قصص قصيرة جدا

28

 

 

11749271_897513023662465_799559583_n
محمود عبد الرحيم الرجبي

سرعة زائدة

كان يبحث في كلِّ النساء عن امرأة واحدة، يحفظ ملامح وجهها الذي تسلل إلى أحلامه مرغمأً !!

ظلَّ يبحث عنها في كلِّ الصور وفي كلِّ الحكايا، سافر بين الحقيقة والخيال في وجوه القادمين والمغادرين في محطات الحياة والدروب التي لا تنتهي !! بحث عنها في المقاهي، في الجبال، في البحار، في جيوب الآخرين وفي خزائن ذكرياتهم المغلقة !! لم يجدها رغم تعب الجنون وسخرية المسافة والدهشة الجارحة!! هي مَنْ جاءت إليه وحدها، أخبرته عن أحلامها به، وأنها تبحث عنه منذ الأزل !! أخبرته أنها كانت تجري وراءه كلّ يوم وفي كلّ مكان، وأنه أطفأ نيران الجنون في قلبها، وأنها ركضت خلفه حتى ذابت شموع صبرها، وأنها نادت عليه حتى رفضت فراشات الصدى إعادة كلماتها !!

– لو نظرت خلفك مرة واحدة لرأيتني لو توقفت قليلاً لسمعتني.

بكى كثيراً من شدة الفرح وهو يحضن أطياف الحقيقة الغائبة، ولكنْ.. طائر الحياة ألغى رحلته القادمة !!

عكازان:

(مَنْ ركَّب الرأس وحده القادرعلى قطعها!!) كان يُردد هذه الكلمات دائما كلما واجهته مشكلة لا يصلح جدارها للقفز!! شخير القلق يمنعه من النوم، ورائحة الهموم محاولة خنقٍ فاشلة!! (اللجان وسيلة لتوزيع الفشل على الجميع، وكي يحصد النجاح شخص واحد فقط!!) قال لنفسه ونظر إلى الفراغ بيأس!! الفجر يمشي على عكازين والخوف مكابح معطلة !!

في الصباح.. قدَّم رأسه طائعا للمقصلة!!

حزن

بانكساري, زاد عقد ضحاياك لؤلؤة جديدة !!

 

رائحة

عيد غيابكِ العاشر, السريرُ يفوح بك !!

الماضي

حراثةُ أرضكِ مستحيلةٌ, أفسدتها صخور الذكريات !!

خيانة

السريرُ مزدحمٌ بالنساء وأنتِ وحدكِ جانبي !!

فشل

اعتقلته شرطةُ الزمن, لم يستطعْ قتلَ البريئةِ الصغيرةِ, التي ستكبرُ وتُصبح زوجته !!

جهل

كوكبٌ خارج خارطةِ المجرات, يعتقد الكائنُ البدائيُّ, أنَّ الكونَ صُنِعَ منْ أجلهِ فقط !!

زيارة عادية

مرَّ عليهم واحداً واحداً, من غرفة إلى غرفة, كما اعتاد أن يفعل  كلَّ ليلة !!

إنها جولة ما بعد منتصف الليل, أغلق التلفاز في غرفة الجلوس, نقل أطفاله النائمين أمام جهاز الحاسوب وأجهزة التحكم بالألعاب ووضعهم على أسرّتهم, أعادوضع الوسادة تحت رأس ابنه الصغير!!

إنها جولة ما بعد منتصف الليل, إنها أكثر ما يُحب فعله كلَّ ليلة, فهي الشيءالوحيد الذي يمارس فيه أبوته الفائضة بكلِّ حرية !!

أنهى جولته واتجه إلى غرفة نومه .. رأى رجلاً غريباً يحتلُّ سريره وزوجته !!

(لا .. مستحيل !!) صرخ بأعلى صوته من هول الصدمة !!

ركض بسرعة باتجاه سكاكين المطبخ .. فجأةً .. توقف في منتصف الطريق .. فقد تذكر أنه مات منذ تسع سنين !!

 

نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 23 بتاريخ 2015/7/15

التعليقات مغلقة.