في تيه الكوردي ..وشرعيته الضالة !!! قراءة في بعض تصريحات عبد الحميد درويش الاخيرة

37

أكرم حسين1

الجزء الثاني

خاص”Buyerpress”

لا شك ان درويش كلما افل نجمه وخفت اضواءه، ، لم يعدم وسيلة لاستعادة الاضواء وجعل الاخرين يدورون في فلكه ،لخبرته الطويلة بالسياسة الكوردية ودهاليزها ، يعرف”من اين تؤكل الكتف”، احد المؤسسين للحزب الكوردي السوري ،يتربع على عرشه منذ السبعينات ، لابل على عرش الحركة الكوردية برمتها ، بغياب منافسه وعدوه اللدود صلاح بدر الدين ،الذي تصدر قيادة التيار القومي الديمقراطي في الحركة الكوردية لفترات طويلة ، واذ كان الحل السياسي بالنهاية هو المخرج الوحيد لما يجري في سوريا ،لوقف نزيف الدم وتخفيف معاناة السوريين ، جراء الصراع المسلح بين النظام والفصائل المسلحة ، للانتقال من دولة الاستبداد والاستئثار الى دولة وطنية حديثة ، فان هذ الحل لا بد ان يستند الى بيان جنيف1 وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة ، ولا يمكن للكورد بمفردهم محاورة النظام ،لانهم جزء من ائتلاف قوى الثورة والمعارضة فأي حوار او تفاوض قد يحدث في المستقبل ، يجب ان يكون بالتشاور والتشارك مع هذه القوى والتي ستكون جزءا اساسيا من مستقبل سوريا ، وشريكا للشعب الكوردي في ادارة البلد واستثمار موارده.

ان توقيت اطلاق هذه التصريحات باعتقادي هو توقيت خاطئ وفي الوقت الضائع ، يأتي بعد فشل لقاء موسكو التشاوري الثاني وتقدم المعارضة في ادلب وجسر الشغور وسهل الغاب وغيرها من الجغرافيا السورية ، لذلك فالأحزاب الكوردية وخاصة المجلس الوطني الكوردي مطالب بإبداء موقفه برفض هذا الحوار ، وعدم الانجرار الى المستنقع الذي يخطط له البعض ، بتشويه التاريخ النضالي والروح الوطنية والثورية لدى الشعب الكوردي . على درويش ان يحترم الواقع الذي ينتمي اليه وان لا “يوثن “الحوار في حد ذاته ، لأنه بالتأكيد سيكون حوارا بين الطرشان ، لن يحصل منه سوى على اخذ الصور التذكارية ، لان الحل لم يعد بيد السوريين ،فالعامل السوري هو الاقل تأثيرا في الصراع الدائر اليوم .

عادة تحاول كل رؤية سياسية او ثقافية ان تؤسس لممارسة او لفعل تطمح للوصول اليها فالبؤس الممارسي هو انعكاس للبؤس الرؤي والثقافي الذي يفسره ويوجهه وقد يلجأاليه البعض في تبرير او تفسير بعض الاقوال والافعال من هنا يكتسب التأسيس الفكري والسياسي اهمية كبرى ليس لانه ينبع من حقائق العصر والواقع بل من التحديات التي يواجهها ومن هذه القضايا التي تحتاج الى تاسيس معرفي هو مفهوم الوطن والمواطنة الذي اتحفنا به السيد حميد درويش في مقالته (الكرد في المعادلة السورية ) باعتبارهما دينا او ايديولوجيا جديدة لا بصفتهما مشروعا غير منجز ينبغي ازالة الالتباس والغموض الذي يلفهما والاشكالات التي ترافقهما وخاصة فيما يتعلق بحقوق الاقليات ودورهم في الصراع الدائر الان، فدرويش يعتبرها من البديهيات التي لا تحتاج الى شرح ويدرجها في نسق ايديولوجي دوغمائي يحول كل ما يقع في دائرتها الى “ثوابت وطنية ” حتى لو سوغت للاستبداد وامدته بمشروعية وهمية ، ولذلك لا يمكن التقليل من الانتقادات التي وجهها سياسيون ومثقفون كورد خاصة في فترة صراعه مع اليسار( صلاح بدر الدين ) والثورة الكوردية في كوردستان العراق حول مفهوم الشعب والاقلية والموقف من القيادة البارزانية والانظمة المقتسمة للشعب الكوردي وغيرها من المواضيع والقضايا التي شغلت الرأي العام الكوردي لفترات طوال الى ان وصلت الى حد الاتهام والعمالة والتخوين ..!!!فدرويش يحاول ان يقدم في مقالته الانفة الذكر سردية مثالية ومتغاضية عن الواقع الذي يعيشه الكورد بشكل خاص والسوريون بشكل عام بلي عنق الحقيقة ( الوحدة الوطنية –استقلال الوطن ..الخ) محاولا بذلك استرجاع التاريخ في جزء من مظلوميته القديمة والمستجدة دون ان يعترف بأوجاع الكورد وما جرى لهم في ظل الدولة السورية القائمة والحكومات التي تعاقبت في ادارتها قافزا على جزء من تاريخ هذه الدولة “الحديث” التي لم يشارك فيه الكورد ،وهنا اقول من حق درويش الترويج لقناعاته وان يصور الوضع كما يريد، لكن من حقي ايضا ان اخلخل تلك الصورة المزيفة التي لا توجد اليوم في الواقع ويحاول ان يقدمها في مقاربته لواقع الثورة السورية وخاصة البدايات من وجود مثال مشرق للتعايش بين مكونات الشعب السوري الا ان الوقائع الثابتة تؤكد وجود نزاع وظلم قومي ينتقص من تلك الصورة الايجابية التي رسمها السيد درويش في مقاربته للوقائع والاحداث ،لان الكورد لم يحسوا بانهم ينتمون الى وطن يحقق شيئا من انسانيتهم ،ولم يشعروا يوما بهويتهم الكوردية في اطارالتعايش الذي يتحدث عنه ؟،لان الوطن ليس مجرد رقعة جغرافية او حدود سياسية معترف بها بل علاقة ايجابية بين الانسان والمجتمع والدولة ولها محتوى قانوني واخلاقي – علاقة مواطنية – بما تعنيه عضوية الفرد الفعلية في الدولة السياسية ومشاركته في الحياة العامة اي هناك علاقة جدلية بين الوطن والمواطن ولا يمكن ان يستقيم احدهما بدون الاخر

التعليقات مغلقة.