأن اللعبة الديمقراطية ستبدأ مع مرحلة الاستقرار والانتهاء من هذه الحرب المجنونة  وقد تمسك قوى أو أحزاب أخرى زمام السلطة، فهل على حزب السيدة أحمد حينها أن يغادر أرض كردستان ..؟!!

إن اللغة “الالغائية” للسيدة أحمد لا تبعث على الارتياح ولا تساعد على التقارب وتوفير فرص الحوار !!وتسيء إلى التعايش وتهدد المجتمع بتمزقات وبمستقبل قد يسوده العنف، لابل تخلق التنافر والتباعد وتكرس الانقسام داخل المجتمع الكوردي نفسه ؟، فأحمد مطالبة ككردية مناضلة وكقياديّة في حركة لها وزن وتأثير بالعمل على تنقية الاجواء واستعادة الثقة وتوفير أسباب اللقاء بين أطراف الحركة الكوردية السورية وايجاد الحلول وابتكار آليات قد تساهم في رصّ الصفوف و تكاتف المجتمع وهذا الامر يستوجب عملا رزينا وصبورا، لأن الكرد يواجهون اليوم مخاطر جديّة وحقيقية وما القصف الذي جرى لمواقع حزب العمال الكردستاني مؤخرا إلا بداية لهذه المخاطروقد تحدث أمور أخرى مشابهة لاستهداف ما تحقق من منجزات  قد لا ترضي “البعض “وقد لا يجدونه كرديا، لكنها باعتقادي تمثل مرحلة متقدمة من العمل وهي كافية أن توفرت الإرادة والوحدة الكوردية لتطويرها وإيصالها إلى صيغ أرقى تتناسب مع ما كان يطمح إليه الشّعب الكوردي السوري من حلول للقضية الكوردية في سوريا.

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 26 بتاريخ 2015/9/1

 

 

مقالات

التعليقات مغلقة.