خيارات المجلس الوطني الكردي لدخول بيشمركه روجآفا إلى غربي كردستان

24

 

من المعروف أن قوات البيشمركه ومنذ بداية تشكيلها من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني تقبل بالشباب الكرد من مختلف الأجزاء، ومع الأزمة السورية ولجوء مئات الآلاف من المدنيين الكرد إلى جنوب كردستان هربا من الاشتباكات التي طالت مناطقهم أو لأسباب اقتصادية ومعيشيّة صعبة نتيجة تلك الاشتباكات، انضم المئات من الشباب الكرد من غربي كردستان إلى صفوف البيشمركه التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني, ومع زيادة عددهم تم تشكيل وحدات باسم بيشمركه روجآفا تابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني, ولكن من شباب غربي كردستان وهم يخضعون مثل كافة البيشمركه لنفس القيادات والإدارات و إن تم تشكيل قيادة خاصة بهم, ولكنهم في المحصلة تابعين لقيادة

بيشمركه الحزب الديمقراطي الكردستاني ويتلقون أوامرهم من قيادة PDK باعتبارها القيادة التي دربتهم, وتصرف عليهم الرواتب وتسلـّحهم وتدير كافة نواحي حياتهم العسكرية، و حسب اعتقادي أن أعدادهم لا يتجاوز الآلاف من المقاتلين, أما التخمينات حول وصول أعدادهم إلى 6000 مقاتل فهي تخمينات مبالغة فيها .

وهؤلاء البشمركه موجودون في مختلف جبهات الحرب في كردستان الجنوبية مثل كافة البشمركه، وقيادة الإقليم غير مستعدة للتنازل عنهم حاليا باعتبارهم يشكلون جزءاً من قواتها العسكرية التي تحمي مناطقاً في جنوب كردستان وحتى لو وافقت على الإرسال فإنها لن ترسل سوى أعداد قليلة ولن تستغني عن أغلبية هذه القوة التي صرفت عليها الأموال ودربتها لحماية أمنها.

أما مسألة تبنّي المجلس الوطني الكردي  لهؤلاء البيشمركه أو اعتبارهذه القوات تشكل قوتها العسكرية فإنه قرارشكلي وغير حقيقي, لأن المجلس الوطني الكردي ليس له أي مجهود في تشكيل هذه القوة ولم تصرف عليها الأموال, وفي الأساس هي لا تعلم شيئا عن امكانيات وقدرات هذه القوة وبالتالي ليس لها أية علاقة تنظيمية مع هذه القوة، فهي قوات تابعة لقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني, ورئيس الحزب مسعود البارزاني هو وحده من يملك صلاحية تحريك هذه القوة أو إعطاءها التعليمات والأوامر.

مسألة أخرى بالغة الأهمية, هي مسألة “مُهُمّة” هذه القوة التي يطالب المجلس الوطني الكردي بدخولها إلى غربي كردستان, هل هي الانضمام إلى وحدات حماية الشعب للدفاع عن مناطق غربي كردستان كما تطالب بها حكومة الإدارة الذاتية؟ أم أن مهمتها أن تكون قوة عسكرية  ثانية في غربي كردستان؟ وربما منافسة – إن لم نقل مضادة لوحدات حماية الشعب – كما يطالب بها المجلس الوطني الكردي؟

في الحالة الأولى أي كما يطالب حكومة الإدارة الذاتية بانضمام هذه القوات وكل القوات الوطنية الكردستانية في غربي كردستان إلى صفوف وحدات حماية الشعب, فإن مهمتها ستكون واضحة لأنها ستكون جزءاً من هذه الوحدات, وستتحرك حسب تعليمات قيادة الوحدات في كافة الجبهات. أما في الحالة الثانية أي كما يطالب به المجلس الوطني الكردي فهي ستكون قوة منافسة لهذه الوحدات وهذا خيار صعب التحقيق على الأقل حاليا لعدة أسباب أهمها أن الوحدات لن تقبل بدخول أية قوة منافسة لها إلى غربي كردستان، كما أن كافة القوى والتشكيلات المنضوية في إطار الإدارة الذاتية لن تقبل بدخول البيشمركه بدون موافقة وحدات حماية الشعب.

قد يتسائل البعض؛ لماذا لن يتم قبول البيشمركه في غربي كردستان في حين توجد العديد من القوى العسكرية الأخرى المنسِّقة مع وحدات الحماية مثل قوات الصناديد وقوى غرفة عمليات بركان الفرات وقوى عسكرية آشورية وسريانيّة أخرى ؟ والسبب باختصار أن هذه القوى العسكرية تعترف بوحدات حماية الشعب باعتبارها القوة العسكرية الأساسية التي تحمي غربي كردستان, وهي لا تخطو أي خطوة دون موافقة الوحدات، عكس المجلس الوطني الكردي وقوته العسكرية التي تبنتها, فـَهُمْ أي المجلس وبيشمركة روجآفا لا يعترفون بوحدات الحماية باعتبارها القوة العسكرية التي تحمي غربي كردستان, ومنذ تشكيل الوحدات وحتى الآن فإن المجلس الوطني الكردي و أحزابه يتهمون الوحدات بالعمالة للنظام السوري ولم يعترفوا بالإدارة الذاتية المتشكلة في غربي كردستان, فكيف يمكن القبول بقوة عسكرية لا تعترف لا بالوحدات ولا بالإدارة الذاتية؟ و كيف ستنسق هذه القوة العسكرية مع وحدات حماية الشعب وهي تتهمها بالعمالة للنظام؟

إذاً مسألة دخول البيشمركه إلى غربي كردستان بالطريقة التي يخطط لها المجلس الوطني الكردي فيها من المخاطر التي قد تتطور في المستقبل إلى اقتتال  كرديّ – كرديّ خدمة لأجندات بعض التنظيمات والقوى الإقليمية بالإضافة إلى استحالة تنفيذها في الوقت الحالي مع رفض الوحدات لأي دخول مسلح إلى غربي كردستان دون موافقتها وقد قالت الوحدات بشكل واضح” من يريد الدفاع عن غربي كردستان لينضم إلى وحدات التي تحمي هذه المناطق وقبول قوة عسكرية أخرى غير وارد.”

اذاً يبقى أمام المجلس الوطني الكردي عدة خيارات لمواجهة هذه المشكلة وهي:

1- إعادة النظر في قراره, وعدم اعتبار البشمركه قوة تابعة لها باعتبار ليس لها أي مجهود في تشكيل هذه القوة، ولا تصرف عليهم أية أموال ولا تأمن لهم أي عتاد أو أسلحة أو مواد لوجستية، والاكتفاء بأنها تنظيمات سياسية معارضة لا علاقة لها بالشؤون العسكرية.

2- اعتبار الإدارة الذاتية ووحدات الحماية كأعداء, والتحالف مع قوات من المعارضة السورية مثل جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام وجيش الفتح وإعلان الحرب على وحدات الحماية, كما تفعل تلك المجموعات المتطرفة من المعارضة السورية.

3- البقاء في وضعه الحالي المتأرجح والاكتفاء بالدعاية الإعلامية ضد وحدات الحماية والإدارة الذاتية وعدم خطو أية خطوة عملية ومحاولة الاستفادة من اقليم كردستان ومن الائتلاف والإدارة الذاتية.

4-الطلب من الإقليم للتوسط لدى الولايات المتحدة للضغط على الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب من أجل قبول البيشمركه كقوة ثانية في غربي كردستان.

5-الاعتراف بالإدارة الذاتية والمشاركة في هذه الإدارات والانسحاب من الائتلاف والتنسيق مع وحدات الحماية من أجل انضمام كافة الشباب الكرد إلى وحدات الحماية لحماية غربي كردستان، وهذا هو الخيار الأصح الذي يخدم غربي كردستان ويخدم المجلس الوطني الكردي أيضا ويخدم البيشمركه والوحدات أيضا، ولكن لا أعتقد أن قيادة المجلس الوطني الكردي ستفكر بهذا الخيار حاليا، وهي ربما ستتأرجح بين الخيارات الأربعة الأولى قبل أن تفكر بالخيار الأخير .

 

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 24 بتاريخ 2015/8/1

 

التعليقات مغلقة.